ينتظر أن يقوم جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي بزيارة إلى الشرق الأوسط بداية الشهر القادم في مهمة لإحياء محادثات السلام المتعثرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وسيجتمع نائب الرئيس الأمريكي في هذه الزيارة التي تبدأ في الثامن مارس بالمسؤولين الإسرائيليين وقيادة السلطة الفلسطينية قبل التوجه إلى مصر والأردن يبحث خلالها القضايا الثنائية والإقليمية والتركيز بصفة خاصة على مسار السلام وآليات استئناف جولاته المعطلة منذ أكثر من عام. وتدخل التحركات المكثفة لمختلف المسؤولين الأمريكيين في المنطقة العربية في سياق رغبة إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما إقناع إسرائيل والفلسطينيين بالعودة إلى الطاولة مجددا لبحث قضايا الوضع النهائي التي بقيت مجمدة منذ حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي المغادر ايهود اولمرت. وتزامن الكشف عن هذه الزيارة في نفس الوقت الذي تتواجد فيه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في المنطقة حيث بحثت مع مسوؤلين فلسطينيين وقطريين وسعوديين سبل تحريك عملية السلام المتوقفة. وذهبت هيلارى كلينتون في درجة تفاؤلها بإمكانية تحريك عملية السلام إلى حد التأكيد أن العام الجاري سيكون عام سلام في منطقة الشرق الأوسط. تفاؤل لم يتأخر وزير الخارجية الإسرائيلي اليميني المتطرف افيغدور ليبرمان في القول أنه من يعتقد في إمكانية تحقيق السلام على أرضية "الأرض مقابل السلام" واهم في رد صريح على تصريحات هيلاري كلينتون ورفضا لدعوة المسؤولين الفلسطينيين للإدارة الأمريكية من اجل الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود حرب جوان 1967. ورسالة ليبرمان واضحة أيضا باتجاه الرئيس الأمريكي نفسه الذي سبق لوزير الخارجية الإسرائيلي أن وقف في وجه موقفه عندما اعتبر أن سياسة الاستيطان تبقى العقبة الرئيسية أمام إقامة السلام في الشرق الأوسط وجعلت ليبرمان يؤكد أن لا احد من حقه أن يملي على الحكومة الإسرائيلية ما يجب أن تقوم به. وكان وقع التصريح مباشرا على الرئيس اوباما الذي تراجع أياما بعد ذلك على موقفه واضطر إلى إيفاد وزيرة خارجيته من اجل طمأنة الحكومة الإسرائيلية من خلال تصريح سحبت من خلاله شرط وقف الاستيطان لاستئناف مفاوضات السلام وذهبت هيلاري كلينتون بدلا من ذلك إلى الضغط على الطرف الفلسطيني من اجل العودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة. وهو التراجع الذي جعل الطرف الفلسطيني في قفص الاتهام بعرقلة استئناف المفاوضات وعادت إسرائيل وفق المنطق الأمريكي الجديد وكأنها هي الباحثة عن السلام. وهي الوضعية التي تدفع إلى التساؤل عن الهدف من جولة جو بايدن إلى المنطقة وقد فقد التحرك الأمريكي كل معنى له من منطلق انه يريد استرضاء إدارة الكيان الإسرائيلي المحتل على حساب الحقوق الفلسطينية. وأدى الانقلاب الأمريكي إلى إضعاف موقف السلطة الفلسطينية التي اضطر رئيسها محمود عباس إلى القيام بجولات مكوكية إلى عدة عواصم دولية وإقليمية من اجل البحث عن سند لطلب وقف الاستيطان الذي افقد عملية السلام من معناها. ويبدو ان الرئيس الفلسطيني لم يجد آذانا صاغية لمساعيه لدى مسؤولي الدول التي زارها والتي تزداد اقتناعا أن كلمة الفصل تعود إلى الولاياتالمتحدة عندما يتعلق الأمر بقضية السلام في الشرق الأوسط التي تبقى في صلب اهتماماتها الاستراتيجية .