شدد الأكاديميون وأعضاء الأسرة الثورية أمس على ضرورة ادراج مراحل التكوين العسكري التي عرفها جيش التحرير الوطني قبل وبعد ميلاد جبهة التحرير الوطني، في المقررات الدراسية وتوثيقها ضمن الكتابات والبحوث الجامعية، قصد تلقينها للأجيال القادمة لتكون منبعا لتغذية الروح الوطنية. ودعا المختصون في ندوة تاريخية احتضنها منتدى ''المجاهد'' حول ''التكوين العسكري أثناء الثورة التحريرية، تكريما للفقيد الرائد ''سي نوّار'' بادرت بها جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع جريدة المجاهد، الى اعطاء هذه الحقبة التاريخية الهامة من تاريخ الجزائر حقها من الكتابة والتأريخ والتوثيق لتكون مرجعا تستلهم منه الأجيال المتعاقبة نفحات الثورة التحريرية المباركة، معبرين بالمقابل عن أسفهم بعدم تطرق المؤرخين والكتاب الى مراحل التكوين العسكري ابان الثورة والمؤسسات التي انبثقت عنها، باعتبارها خزانا للكفاءات والاطارات العسكرية التي قادت ثورة نوفمبر .1954 وتطرق بعض اطارات الثورة التحريرية ممن تلقوا تكوينا عسكريا ابان الثورة الى مختلف الهياكل العسكرية العربية خلال تلك الفترة، حيث أشار المجاهد العقيد شايشي بغدادي الى الظروف الصعبة التي ميزت السنوات التي سبقت اندلاع الثورة بسبب غياب مؤسسات التكوين العسكرية، الأمر الذي دفع بالمنظمة الخاصة الى التفكير في كيفية ضمان تكوين فعّال للشباب الجزائري في مختلف التخصصات العسكرية الموجودة. وقال السيد شايشي ''أن هذا التكوين شمل عدة فرق عسكرية كالقوات الخاصة وقوات الصاعقة وفرق السباحين أو ما يعرف برجال ''الضفادع''، الى جانب مشاة القوات البرية والوحدات الأخرى الخاصة بالدعم والإسناد..وغيرها. وفي هذا الاطار، تطرق المجاهد الى مختلف المدارس العربية التي أشرفت على تخرج وحدات الجنود الجزائريين منذ 1957 الى 1959 وبالتحديد بكل من سوريا التي تعد البلد السباق إلى ذلك، الى جانب تونس والأردن والعراق. مؤكدا أن عدد المتخرجين الجزائريين من ضباط سلاح الإشارة بلغ حوالي 850 فردا مسيرا اضافة الى 58 إطارا عسكريا تقلدوا مناصب عليا في وحدات جيش التحرير الوطني. ويضاف الى هذا تخرج 6 طيارين و8 مهندسين تطبيقيين ومختصين في الرادار. وبدوره، تطرق المجاهد والوزير الأسبق السيد عبد الرزاق بوحارة الى جانب التكوين العسكري الذي استفاد منه الضباط الجزائريون قبل وبعد ميلاد جبهة التحرير الوطني سواء على الصعيد العربي أو المغاربي، بدأ مع جيش التحرير المغربي ''مكتب المغرب العربي بالقاهرة'' الى المنظمة الخاصة لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، موضحا أن جل الذين التحقوا بالتكوين العسكري في تلك الفترة لم تكن لهم أي رغبة في تقلد مسؤولية معينة بقدر ما كان شغلهم الشاغل دور في تحرير الوطن من قبضة الاستعمار الغاشم. كما أرجع السيد بوحارة نجاح وفعالية النخب العسكرية المتخرجة الى سداد رؤية القيادة العسكرية المسؤولة التي مكنت من تزويد كافة مؤسسات الجيش الوطني الشعبي بعد الاستقلال بالموارد البشرية المطلوبة. منوها بإسهامات الفقيد المجاهد رابح سي نوار في تكوين النخبة العسكرية في تلك الفترة، مؤكدا أن الفضل يعود لهذا المجاهد البطل في اقناع الصين الشعبية باستقبال الجزائريين بأكاديمياتها العسكرية بعد الاتحاد السوفياتي بغرض اتمام تدريبهم. وقدمت بالمناسبة عدة شهادات تاريخية لمجاهدين عايشوا فترة التكوينات العسكرية بالمشرق العربي والصين الشعبية والاتحاد السوفياتي، حيث تناولت إضراب طلبة الجامعات والمعاهد ومساهمة الشباب الفعالة في مسار التحرير، ودعوا إلى المزيد من الاهتمام بهذه المرحلة وتدوينها حتى تتشرب من معانيها الأجيال القادمة. وفي ختام الندوة، تم تكريم عائلة المجاهد الرائد رابح سي نوّار عرفانا له بالتضحيات الجسام التي قدمها في سبيل تحرير الوطن.