وزير التكوين والتعليم المهنيين يشرف من البليدة على الدخول التكويني لدورة فبراير    بهجة العمالي تشارك بجنوب إفريقيا في الاجتماع المشترك لمكتب البرلمان الإفريقي    مجلس الأمن يعتمد قرارا يدين الهجمات في جمهورية الكونغو الديمقراطية والاعتداء على المدنيين    تقديم العرض الشرفي الأول لفيلم "من أجلك.. حسناء" للمخرج خالد كبيش بالجزائر العاصمة    الطارف : انطلاق التربص التكويني لمدربي كرة القدم FAF1 بالمركب الرياضي تحري الطاهر    شبكة وطنية لمنتجي قطع غيار السيارات    تعديل في نظام تعويض أسعار القهوة الخضراء المستوردة    اقتناء "فيات دوبلو بانوراما" يكون عبر الموقع الإلكتروني    اجتماعٌ تنسيقي بين وزير السكن ووزير الفلاحة والتنمية الريفية    ربيقة يشارك في تنصيب قائد جيش نيكاراغوا    رهينة إسرائيلي يقبل رأس مقاتلين من كتائب القسام    معركة فوغالة كانت بمثابة القيامة على جنود العجوز فرنسا    بوغالي يلتقي اليماحي    جنازة نصر الله.. اليوم    القانون الأساسي لموظفي التربية    نثمن الانجازات التي تجسدت في مسار الجزائر الجديدة    اتحاد التجار يطلق مبادرة لتخفيض أسعار المنتجات الغذائية    باتنة: الدرك الوطني بوادي الشعبة توقيف عصابة تنقيب عن الآثار    خنشلة: الأمن الحضري الأول يوقف شخص تورط في قضية النصب    جائزة التميّز للجزائر    هناك جرائد ستختفي قريبا ..؟!    هذا جديد مشروع فيلم الأمير    سايحي يتوقع تقليص حالات العلاج بالخارج    الجزائر المنتصرة تفتخر بانجازاتها العظيمة اليوم وغدا    رئيس مجلس الشيوخ المكسيكي يجدّد دعمه للجمهورية الصحراوية    احتجاجات تعمّ عدة مدن مغربية    الإجراءات الجمركية مطبّقة على جميع الرحلات    تكنولوجيا جديدة لتقريب الطلبة من المحيط الاقتصادي    تعزيز المطارات بأنظمة رقابة رقمية    عشرات الأسرى من ذوي المحكوميات العالية يرون النّور    المجاهد قوجيل يحاضر بكلية الحقوق    وفد من المجلس الشعبي الوطني يزور صربيا    اعتماد 4 سماسرة للتأمين    مستفيدون يُجرون تعديلات على سكنات تسلَّموها حديثاً    مبادرات مشتركة لوقف إرهاب الطرق    نادي ليل يراهن على بن طالب    مولودية الجزائر تطعن في قرار لجنة الانضباط    دراجات/الجائزة الدولية الكبرى لمدينة الجزائر: ياسين حمزة (مدار برو سيكيلنغ) يفوز بنسخة-2025    استعمال الذكاء الاصطناعي في التربية والتعليم    تراث مطرَّز بالذهب وسرديات مصوَّرة من الفنون والتقاليد    رضاونة يجدّد دعوة ترسيم "الأيام العربية للمسرح"    مدرب مرسيليا الفرنسي يوجه رسالة قوية لأمين غويري    العاب القوى/الملتقى الدولي داخل القاعة في أركنساس - 400 متر: رقم قياسي وطني جديد للجزائري معتز سيكو    الأولمبياد الوطني للحساب الذهني بأولاد جلال: تتويج زينب عايش من ولاية المسيلة بالمرتبة الأولى في فئة الأكابر    كرة القدم/رابطة 1 موبيليس (الجولة 17): نادي بارادو - مولودية الجزائر: "العميد" لتعميق الفارق في الصدارة    رئيس الجمهورية يدشن بتيبازة مصنع تحلية مياه البحر "فوكة 2"    عرض النسخة الأولى من المرجع الوطني لحوكمة البيانات    صِدام جزائري في كأس الكاف    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    أنشطة فنية وفكرية ومعارض بالعاصمة في فبراير احتفاء باليوم الوطني للقصبة    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقدان البصر المفاجئ يقلب حياة البالغ رأسا على عقب
التكوين المختص.. حل فعال للخروج من العزلة
نشر في المساء يوم 10 - 01 - 2011

فجأة يسدل الستار على نعمة وهبها الله سبحانه وتعالى لعبده منذ ولادته، فينقلب النور إلى ظلام، ويأخذ الضباب مكان الوضوح... تصبح الخطوة بمثابة ثقل يزن وزن الجبال، فتكون العزلة والوحدة مصيرا حتميا... ذلك أقل ما توصف به حالة المصاب بمرض قصر النظر المتأخر، وهو الشخص البالغ الذي يفقد بصره فجأة، ويحصى منهم 160 ألفا بالجزائر.
