منذ أن تدعمت البحرية الجزائرية بسفينة المدرسة ''الصومام ''937 في ,2006 أدركت إطارات التكوين العسكري في هذا الميدان، أن عملية التأطير سوف تأخذ منحى تصاعديا وتزول العديد من المصاعب، وصار بإمكان ضابط البحرية المتربص بالمدرسة العليا بتمنفوست، أن يجد أمامه مدرسة متحركة تشق به عباب البحر وتصل به إلى أقاصي الدنيا وتدخله أكبر الموانئ العسكرية العالمية مثل ''كيل'' بالمانيا و''بورستمورث'' ببريطانيا وغيرها في البرتغال واليونان. ''من حق الجزائريين أن يفخروا بما توفر لديهم من إمكانات قل من يمتلكها في العالم''، هذا ما ذكره الرائد محمد قدور مسؤول خلية الاتصال بقيادة القوات البحرية أمام ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، الذين تم دعوتهم لزيارة المدرسة العليا البحرية بتمنفوست أول أمس ومرافقة الطلبة الضباط في جولة بحرية في خليج الجزائر. مشيرا إلى أن هذه الزيارة تندرج في إطار سياسة الاتصال والتفتح على الجمهور للتعريف بقدرات التكوين المتاحة. ولم يخف العقيد محمد قريش قائد المدرسة العليا البحرية، ذلك الاهتمام الكبير والحرص الهادف الذي توليه الدولة لقطاع سلاح البحرية، نظرا للتحولات والتحديات، مستلهما ذلك من تعليمات رئيس الجمهورية وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة، والقاضية بضررة ''أن تلعب البحرية الجزائرية دورها في حوض المتوسط''، وأنه ''ليس من المعقول، بل ولا يحق لها ألا تمتلك أسطولا قويا''. وأكد قائد المدرسة ل''المساء''، أن عملية التحصيل العلمي والتدريب البحري صارت ثمارها مضمونة ومتاحة لكل الضباط المتربصين، سواء بالنسبة للتكوين الأساسي الذي يدوم 6 سنوات يختتم بسنة تطبيقية على متن السفينة المدرسة، وقبل ذلك يستفيد الطالب الضابط من دورة تدريبية صيفية تدوم 45 يوما يزور خلالها أشهر الموانئ الحربية الأوروبية والآسيوية، وفي هذا الإطار ذكر العقيد قريش، أن السفينة المدرسة قامت بتنفيذ 4 رحلات إلى أزيد من 15 ميناء أجنبيا وذلك منذ ,2007 كما تعتزم صيف2011 تنظيم خامس رحلة لعدة دول رائدة في سلاح البحرية. وخلال زيارة الصحفيين لمختلف الهياكل البيداغوجية بمدرسة تمنفوست، ومنها المخابر العلمية واللغوية والورشات التقنية ومعرض الكتاب الذي نظم بمناسبة يوم الطالب (19 ماي)، امتطينا سفينة الصومام التي كانت راسية بميناء الأميرالية وشقت بنا أمواج البحر التي كانت هادئة في ذلك اليوم، وعشنا جانبا من حياة الطالب الضابط على متنها، إذ تظهر أهمية هذا المرفق التكويني المتحرك من خلال ما تم توفيره من وسائل بيداغوجية وتكتيكية هامة، ومنها أقسام دراسية ووسائل تدريب وايضاح، فضلا عن كون المتربص يتأقلم مع حياة البحر ويتكيف مع المحيط الحقيقي لهذا السلاح. وطاف قائد سفينة الصومام العقيد مدني بومدين وبعض المؤطرين بالصحفيين في مختلف أرجاء الباخرة، التي يصل طولها 1,131 مترا وعرضها 4,16 مترا، وكنا كلما دخلنا حجرات التدريس وجدنا بها ضباطا متربصين يتلقون دروسا في مختلف التخصصات، وبإمكان المتربصين حسب العقيد مدني أن يتعودوا على ركوب البحر والتأقلم مع محيط عملهم وينفذوا جملة من التمارين التطبيقية على متن السفينة وعلى الرصيف خارج أسوار المدرسة العليا وحجرات التدريس، ومنها يتعلمون كيفية التحضير القتالي، ويطبقون تمارين الصراع من أجل البقاء والدفاع ضد الأهداف الجوية والسطحية، ويتمرنون على تكتيكات الإبحار والرسو، وإنقاذ الغرقى في البحر، وكذا مناورات القطر (أي الجر) والتموين بالبحر. ويعترف الطلبة الضباط الذين حاورناهم بأن القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، أحسنت صنعا وأصابت الهدف عندما وفرت السفينة المدرسة، كونها تضم أحدث الوسائل البيداغوجية التطبيقية، وأن المتربص الذي ينهي تكوينه التطبيقي يكون جاهزا علميا وتكتيكيا ونفسيا لتنفيذ مختلف العمليات البحرية الموكلة له، ويكون متفتحا على الثقافات العالمية من خلال الرحلات المبرمجة. ويقر بعض المؤطرين الذين وجدناهم، بأن العديد من الضباط الذي يكملون تربصهم بالخارج يحصلون على المراتب الأولى من أهم المدارس العسكرية العالمية، وهو دليل على قوة المدرسة الجزائرية التي تضطلع بتكوين نخبة الأمة، وشاهد على الجهود الجبارة التي تبذلها قيادة الجيش الوطني الشعبي في تخرج كفاءات في مستوى التحديات، قادرة على تنفيذ مهامها النبيلة بكل جدارة واستحقاق. للتذكير، فإن المدرسة العليا البحرية بتمنفوست صارت تشهد إقبالا منقطع النظير من طرف حملة البكالوريا والجامعيين للانضمام اليها، وفي هذا السياق فقد توقف معدل القبول حسب احتياجات المدرسة العام الماضي حسب أحد الضباط عند حدود 14,6 من ,20 علما أن معدل القبول عند الترشيحات هو 12 من .20 للإشارة، تضم المدرسة البحرية بتمنفوست 75 قاعة تدريس، 14 مخبرا متخصصا، مكتبتين، قاعتي أنترنت، محاكي تكتيكي.. وغيرها، ويؤطر الطلبة 136 أستاذا، وتطمح المدرسة إلى توظيف مستخدمين وأساتذة دائمين وتوفير بنك للمعلومات واستحداث شعبة جديدة خاصة ب''حراس السواحل'' ضمن مسار تكوين الضباط، وذلك استجابة لتطورات العصر.