يقترح قصر الثقافة ''مفدي زكريا'' على هواة التاريخ والحضارات القديمة سفرا إلى الماضي البعيد وبالضبط إلى الحضارة الفينيقية، التي تركت بصمات خالدة في شمال إفريقيا، وبالأخص الساحل الجزائري، وذلك من خلال معرض ''الفينيقيون في الجزائر، طرق التجارة بين البحر الأبيض المتوسّط وإفريقيا السودا''. بسط قصر الثقافة ''مفدي زكريا'' ذراعيه منذ الخميس الماضي، ليمدّ جسورا تاريخية ويؤسّس فضاء لمحاكاة الفترة الفينيقية التي مرّت على الجزائر، عبر معرض يرعاه رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، ونظيره الإيطالي، جورجيو نابوليتانو، ويقترحه المجلس الوطني للبحث الإيطالي بالتعاون مع وزارة الثقافة الجزائرية، تدعيما للأواصر الثقافية البينية وتجسيدا لاتفاق التبادل الموقّع عام .2006 معرض ''الفينيقيون في الجزائر، طرق التجارة بين البحر الأبيض المتوسّط وإفريقيا السوداء''، يضمّ 253 تحفة متنوّعة تشكّل فسيفساء من التحف والأدوات الأثرية المتنوّعة، تعكس العلاقة التي نسجت بين السكان النوميديين والبحارة الفينيقيين القادمين من الشرق بحثا عن المواد الأولية، وسيكتشف الجمهور الجزائري آثارا استقدمت من مختلف المتاحف الوطنية والجهوية من عدة مدن جزائرية، على غرار عنابة، قالمة، جيجل، سطيف، تيبازة، وهران وعين تيموشنت. وتمّ اكتشاف التحف الثلاثة والخمسين بعد المائتين التي سيتم عرضها، خلال مختلف الحفريات الأثرية التي تمت على مستوى المقابر والمعابد في عديد المواقع الأثرية الموجودة بالمدن التي أقام بها الفينيقيون وكالات تجارية أو مراكز تبادلات، وهي عبارة عن أدوات بمختلف الدعائم الأثرية كالتماثيل الصغيرة والأدوات الجنائزية مصنوعة من البرونز، الذهب، الفضة، العاج وغيرها من المواد الأثرية. المعرض يعدّ مساحة لإبراز الثقافة الفينيقية في الجزائر، حيث يمتدّ تطوّرها من نهاية القرن السادس إلى القرن الأوّل قبل الحقبة الغريغورية، سواء في دورها كهمزة وصل بين عالم شمال إفريقيا وأوروبا، أو في إطار تثمين الحضارات النوميدية المحلية، كما يهدف إلى إبراز الثقافة الفينيقية بالجزائر وتسليط الضوء على الروابط المتفرّدة التي نسجت بين الشعوب النوميدية والبحارة الفينيقيين القادمين من المشرق. ويقترح المعرض الذي سيحطّ رحاله بروما ثم إسبانيا، كما ينوي المنظمون أن يشارك بفرنسا ضمن فعاليات ''مرسيليا عاصمة للثقافة الأوروبية عام ,''2013 يقترح الغوص في حضارة الفينيقيين في الجزائر الاستثنائية وغير المعروفة، والناتجة عن ثقافات مختلفة تحت مظاهر متعدّدة ثقافيا، إنسانيا واجتماعيا، كما سيسمح للجمهور الجزائري بإعادة اكتشاف تراثه ضمن السياق المتوسّطي الواسع. ويعدّ غنى التبادلات والتفاعل الثقافي بين الشعوب النوميدية والفينيقيين، نقطة تميّز هذا المعرض - المموّل من قبل وزارة الخارجية الإيطالية - الذي يعتمد أساسا على معيار إعادة البناء العلمي المثمر المنتهج من قبل فريق عمل جزائري - إيطالي يعود بالأساس إلى عام 2006 وكانت البداية من مدينة شرشال، ليبدأ العمل الفعلي منذ 2008 وتبعتها عمليات علمية مقنّنة ومدروسة. ويتصاعد مسار المعرض بين بحرين، ''البحر الأبيض المتوسّط'' و''بحر الرمال'' للتأكيد على موقع الجزائر ''أرض الوسط'' الإستراتيجي بين العالم المتوسّطي والعالم الإفريقي، وقسّم هذا المعرض إلى ثلاثة أقسام أساسية، الأوّل مخصّص للحوض المتوسّطي والعلاقات بين الشرق والغرب، والثاني مفرد لمعالم ومميّزات الجزائر الفينيقية - البونيقية، أمّا الثالث فموجّه للجمهور الصغير عبر مسار خاص بهم يبرز المظاهر الأساسية لهذه الحضارة بلغة مبسّطة. كما تمّ بمناسبة هذا المعرض انجاز فيلم وثائقي يعرض طوال أيام هذه التظاهرة حول الفينيقيين في الجزائر-.