جميعنا يعرف ما يعانيه المكفوفون، لاسيما إذا كانت إعاقتهم تمتد إلى أولى سنوات عمرهم، فبعض الأطفال قد يولدون بإعاقة بصرية وبعضهم الآخر قد يتعرضون لهذه الإعاقة لأسباب مختلفة، منها الإصابة بمرض. في هذه الحالة تبدأ العائلة بالتعامل مع هذا الظرف بتوجيه ابنها إلى المدارس والمراكز المتخصصة التي تتوفر عليها الجزائر، كما تعود طفلها ونفسها على التعامل مع هذه الإعاقة، التي بالتأكيد سيتعود عليها المحيط الداخلي والخارجي بمرور السنوات.
لكن أن يفقد شخص بالغ بصره فجأة بعد أن كان بصيرا متنعما برؤية الحياة والعباد، بعد أن كان شخصا عاديا يمارس حياته بصفة عادية ويطمح إلى تحقيق أحلامه كغيره من الناس، فإن الأمر يختلف تماما.
ذلك ما أراد السيد عبد الغني عبدوش رئيس جمعية ''اتحاد الفرانكوجزائريين باللورين'' توضيحه والتأكيد عليه في تصريحات أدلى بها لنا على هامش يوم دراسي تم تنظيمه مؤخرا حول ''التقويم البصري للمصابين بالقصر البصري'' .
فالسيد عبدوش ليس مجرد رئيس لهذه الجمعية، ولكنه إنسان فقد بين عشية وضحاها بصره وهو في التاسعة عشر من العمر، ومعه فقد كل أمل في الحياة، لأنه وهو شاب في هذا العمر لم يستطع تحمل الظلمة التي أحاطت به فجأة، فآثر في البداية الانعزال، وكانت ''الوحدة'' المصير المحتم، بعد أن فقد كل شيء.. الدراسة، والأصدقاء وبالخصوص الاستقلالية في الحركة التي كانت بالنسبة له ''أمرا بديهيا''.
يقول في هذا السياق ''شعرت حينها وكأن ستارا نزل على عيني، كنت أخاف أن أخطو خطوة، لذا أحس اليوم بكل مايعانيه من هم في مثل حالتي، عانيت خصوصا من مشكل الوحدة، لأنني كنت مضطرا للبقاء بالبيت، والأدهى من ذلك أنني عانيت من مشكل الاستقبال على مستوى المحيط الخارجي، ففي الواحدة والعشرين من عمري أي في عز الشباب لم يكن بوسعي أن أفعل شيئا'' .
ويحمد محدثنا الله على ''نعمة'' العائلة، لأنها كانت المنقذ له من الضياع، فهي وبكل بساطة ''عائلة متضامنة''، لم يتردد أعضاؤها في التضحية بوقتهم من أجل مرافقته بعد أن فقد استقلالية الحركة وحرية الانتقال من مكان إلى آخر، ليس هذا حال كل الذين يعانون من قصر البصر المتأخر الذي يعاني الكثير منهم باعتراف السيد عبدوش من وحدة قاتلة بسبب غياب مثل هذه الإعانة العائلية، فضلا عن غياب الإعانة الخارجية، التي من المفروض أن تتكفل بها الجمعيات المختصة.
والمستمع لحكاية السيد عبدوش يقول فعلا إنه محظوظ، لأنه تمكن أولا من إيجاد عمل رغم إعاقته، وهنا يصر على القول إن رغبته الأكبر هي خدمة الجزائر بتجربته الثرية، لأنه يحس بالامتنان تجاه بلده الذي أعطاه الكثير، وهو بذلك يبعث كذلك برسالة أمل لكل الذين يعانون مثله.
ومن الجزائر انتقل الى فرنسا حيث درس وتحصل على شهادة الليسانس بعد أن تعلم تقنية البرايل وكذا استخدام الإعلام الآلي، إضافة الى استخدام ''العصا''.
