يحصي خبراء الاقتصاد عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يمكنها أن تنشط في مجال المناولة بما يزيد عن ألف مؤسسة يمكنها العمل في مجال الصناعة والصناعة الميكانيكية وقطاع البناء سواء مع شركات محلية أو أجنبية،لكن الأرقام تشير الى ان عدد المؤسسات المناولة في الوطن لا يتجاوز على الأكثر 350 مؤسسة والسبب غياب إستراتيجية وطنية خاصة بترقية المناولة على الصعيدين المتوسط والبعيد بالرغم من توفر فرص كثيرة في الجزائر غير مستغلة في المجال. تستورد الجزائر سنوياً ما قيمته 7 ملايير دولار من قطع الغيار في إطار المناولة الموجهة خصيصاً لصيانة وإصلاح آلات ومعدات الإنتاج الصناعي، وترجع هذه الفاتورة الضخمة إلى ضعف اهتمام المتعاملين الجزائريين بقطاع المناولة. في السياق كشف أمس السيد ''زعيم بن ساسي'' رئيس المجلس الوطني الاستشاري لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمنتدى ''المجاهد'' ان المناولة تعتبر حلقة مهمة في الاقتصاد الوطني كون المناولة الصناعية تشكل محورا أساسيا من استراتيجيات المنشآت الصناعية في عموم الدول الصناعية التي تمكنت بواسطة هذا الأسلوب من تنمية وتطوير اقتصادها الوطني وبالتالي رفع القدرات التنافسية في الأسواق المحلية والدولية،الى جانب تحقيق أهداف اجتماعية أهمها خلق مناصب الشغل والقضاء على البطالة.إلا ان هذا النشاط الاقتصادي (المناولة) ما يزال في الجزائر رهين عدم الاهتمام رغم سلسلة التدابير التي أقرّتها الحكومة الجزائرية لتشجيع التحاق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتيار المناولة، وترقية عمليات الشراكة مع كبار أرباب العمل، سواء كانوا محليين أو أجانب والسبب يعود الى ''غياب إستراتيجية وطنية واضحة المعالم بمشاركة كل الفاعلين الوطنيين مثل الجامعة والبنوك والإدارة لرسم معالم أساسية توضح أهداف المناولة ووضع سياسة تقضي على المشاكل الكلاسيكية التي تواجهها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لعل أهمها العراقيل البيروقراطية ومنح القروض'' يقول بن ساسي مضيفا ان الجزائر تواجه تحديين مهمين وهما اما ان تكون مستوردة وهنا فان الاقتصاد سيكون ضحية لكل ما قد ينجم عن ما يستورد خاصة الانعكاس على فاتورة الاستيراد،وإما ان تكون الجزائر دولة منتجة وهنا نشير،يقول المتحدث،الى توفر الإمكانيات المادية والبشرية في السوق الوطنية لتحقيق ذلك، يبقى المشكل يطرح في شق المناولة التي تبقى ''ضعيفة جدا فعقود المناولة المتوفرة تتجه آليا نحو الخبرة الأجنبية لاقتناء سلع وخدمات من قبل الشركات الوطنية ومنها على سبيل المثال شركة سوناطراك التي تستورد سنويا ما قيمته بين 4 و5 ملايير دولار قطع غيار عن طريق المناولة''.مثل هذا السلوك يحرم النسيج الوطني من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من النمو والاستفادة من الموارد الوطنية، بالإضافة إلى منعها من اكتساب الخبرة من خلال الممارسة،رغم أن الفرص متاحة بقطاعات عدة في مقدمتها قطاع الطاقة والصلب والصناعات الميكانيكية وقطاع البناء وأخيرا الصناعات الغذائية. ويمكن للاقتصاد الوطني ان يحقق قفزة هامة إذا ما تم الوصول الى صياغة نسق خاص بالمناولة علما ان الجامعة الجزائرية كونت في السنوات الأخيرة مليون مهندس في الإعلام الآلي ومثله في الهندسة المعمارية وعليه فانه من الأهمية بمكان استغلال هذه الطاقات في إطار تحقيق البرامج الضخمة التي أقرتها الحكومة في التنمية الاقتصادية للوطن التي تنعكس مباشرة على النماء الاجتماعي. ويعيب المختصون افتقار النسيج الصناعي الوطني إلى فرص خلق مؤسسات تشتغل في قطاع المناولة،نظرا للقدرة العالية لهذا النوع من النشاط على خلق مناصب شغل وكذا لسهولة تسيير هذا النوع من الكيانات الاقتصادية.وتفيد الأرقام المعطاة أمس بمنتدى المجاهد ان الجزائر تحصي حوالي 350 مؤسسة مناولة في الصناعة في الوقت الذي تحصي فرنسا 3400 مؤسسة مناولة يصل رقم أعمالها الى 31 مليار اورو،وتحصي اسبانيا 19 ألف مؤسسة مناولة تدير رقم أعمال يفوق 40 مليار اورو،في الوقت الذي تصل المؤسسات المناولة في المغرب الى 2000 مؤسسة تشغل 190 ألف شخص،وهي الأرقام التي تبين مدى تأخر الجزائر في ترقية المناولة بل أن معظم المجمعات الصناعية الوطنية تمنح جزءا من مخططات إنتاجها لشركات مناولة أجنبية على حساب الكفاءة ونوعية الإنتاج الوطني ما يعني المساهمة بشكل غير مباشر في تنمية المؤسسات الأجنبية وزيادة حجم البطالة في الجزائر! وحسب الخبراء فإنّ المناولة في ماهيتها هي آلية إنتاجية تمكّن من تحسين مردودية وإنتاجية المؤسسات وما يترتب عن ذلك من خلق فرص العمل بحسب التخصصات في الأنشطة الصناعية.