أكدت مصادر ليبية أمس عن سقوط عدة مدن ليبية من بينها بنغازي وسيرت والبيضاء بين أيدي المتظاهرين المناهضين للرئيس معمر القذافي وانضمام وحدات من الجيش إلى جانب المتظاهرين في نفس الوقت الذي أكدت فيه مصادر متطابقة أن عدد قتلى المواجهات الدائرة منذ الثلاثاء الماضي تجاوزت عتبة 300 شخص معظمهم من المتظاهرين. واعترف سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس الليبي في اول تدخل رسمي منذ اندلاع الاحتجاجات أدلى به ليلة الأحد إلى الاثنين أن مدن بنغازي والبيضاء في شرق البلاد سقطت بين أيدي متظاهرين في تطورات أمنية غير متوقعة مما جعله يؤكد ''أن الباب أصبح مفتوحا أمام حرب أهلية بسبب امتلاك الليبيين لأسلحة وأيضا بعد استيلاء المتظاهرين على دبابات وأسلحة ثقيلة في المدينتين المذكورتين. وكانت مصادر أكدت أن المتظاهرين تمكنوا أيضا من تحويل العاصمة طرابلس إلى مسرح للمواجهات بين القوات النظامية والمحتجين المطالبين بإنهاء حكم العقيد معمر القذافي المتواصل منذ 42 عاما. وجاءت هذه التطورات في نفس الوقت الذي أكد فيه نجل العقيد الليبي الشروع خلال اليومين القادمين بمبادرة تاريخية من اجل عقد اجتماع للمؤتمر الشعبي عام ''البرلمان'' ستتمخض عنه عدة قرارات قال انها ستفتح آفاقا للحرية وتلغي عقوبات وتضييقات كثيرة، بالإضافة إلى البدء في حوار وطني حول صياغة دستور جديد يعتمد على مبدأ العودة إلى نظام حكم محلي تكون فيه السلطة المركزية محدودة فقط. وخير النجل الأكبر للعقيد الليبي المتظاهرين بين خيارين اثنين وهما اما الانتقال الى جماهيرية جديدة سماها ب''ليبيا الغد'' تعتمد نشيدا وطنيا جديدا وعلما جديدا وإما الدخول في حرب أهلية وتقسيم البلاد وضياع خيراتها من نفط وغاز وتلف كل المكاسب التي حققناها طيلة 42 عاما''. وأكد أن ''الجيش الليبي سيتدخل وسوف لن يكون ذلك مثل الجيشين التونسي والمصري اللذان لم يتدخلا في المواجهات واكد انه سينتصر بقيادة معمر القذافي وسيتمكن من إعادة الأوضاع إلى نصابها'' رغم اعترافه ''أن الوضع خطير وان المؤامرة مدبرة من الخارج ويشارك فيها عرب وليبيين من الداخل والخارج''. ويبدو أن سياسة ''العصا والجزرة'' التي استعملها سيف الإسلام القذافي الذي قارب بين العودة إلى الوضع الماضي أو حرب أهلية واحتلال ايطالي جديد لم تجد آذانا صاغية ولم تلق التجاوب الذي كان يرجوه بعدما توسعت رقعة المواجهات والمدن التي شملتها وعدد القتلى الذين سقطوا وأيضا عدد الهيئات ومقار المؤسسات الحكومية التي تم إحراقها والاستيلاء عليها بما فيها مقرات إقامة العقيد الليبي ومقرات التلفزيون والإذاعة الليبية الرسمية وثكنات الجيش التي تم الاستيلاء فيها على ذخيرة واسلحة. ولم تسلم مقرات حكومية ومقرات الشرطة في العديد من المدن من هجمات مماثلة تمكن خلالها محتجون من السيطرة عليها والاستيلاء على الأسلحة المخزنة فيها ومقار اللجان الشعبية التي تم إحراقها عن كاملها. كما انعكست تطورات الأوضاع في ليبيا سلبا على معنويات موظفي الدولة الليبية بعد استقالة وزير العدل مصطفى محمد عبد الجليل من منصبه احتجاجا على الاستعمال المفرط للقوة ضد المتظاهرين. وكان علي العيساوي السفير الليبي في الهند استقال قبل ذلك احتجاجا على العنف الممارس من طرف قوات الأمن ضد المتظاهرين وهو الموقف نفسه الذي سلكه الممثل الدائم لليبيا في الجامعة العربية عبد المنعم الهوني بقناعة الالتحاق بالمتظاهرين والتنديد بأعمال العنف الممارسة ضد المتظاهرين وصادق المصراتي احد الدبلوماسيين الليبيين العاملين في سفارة بلاده في بكين الصينية. وفي ظل استمرار المواجهات وتوسع رقعتها إلى مختلف المدن الليبية بدأت الدول الأوروبية في ترحيل رعاياه العاملين في ليبيا وخاصة في حقول النفط في صحراء وسط البلاد التي تضم اكبر الحقول البترولية. وبدأت طائرات هذه الدول تصل تباعا إلى مختلف المطارات لإجلاء مواطنيها بعد أن عرفت البلاد تطورات متسارعة باتجاه انفلات حقيقي في وقت أكدت شركات بترولية عاملة هناك مثل بريتيش بيترليوم البريطانية وستاتويل النرويجية وايني الايطالية الشروع في إجلاء بعض موظفيها. وأعرب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أمس عن ''بالغ القلق'' إزاء الأحداث الجارية في ليبيا مطالبا بحقن الدماء ووقف كافة أعمال العنف. وأكد أن مطالب الشعوب العربية في الإصلاح والتطوير والتغيير ''أمر مشروع ومتكامل تشارك فيه مشاعر الأمة كلها''.