أكد وزير المجاهدين السيد محمد الشريف عباس أول أمس بمجلس الأمة، أن كتابة تاريخ الثورة الجزائرية لا يزال رهينة بعض التجاذبات وبعض المغالطات التي يحاول البعض تسريبها للتشكيك في التضحيات الجسام لجيل الثورة وهو ما جعل الوزارة تأخذ سلسلة تدابير لحماية التاريخ من التشويه. وقدّم الوزير في رده على سؤال شفوي حول كتابة التاريخ طرحه عليه أحد أعضاء مجلس الأمة شرحا مفصّلا حول العمليات التي شرعت الوزارة في تنفيذها، من أجل دعم كتابة التاريخ وحماية الذاكرة الجماعية للجزائريين، وأوضح أن سلسلة تلك التدابير جاءت لقطع الطريق أمام محاولات تهدف إلى تسريب مغالطات، الغاية منها التشكيك في التضحيات الجسام التي قام بها أبناء الجزائر خلال الثورة أو خلال كل مراحل الكفاح ضد الاستعمار سواء خلال الثورات الشعبية أو تشكل الحركة الوطنية. وأشاد الوزير في هذا السياق ببعض الكتابات ''الجريئة'' التي جاءت لتدحض نظريات ''متوهمين بأنه يمكن مغالطة الناس، بل كل الناس وفي كل الأوقات''، وذكر أن ''دسائس'' هؤلاء لم تفلح في تحقيق أهدافها. ولم يحدد الوزير هوية أي طرف يقف وراء هذه الحملات الرامية إلى تشويه التاريخ، ولم يوضح إن كان الأمر يتعلق بجهات داخلية أم خارجية. وسجل الوزير في سياق حديثه عن الأعمال المنجزة لتخليد تاريخ الثورة، اهتماما متزايدا بهذه الفترة من خلال المقالات التي تنشر في مختلف وسائل الإعلام والأشرطة الوثائقية والأفلام المنجزة، وهذا الأمر هو الذي دفع بالوزارة إلى اتخاذ إجراءات تهدف الى تحقيق إجماع وطني حول بعض المحطات التاريخية، حتى لا يتم تحريف التاريخ من جهة، وحتى لا يتحول أي عمل الى عقبة في كتابة التاريخ من جهة أخرى. وخلال جلسة علنية خصصت لطرح الأسئلة الشفوية ترأسها السيد عبد القادر بن صالح رئيس المجلس، أوضح السيد محمد الشريف عباس أن كل العمليات التي تم تنفيذها تهدف إلى توفير الظروف الملائمة لكتابة التاريخ سواء بغرض تأليف كتب أو إنجاز أعمال سينمائية. وعدّد بعض العمليات منها تسجيل شهادات حية وتكثيف اللقاء بين المجاهدين، وطبع أعمال مؤرخين وجامعيين، وإنشاء متاحف جهوية وملحقات على مستوى الولايات، ودعوة باحثين في التاريخ لتنشيط ندوات تاريخية وطنية ودولية، وإنجاز بعض الأعمال التاريخية الهامة مثل العمل السينمائي الضخم المخلد للشهيد مصطفى بن بولعيد. وضمن هذا المنظور، أعلن عن برنامج واسع يهدف إلى إنجاز أعمال سينمائية ضخمة لتخليد روح الشهداء وعظماء الثورة التحريرية. وعرّج الوزير على مضمون المادة 57 من قانون المجاهد والشهيد التي تمنح الوزارة آلية قانونية للتحكم في عملية عرض ونشر النصوص والمؤلفات المسموعة والمكتوبة والمصورة ذات الصلة بالثورة، حيث أكد بأنه ''تم إعداد نص تنظيمي يوضح كيفيات تنفيذ هذه المادة''. وقال في هذا الشأن، أن هذا النص ''يقضي بإنشاء لجنة تسعى ضمن عملها إلى تشجيع الإنتاج والبحث والرفع من وتيرتهما''، مشددا في هذا السياق حرص الوزارة على ''ألا تكون اللجنة آلية لكبح المبادرات ومصادرة إرادة الكتابة والإبداع''. وأوضح أن دور اللجنة ينصب في ''ضبط وتمحيص المعلومات والحيلولة دون تسرب المغالطات، والأفكار التي تشيد بالكولونيالية وتحرّف الوقائع إن وجدت''. وأضاف أن مضمون المادة الخامسة من مشروع قانون السينما الذي تم التصويت عليه مؤخرا بالمجلس الشعبي الوطني في انتظار عرضه على مجلس الأمة، سيمنح وزارة المجاهدين إطارا آخر لمراقبة كافة الأعمال السينمائية بما يخدم الذاكرة الجماعية. وتشير المادة الخامسة من المشروع إلى أن انجاز عمل سينمائي يخص الثورة التحريرية، بحاجة إلى ترخيص مسبق من وزارة المجاهدين التي لها حق الاطلاع على مضمون المشروع والتحقق من أنه لا يمجّد الاستعمار.