تواصل إسرائيل فرض منطقها الاستيطاني والعدواني ضد الفلسطينيين ضاربة عرض الحائط بكل المقررات والشرعية الدولية وغير آبهة بتصاعد الدعوات التي تطالبها بوقف الاستيطان من أجل خلق الأجواء المناسبة لمباشرة عملية سلمية جادة لإرساء السلام في المنطقة. فقد أقرت حكومة الاحتلال أمس توسيع أربع مستوطنات في الضفة ومشروع جديد لبناء 942 وحدة استيطانية في حي يهودي بالقدسالشرقية التي من المفروض أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة القائمة على حدود 1967 بحسب خارطة الطريق لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ويسمح هذا المشروع في توسيع الحي اليهودي على حساب ابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية في القدسالمحتلة ضمن خطة مكشوفة لتهويد المدينة المقدسة وإخلال التوازن الديمغرافي فيها لصالح الطائفة اليهودية. ولم تجد السلطة الفلسطينية من وسيلة لرفض هذا المشروع سوى التنديد به، وقال نمر حماد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن هذه الخطوات ''تعكس إصرار الحكومة الإسرائيلية على مواصلة تدمير كل فرص لاستئناف عملية السلام والجهود الدولية الراغبة بذلك''. وشدد حماد على الرفض الفلسطيني وإدانة كافة خطط البناء الاستيطاني سواء كانت في الضفة الغربية أو القدسالشرقية، وقال أن هذه السياسية ''باتت محل إجماع دولي وبسببها يتم تقويض فرص عملية السلام''. وأضاف انه ''واضح لجميع الأطراف مخاطر هذا الاستيطان الذي في حال استمراره كما تريد إسرائيل سيؤدي إلى نتيجة وحيدة وهي أن إمكانية حل الدولتين لن تكون قائمة وأن بحث الفلسطينيين قد يكون في خيارات أخرى''. ولم تقتصر موجة الإدانة على المستوى الفلسطيني بل تعدت إلى المستوى الخارجي، حيث نددت فرنسا بإقرار مثل هذا المشروع الاستيطاني وحذرت إسرائيل من أن ذلك يناقض مبادئ القانون الدولي ويشكل عائقا أمام عملية السلام. وقال برنار فاليرو المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن بلاده ''تشعر بقلق كبير من المعلومات التي كشفت عن نية السلطات الإسرائيلية بالموافقة على خطط لتوسيع أربع مستوطنات في الضفة الغربية واحتمال الموافقة على بناء أكثر من900 وحدة في مستوطنة غيلو بالقدس''. وحذر فاليرو من بناء وحدات استيطانية جديدة معتبرا أنه لا يمكن لبلاده إلا أن تدين هذا القرار. ولكن في ماذا يفيد الاستنكار الفرنسي وباريس اعترفت أنها غير قادرة على فعل أي شيء من اجل إيقاف آلة الاستيطان الإسرائيلية سوى الإدانة. ثم لا باريس ولا أية عاصمة غربية أخرى بإمكانها القيام بأي خطوة من شأنها التصدي لهذه السياسية التي توشك على القضاء على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية والدليل على ذلك أن إسرائيل تقترف ما يحلو لها من جرائم تمس الإنسان والمقدسات والأرض الفلسطينية من دون أن تتعرض لأي عقاب أو حتى لأدنى مساءلة. وفي هذا السياق أكد مسؤول في الأممالمتحدة أن سلطات الاحتلال هدمت 175منزلا ومبنى فلسطينيا في الضفة الغربية وتسببت في تشريد 333 شخصا خلال الثلاثة أشهر الماضية. وقال كريستوفر جونيس المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ''الأونروا'' إن عدد المنازل الفلسطينية في الضفة الغربية التي هدمتها السلطات الإسرائيلية بلغت ''رقما قياسيا للشهر الثالث على التوالي''. وأضاف أنه وفقا لأرقام صادرة عن الأونروا تم هدم 76 منزلا ومبنى خلال مارس الماضي و29 منزلا في جانفي الماضي و70 في فيفري الماضي. وأوضح جونيس أن عدد الذين تشردوا قسرا جراء ذلك بلغ رقما قياسيا أيضا، حيث وصل عددهم في فيفري الماضي إلى 158 شخصا بينهم 64 طفلا وفي مارس المنصرم إلى 105أشخاص بينهم 43 طفلا و70 شخصا في جانفي الماضي بينهم 47 طفلا. ووصف جونيس هذا الأمر بأنه ''نوع من التمييز''، محذرا من أن استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات يعيق إقامة الدولة الفلسطينية.