أعلنت مصادر رسمية في مصر أمس السبت استقالة هيئة المكتب السياسي للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم الذي يشكل الهيئة التنفيذية للحزب من بينهم صفوت شريف وجمال مبارك. وأضافت انه تم تعيين حسام بدرواي أمينا عاما للحزب وللجنة السياسات خلفا للسيدين شريف وجمال مبارك. وتضم هيئة مكتب الحزب السابق إلى جانب صفوت شريف زكريا عزمى الأمين العام المساعد للشؤون المالية والإدارية والتنظيم والدكتور مفيد شهاب الأمين العام المساعد للشئون القانونية وجمال مبارك الأمين العام المساعد وأمين السياسات بالحزب والمستشار ماجد الشربيني أمين التنظيم وعلي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني. وكان رجل الإعلام الشهير احمد عز قد استقال منذ عشرة أيام من الحزب حيث قررت النيابة العامة منعه من السفر وتجميد حساباته إلى جانب عدد من الوزراء ك''إجراء وقائي''. وقالت النيابة أن القرار جاء استكمالا لما تقوم به من اتخاذ الإجراءات الاحترازية ضد بعض المسؤولين الذين سبق للنيابة العامة أن تلقت بلاغات ''تناولتهم بشأن جرائم الاعتداء على المال العام''. ويرى الملاحظون أن هذه الاستقالة تسعى إلى توجيه رسائل ''ايجابية'' إلى مطالب المتظاهرين وقوى المعارضة التي اتهمت قيادة الحزب الحاكم بأنها وراء ''تأزم'' الوضع خاصة بعض الانتخابات التشريعية الأخيرة وما صاحبها من ''تزوير واسع''. وعلى الصعيد الميداني يبدو أن قيادات الجيش المصري بدأت تضيق ذرعا من حالة الاحتقان التي تطبع الساحة السياسية المصرية منذ أسبوعين بسبب اشتداد القبضة بين رئيس رافض لكل فكرة لمغادرة كرسي الرئاسة وجماهير رافضة لبقائه فيه. وكشفت مصادر إعلامية أمريكية أمس أن عمر سليمان نائب الرئيس حسني مبارك وقيادات في الجيش بدأوا فعلا في بحث مختلف البدائل الكفيلة بتقليص صلاحيات الرئيس تمهيدا لإبعاده من القصر الرئاسي بطريقة دستورية. ونقلت صحيفة ''نيويورك تايمز'' نقلا عن مصادر أمريكية ومصرية مسؤولة لم تحدد هويتها أن الخيارات لم تتضمن أي دعوة باتجاه الرئيس حسني مبارك لمطالبته بمغادرة كرسي الرئاسة ولكنها تضمنت تشكيل حكومة انتقالية موسعة يقودها مدير المخابرات العامة عمر سليمان مهمتها الأولى الشروع في مفاوضات مع مختلف قيادات أحزاب المعارضة حول جملة من التعديلات الدستورية الكفيلة بتنحية الرئيس حسني مبارك. وجاءت هذه التأكيدات في نفس اليوم الذي أكدت فيه مصادر رسمية مصرية أن الرئيس مبارك التقي بعدد من وزراء حكومته وخاصة أولئك الذين يشغلون حقائب ذات صلة بالقطاعات الاقتصادية. ويعد هذا الاجتماع الأول من نوعه بين الرئيس المصري ووزرائه منذ استقالة الحكومة السابقة برئاسة احمد نظيف الأسبوع الماضي في خطوة لتهدئة الشارع الغاضب. واجتمع الرئيس مبارك مع رئيس الحكومة احمد شفيق إضافة إلى وزراء النفط والتجارة والمالية والتضامن الاجتماعي ومحافظ البنك المركزي. يذكر أن الرئيس المصري جدد في ثالث خطاب ألقاه الأربعاء الماضي منذ خروج الشارع المصري ضده انه لن يغادر منصبه وانه سيموت في بلاده رافضا بذلك كل مطالب المتظاهرين المصريين على رحيله ونظامه وأكد انه لن يورث السلطة إلى نجله الأصغر جمال مبارك. واكتفى الرئيس المصري بالتأكيد انه على استعداد لتعديل المادتين 76 و77 من الدستور من اجل تسهيل مسألة الترشيحات للانتخابات الرئاسية وكذا حل غرفتي البرلمان. وذكرت الصحيفة الأمريكية أن من بين المقترحات المطروحة والتي تضمن مخرجا مشرفا للرئيس حسني مبارك دفعه إلى البقاء في إقامته الرئاسية في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر أو الذهاب في رحلة استشفائية إلى ألمانيا كما اعتاد فعلا ذلك كل عام ولكن هذه المرة في فترة نقاهة مطولة. وإذا صدقت مثل هذه الحقائق فإن قيادات السلطة المصرية تكون قد بدأت تبدي قلقا متزايدا من استمرار حالة الاحتقان العام في البلاد لليوم الثالث عشر على التوالي مع كل الاحتمالات التي يمكن أن تترتب عن وضع غير مطمئن من كل النواحي. وبعد ''جمعة الرحيل'' الصاخب والذي اشتدت من خلاله القبضة من حول الرئيس المصري رغم ثباته إلى حد الآن فإن الشباب المصري المتظاهرين ضده لا يريدون رمي المنشفة أمام إصراره بل أن ذلك زادهم عزيمة من اجل تنظيم تجمعات مماثلة كل يوم أحد وثلاثاء وجمعة من كل أسبوع إلى غاية الإطاحة بالرئيس حسني مبارك. ويؤكد مثل ذلك أن المتظاهرين الذين جلبوا إليهم تعاطف سياسيين وقضاة وممثلين ومخرجين وأئمة لا يريدون مغادرة ساحة التحرير إلا بعد أن يحققوا أهم مطالبهم الاحتجاجية ممثلة في رحيل الرئيس مبارك ورفع حالة الطوارئ. ويبدو أن النظام المصري مازال صامدا رغم الهزة القوية التي تعرض لها لمرتين يومي الثلاثاء والجمعة الماضيين وأيضا رغم المطالب الأوروبية والأمريكية بضرورة بداية إصلاح سياسي جوهري داخل النظام المصري ''الآن''. وهو موقف اعتبره الكثير من المتتبعين لتطورات الساحة المصرية خلال الأسبوعين الماضيين أن الدول الغربية مازالت تمسك بالعصا من الوسط فلا هي مالت إلى جانب المتظاهرين وتجرأت بالتضحية بحليف لم يعد يلقى الإجماع في داخل بلاده متذرعة بعبارة ''إننا نترك مهمة التغيير للشعب المصري'' ولا هي أيدته صراحة ضد المعارضين له.