اهتز عرش صندوق النقد الدولي على وقع فضيحة أخلاقية من العيار الثقيل بعد ثبوت تهمة التعدي الجنسي ومحاولة اغتصاب وتعذيب قام بها مديره العام دومنيك شتراوس خان في حق سيدة في الثانية والثلاثين من العمر في إحدى غرف فنادق مدينة نيويورك. وقد امتد وقع هذه الفضيحة عابرا المحيط الأطلسي إلى فرنسا التي استفاقت طبقتها السياسية على رائحته التي تحولت إلى قضية وطنية في أعلى هرم السلطة الفرنسية وأحزابها السياسية. وتسارعت أحداث هذه القضية بالنسبة لمدير خزينة العالم وبلغت أمس مرحلة وضعه رهن الحبس بعد إدانته للتحقيق معه في ملابسات هذه القضية وتم إنزاله من على متن الرحلة 23 التي كانت تضمنها طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الفرنسية كانت متوجهة من نيويورك إلى باريس حيث اقتيد مباشرة إلى مركز شرطة المدينة التي أخطرته بقرار اتهامه أمام النيابة العامة بمدينة نيويورك. ووضع قرار العدالة الأمريكية في حق الرقم الأول ل''الافامي'' هذه الهيئة الدولية في موقف حرج وسيكون مضطرا إلى البحث عن مدير جديد لخلافة شتراوس خان الذي تنتهي عهدته نهاية العام القادم. ويتوقع أن توكل مهمة إدارة الصندوق إلى نائبه جون ليبسكي إلى حين اتضاح كل خيوط هذه الفضيحة. وفي حال تأكد التهم الموجهة إلى خان فإنه يكون قد خرق بشكل فاضح الميثاق الأخلاقي الذي يتعين على كل موظفيه الأجانب أن يحترموه ومنها الالتزام بأرقى أخلاقيات العمل في هذه الهيئة الدولية وعدم الانحياز والسرية في العمل'' وكل خرق لإحدى هذه القواعد يعرض صاحبه للفصل مباشرة. وهو واقع الحال بالنسبة لشتراوس خان الذي سبق وان خرق هذه القواعد عندما أقام في جانفي سنة 2008 علاقة جنسية مع الاقتصادية المجرية بيروسكا ناجي في منتجع دافوس السويسري. وقد تفطن زوجها لخيانتها واخطر بذلك صندوق النقد الدولي الذي فتح تحقيقا ولكنه انتهى إلى نتيجة أن العلاقة تمت بمحض إرادتها ولم تكن تحت الإكراه. ورغم ذلك فإن شتراوس تلقى توبيخا وتهمة اقتراف خطا خطير ولكنه أبقي عليه في منصبه. واستشعرت السلطات الفرنسية وقع الفضيحة عليها وخاصة وان شتراوس خان كان وزيرا للاقتصاد في إحدى حكوماتها السابقة وقد سعت من اجل فرضه على اعلى هيئة مالية عالمية بالنظر إلى قدراته ونظرياته الاقتصادية ولكنه ضعف إنسانيا وخضع لنزوات جنسية أطاحت به من أعلى إلى أسفل الدرجات. ولم يجد فرانسوا باروين الناطق باسم الحكومة الفرنسية سوى القول أمام تداعيات هذه القضية بضرورة احترام القاعدة القانونية ''أن المتهم بريئ حتى تثبت إدانته'' وهو اقل ما يمكن قوله في مثل هذه الظروف وأضاف أن حكومة بلاده تحترم الإجراءات القضائية للعدالة الأمريكية واحترام مبدأ البراءة إلى حين انتهاء المحققين من كل هذه القضية. وتكون تصريحات خان ومحاميه ويليام تايلور ببراءته من هذه التهمة هي التي جعلت المسؤول الفرنسي يدعو إلى عدم التسرع في إصدار أحكام مسبقة على الرجل. ولكن وقع هذه الفضيحة لم يقتصر على الحكومة الفرنسية لوحدها وإنما امتدت تداعياتها إلى كل الطبقة السياسية الفرنسية على اعتبار أن مدير ''الافامي'' كان من بين المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية لشهر ماي من العام القادم باسم الحزب الاشتراكي. ولم تجد رئيسة الحزب الاشتراكي مارتين اوبري ما تدلي به سوى القول أن ما حدث زوبعة وأنها جد متأثرة لذلك. واعتدى خان البالغ من العمر 62 عاما على منظفة احد الفنادق التي نزل بها في مدينة نيويورك بمجرد دخولها غرفته لتوضيبها بعد أن اعتقدت أنها خالية من أي زبون لتجد نفسها ضحية اعتداء جنسي من مدير أعلى هيئة مصرفية عالمية. وحسب تصريحات الضحية فإن خان سارع إلى غلق الغرفة من ورائها واعتدى عليها مرتين الأولى في غرفة نومه والثانية داخل الحمام قبل أن يغادر المكان على جناح السرعة تاركا وراءه هاتفه المحمول وبعض أغراضه الشخصية.