يوم يولد الشعر وتترجل القوافي عن صهوات الأخيلة السابحة في الإرادات المسكونة بالجنون، عندما يكتب النخيل والزيتون ميلاد الكلمات الحبلى بالوطن، يأتي درويش ليقود مسار القضية ويحمل الشمس المضيئة والدامية بين أصبعيه ويملي للعدو سجلات الانتماء »أكتب أنا عربي«، لهذا الوطن الشاعر نظمت مساء أول أمس سفارة فلسطينبالجزائر والديوان الوطني للثقافة والإعلام، حفلا تكريميا وذكرى ميلاد الشاعر الفلسطيني محمود درويش يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية حفلا بقاعة الموقار حضرته وجوه شعرية جزائرية وشخصيات ثقافية، ليكون درويش ضيف الشرف الذي لا يغادر الشعر والوطن. يوم درويش تجدد الخارطة شبابها وتفتح الأوطان أبوابها للحلم الجميل وللغد الذي طال انتظاره، الغد الذي ما تزال شموسه تصارع الظلام، وعواصفه لم تنته بعد من اقتلاع الجذور المريضة حتى تمد لجسد الأمة عافيته. في البداية كان الحفل بالنشيدين الجزائريوالفلسطيني، القسم والبلاد، ويفتتح الحفل بكلمة السيد هيثم العمري بلسان فلسطين وسفارتها بالجزائر، تحدث هيثم عن الثقافة الفلسطينية وما قدمته وتقدمه القضية الفلسطينية وما أنجبته من عمالقة أمثال معين بسيسو وطوقان وسميح القاسم وعملاق الشعر والقضية محمود درويش، درويش الذي نفض الغبار عن الشعر العربي ووظف القصيدة للقضية الفلسطينية حتى تمنى العدو الإسرائيلي لو أن له شاعرا مثل درويش، درويش الشاعر الإنساني العالمي الذي ترجمت قصائده لكل اللغات وسالت على كل الألسنة، درويش فارس الكلمة ومؤرخ صولات وجولات الأمة الذي كان مرآة لكل فرح ولكل وجع ولكل انتصار وانكسار والذي قال : » نحب الحياة ما استطعنا لها سبيلا«، درويش يقول هيثم العمري هو: »تاريخ معمد بالدم والدموع والألم والغربة، هو كاتب وثيقة الاستقلال سنة 1988 عند إعلان الدولة الفلسطينيةبالجزائر«، درويش عشق فلسطين وأحب الجزائر » أحبك ثورة تمشي على أرض الجزائر«. وقد كان احياء يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية بباقة من الشعراء تقدمهم الشاعر الجزائري السوري الأستاذ سمير سطوف بقصيدة شكل حروفها من سياط ملتهبة وراح يقيم من خلالها حد الجلد على ظهور الأنظمة المتعفنة التي تعافها الأكفان والقبور، ومن ميدان التحرير حيث بدأ العد التنازلي للتغيير ولدت القصيدة وارتفع سوط الجماهير ليجلد الجلادين »أدّب زمانك ياشباب زمانينا والوي أنت جموحنا... أنت الكيان الفحل أنت ضميرنا.. خضب جبين الشمس واحفر ضوأها في الكائنات مجددا أكواننا«. أما الشاعر بوزيد حرز الله فقد أنشد للطفل الفلسطيني »أخي في القدس لا تيأس .. إذا ما ضاقت النفس« ومن جانبه الشاعر عبد الرزاق بوكبة صنع رحلة للقصيدة والوجع وراح يتفقد شتائل الكلمات ويبشر بميلادات أخرى يسكنها الجرح ويقودها الألم والأمل الي النصر »لا يبيض بال الحجرة الخروج على الزمن .. لا يبيض بال الشجرة الامتلاء على رأس النسر.. هل يداك حقيقيتان ويدي مفازة الفراغ؟ الشاعر توفيق ومان الذي جعل من الشعر الشعبي مفاعل للكلمات لا يخشى من انفجارها غنى للجرح الفلسطينيلغزة لليوم العربي الضائع في متاهات الخلاف... فدعا لوحدة الصف : » مثل غزال الصحارى فلجد اب مشرد ... جمعة الغضب يوم العدوان على غزة جيت نعافر فالبلا صبته غلاب«. وتلاه الشاعر صفوتي بقصيدة أخرى رسمت خريطة الوجع والغربة. وكانت مفاجأة الأمسية كما السنة الماضية الطفل العبقري إسلام محمد شاشي ابن عشر سنوات جاء من مدينة أفلو بالأغواط ليلقي أشعار رويش ومفدي زكريا وليمثل أطفال الجزائر في رسالة مساندة ودعم لأطفال فلسطين. بعد الإلقاء الشيق والرائع من إسلام محمد شاشي، تقدمت فرقة »العودة للفنون الشعبية« بسفارة فلسطينبالجزائر لتقدم دراما تحكي »حكاية وطن« من الرحيل والتشرد واللجوء الى البندقية والانتفاضة ورفع مفاتيح العودة للديار، لتنتهي الأمسية الفلسطينية على رقص وغناء وأمل للعودة والالتقاء بأرض فلسطين.