ويتوقف عند حكايته مع العصا حيث كان استخدامها بالنسبة له أمرا مرفوضا تماما ''فالمريض عادة لايتقبل مرضه ولا إعاقته''، لكن متخصصا فرنسيا استطاع أن يغير منحى حياته بعبارة واحدة، قال له فيها ''تعلم كيفية استخدامها وإذا كرهت منها ارمها في القمامة''
لكن بعد أن تعلم تقنيات استخدام عصا المكفوفين وأدرك أهميتها في ''تخفيف وزن خطواته'' وكذا في تمكينها إياه من استرجاع جزء من استقلاليته المفقودة، عاد عند المختص الفرنسي ليسأله ''قل لي من فضلك أين ترمى العصي حتى أجمعها وأعطيها للمحتاجين إليها، لأنها فعلا وسيلة تحرر للمكفوف''، وبإرادة قوية لم يكتف محدثنا باستخدام الكمبيوتر والعصا، بل تعلم السير بالدراجة وتمكن من قطع ثلاث كيلومترات على متنها وحده.
لكنه بالمقابل يدرك أن ليس كل المصابين بقصر النظر المتأخر يمكنهم الانتقال إلى فرنسا والاستفادة من التقنيات المتطورة للتأهيل الوظيفي للبصر هناك، ولذا أسس الجمعية، وهو يحمل حلما عزيزا على نفسه وهو إنجاز مركز للتقويم البصري وإعادة التأهيل الوظيفي الأول من نوعه في الجزائر وإفريقيا.
فقد كان يحز في نفسه افتقاد الجزائر لهذا المركز ولاختصاصيين في تقويم البصر، وهو مايحد من قدرة المصابين بذلك المرض من تجاوز إشكالية الوحدة وغياب الاستقلالية، مما يرهن حظوظهم في الاندماج مجددا في محيطهم الأسري والمجتمعي.
ويضرب هنا مثلا بربات البيوت إذ يقول ''الكثير من ربات البيوت اللواتي يتعرضن لمشكل قصر البصر، ينتهي بهن المطاف إلى عزلة تامة، بينما وضع أسس اختصاص تقويم البصر وإقامة المركز سيسمح بتعليمهن كيفية الطبخ والقيام بكل الأعمال المنزلية وحتى الخياطة لكن بطرق أخرى، وهو ماسيمكنهن من الاندماج مجددا في حياتهن العادية''.
في هذا الإطار وبالتعاون مع مديرية التكوين لوزارة التضامن الوطني والأسرة، تم الشروع في تكوين مكونين في اختصاص التقويم البصري بالتعاون مع خبراء فرنسيين، وذلك لتوفير الأرضية البشرية للمركز الذي قررت وزارة التضامن تمويل إنجازه في القريب العاجل، حتى يكون نموذجا يعمم بعدها إلى ولايات أخرى. واختير لموقعه ان يكون قريبا من مدرسة المكفوفين بالعاشور بغية إحداث تكامل حتى وان كان مايحتاجه الطفل المكفوف يختلف عما يحتاجه الشخص البالغ الذي يفقد البصر فجأة، وهنا يعود السيد عبدوش للتأكيد بأنه من غير العادي أن يستفيد المكفوف والذي يعاني من قصر في البصر من نفس التكوين لاختلاف الحالتين، كما أنه يتأسف من التكوين المقدم حاليا للأطفال المكفوفين والذي يفتقد لأساسيات منها عدم تعليم الطفل كيفية استخدام العصا، ويذكر في السياق حادثة وفاة كفيف كان يقطع الطريق بدون عصا، ودهسته شاحنة لم يدرك صاحبها إعاقة الضحية.
وفي شهادة أخرى يقول الشاب أمير مرنيز الذي يعاني من قصر بصر قوي قد يؤدي الى فقدانه البصر تماما في غياب التكفل به ''أتمنى أن لاتدوم مشكلتي التي تعيقني في دراستي الثانوية، باجتماعنا أكيد سنجد الحلول للمشاكل المطروحة ونواجهها، وأؤكد أن كل من يعاني من قصر البصر يملك إصرارا وإرادة أكثر من الآخرين'' .
الارادة عنوان كبير لكل من يعاني المرض والإعاقة، ويبقى الأمل قائما في التعليم والتكوين الذي يجعل من المستحيل ممكنا، وهي رسالة كل المختصين لكل المعذبين في الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.