انتهت المهلة التي منحتها الدول العربية للولايات المتحدة للتحرك من أجل تفعيل عملية السلام دون أن تعطي واشنطن ولو إشارة واحدة باتجاه تلبية مطلبهم بالضغط على إسرائيل من أجل وقف الاستيطان الشرط الذي وضعته من أجل عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.وتكون الدول العربية قد أخطأت المغامرة بمنح مدة شهر للإدارة الأمريكية من أجل الرد على مطلبها وهي في موقع ضعف وما كان عليها أن تضيق هامش مناورتها بعامل الوقت الذي يبقى ذا حدين. كما أن الدول العربية منحت هذه المهلة وهي لا تملك خيارات للتحرك على مستويات دولية أخرى سواء على مستوى الأممالمتحدة أو مجلس الأمن الدولي. وحتى الولاياتالمتحدة التي راهنوا عليها من اجل الضغط على حكومة الاحتلال لم تعد قادرة هي الأخرى على فعل أي شيء لأنها أصبحت عرضة لضغوط اللوبي اليهودي لإرغامها على مراجعة مقارباتها لعملية السلام والتي أراد الرئيس باراك اوباما الخوض فيها في بداية عهدته قبل أن يصطدم بحقيقة النزاع وتعقيداته. واقع أكده قرار إسرائيل بمواصلة الاستيطان بوتيرة اكبر وفي القدسالشرقية مع ما للموقفين من دلالات على التعثر الذي تعرفه عملية السلام في الوقت الراهن. ولم يكن قرار حكومة الاحتلال ببيع أكثر من 3 آلاف مسكن استيطاني جديد في القدسالشرقية بداية من العام القادم إلا اكبر تحد تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين والأمريكيين وكل العرب الذين أرادوا أن يساندوا السلطة الفلسطينية في مطلبها الملح على وقف الاستيطان. والكارثة الكبرى تكمن في حال عدم تمكن أي طرف من وقف إسرائيل عند حدها وهي التي تعتزم حسب تصريحات مسؤولين في بلدية القدسالمحتلة بناء 50 ألف وحدة استيطانية جديدة في المدينة المقدسة خلال العشرية القادمة بهدف إيصال عدد السكان اليهود فيها إلى أكثر من مليون مستوطن مقابل 240 ألف فلسطيني الذين يقطنوها في الوقت الراهن. وإذا تمكن الكيان الإسرائيلي المحتل من تجسيد هذه الإستراتيجية الموضوعة على المديين القريب والمتوسط فإن إسرائيل تكون بذلك قد ابتلعت الأراضي الفلسطينية في نفس الوقت التي ستهجر فيه كل الفلسطينيين ضمن خطتها بطرد كل فلسطيني بذريعة عدم امتلاك أوراق إقامة في القدس الشريف وهو الأمر الذي شرعت فيه فعلا منذ مدة. ورغم أن إسرائيل أصبحت تعمل على المكشوف ولم تعد تخف شيئا فإن الإدارة الأمريكية التي ترعى العملية السلمية وأوهمت الفلسطينيين بوعود كاذبة لضمان استرجاع حقوقهم مازالت في موقع المتفرج على اكبر عملية استيطانية في تاريخ البشرية والزعم أنها تبذل جهودا معتبرة من اجل بعث عملية السلام ولكنها في الواقع بقيت إلى حد الآن تتابع مواقف إسرائيل التي لا تتوان لحظة في تنفيذ أقوالها إلى بإجراءات عملية. وفي الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بابتلاع المزيد من أراضي الفلسطينيين مازالت الإدارة الأمريكية بكل دوائرها تردد أن المفاوضات المباشرة هي الوسيلة الوحيدة لإنهاء النزاع مع أنهم مقتنعون أكثر من غيرهم أن العملية التفاوضية فقدت كل معنى لها مادامت الأرض الفلسطينية محل التفاوض تنهب وتستوطن والمجموعة الدولية تنظر إلى عمليات الاقتطاع المتواصلة للضفة الغربية ولعمليات هدم مساكن الفلسطينيين في القدسالمحتلة واستيطانها. وعندما عجزت الولاياتالمتحدة في رعاية العملية التفاوضية لم تجد هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية من طريقة للتنصل من مسؤولياتها سوى القول أنها مع فكرة إقامة دولة فلسطينية على حدود سنة 1967 ولكن بإضافة عبارة اقتطاع أراضي منها واستبدالها بأخرى تماما كما تريد إسرائيل ذلك. وهي خلاصة الفشل التي أكدت عليها كلينتون بعد سبع ساعات من المفاوضات مع الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اول امس من خلال صياغة بيان مشترك أكد على حدود 67 وفقط. وانتقد صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين لغة هذا البيان ورفضه لطريقة تعبير البيان ان الهدف الفلسطيني يبقى فقط ''تحقيق دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على أساس حدود 1967 مع تبادل متفق عليه''. وأكد أن ''الهدف الفلسطيني هو دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية وليس على أساس حدود .''1967