تحتضن اليوم العاصمة الفرنسية قمة عربية-أوروبية-إفريقية لبحث تطورات الوضع في ليبيا على ضوء قرار مجلس الأمن الدولي بفرض منطقة حظر طيران على الأجواء الليبية. وكسبت المعارضة المسلحة في ليبيا معركة دبلوماسية جديدة ضد نظام العقيد معمر القذافي بعد أن صادق مجلس الأمن الدولي ليلة الخميس إلى الجمعة على قرار يتضمن فرض منطقة حظر جوي على ليبيا دفعت بطرابلس إلى الإعلان على وقف كل العمليات العسكرية. فبعد ثلاثة أيام من النقاشات الحادة والمفاوضات العسيرة تمكنت فرنسا ومعها بريطانيا من اقناع أعضاء مجلس الأمن الدولي بضرورة فرض هذه المنطقة التي كانت لاقت معارضة وتحفظ عدد من العواصمالغربية والعربية. وصادق على اللائحة 10 أعضاء من بين 15 عضوا بمجلس الأمن في حين امتنعت خمس دول عن التصويت من بينها الصين وروسيا اللتان عارضتا بشدة مثل هذا الإجراء لكنهما لم تستخدما حقهما في النقض. وفتحت اللائحة المجال أمام اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين الليبيين كما طالبت الجيش الليبي بوقف إطلاق النار ومن ضمنها وقف القصف الجوي. وأكدت أن الأمر لا يتعلق أبدا باحتلال عسكري لليبيا. وفي الوقت الذي رحبت فيه المعارضة المسلحة في ليبيا بهذه اللائحة التي اعتبرتها بمثابة غطاء جوي يحميها من الطائرات الحربية للقعيد القذافي جاء موقف النظام الليبي مفاجئا فمن جهة أعلن عن احترامه للقرار الاممي وتطبيقه ومن جهة ثانية أدان القرار. واعتبره خالد نعيم نائب وزير الخارجية الليبي بأنه ''يترجم معاملة عدوانية من قبل المجموعة الدولية ويهدد وحدة واستقرار ليبيا''. لكن وبعد ساعات فقط من تصريح خالد نعيم أعلن وزير الخارجية الليبي موسى كوسا أن ليبيا ''قررت وقفا فوريا لإطلاق النار ووضع نهاية لكل العمليات العسكرية''. وهو ما يدفع إلى التساؤل إن كان القرار الاممي قد نجح في الضغط على العقيد القذافي لوقف حمام الدم المتواصل منذ شهر في ليبيا خاصة وهو الذي كان أعلن قبل التصويت على القرار على استعداد قواته لمهاجمة مدينة بنغازي معقل الثوار. لكن ورغم الموقف الذي أعربت عنه طرابلس فإن العقيد القذافي ونجله سيف الإسلام توعدا بالرد على كل عملية عسكرية قد تشنها قوات أجنبية ضد ليبيا. وبلهجة فيها الكثير من التحدي هدد العقيد القذافي ب''بتحويل الحياة الى جنهم'' لكل من يهاجم ليبيا وقال في رده على قرار مجلس الأمن الدولي ''إذا كان العالم قد جن فنحن سنصبح كذلك. سنحول حياتهم إلى جحيم''. مقابل ذلك خاطب سيف الإسلام الدول التي صوتت على اقرار فرض منطقة لحظر الطيران بقوله ''إنكم لن تساعدوا الشعب ان قصفتم ليبيا''. وقال في حديث مع شبكة ''ايه بي سي'' الأمريكية من طرابلس ''نحن في بلدنا ومع شعبنا ولسنا خائفين ... لن نخاف ولن تساعدوا الشعب إن قصفتم ليبيا لقتل ليبيين سوف تدمرون بلادنا ولا أحد مسرور بذلك''. وانقسمت مواقف المجموعة الدولية بخصوص تطبيق هذا القرار بحيث سارعت دول غربية وحتى عربية على غرار قطر والإمارات العربية إلى عرض مساعدتها العسكرية واللوجستية لتطبيق القرار في حين فضلت دول أخرى البقاء في الحياد بعدما أعلنت عدم نيتها المشاركة في تطبيقه على غرار روسيا والمجر وبلغاريا. غير أن الاتحاد الأوروبي رحب بالقرار واعتبره أساسا قانونيا واضحا للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في ليبيا. وجاء ذلك في بيان مشترك أصدره أمس رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي والممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون. وقال المسؤولان في البيان ''نرحب بمصادقة مجلس الأمن الدولي الليلة على القرار .1973 ونحن نؤيد طلب الأممالمتحدة إنهاء العنف بشكل كامل وكل الهجمات ضد المدنيين وإيجاد حل للأزمة''. وأضافا أن ''القرار 1973 يشكل قاعدة قانونية واضحة لأعضاء المجتمع الدولي لتقديم الحماية للمدنيين، ونحن نشدد على الدور المهم للجامعة العربية والشركاء العرب فتعاونهم ضروري ودورهم معترف به بوضوح في القرار الدولي''. بالتزامن مع ذلك أعلنت الأممالمتحدة أن موجة النزوح من ليبيا مستمرة وان ما بين 1500 إلى 2500 شخص يفرون يوميا من ليبيا باتجاه الحدود التونسية والمصرية. وهو ما أثار أزمة إنسانية خاصة في ظل بقاء عشرات الآلاف من النازحين من دون أكل وشرب ومأوى على الحدود في انتظار إجلائهم إلى بلدانهم الأصلية.