أجمع عدد من الأساتذة المختصين أول أمس على أن التغيير المنشود ينبغي أن يكون بطريقة ''سلسة'' تنتهجها الأحزاب السياسية والمجتمع المدني لتجسيد الإصلاحات من خلال الحوار السياسي النابع من الإرادة الصادقة. (وأ) وفي هذا الإطار اعتبر الأمين العام لحركة الإصلاح السيد حملاوي عكوشي خلال ندوة سياسية بعنوان ''التغيير.. سلاسة أم ثورة'' نظمتها حركته، أن التغيير الحقيقي الذي ينشده أفراد المجتمع هو الذي يضع ''جسورا بين الشعب والسلطة ليتمكن الجميع من العبور عليها إلى بر الأمان'' . وبعد أن أشار إلى أن الجميع لديه الرغبة الملحة لتحقيق الإصلاحات في شتى المجالات ب''الأفعال وليس بالأقوال'' أعتبر أن الحاكم القوي اليوم هو الذي ''يدرك إلى أين يتجه التاريخ لتجنب ما يحدث في الدول العربية التي تشهد ثورات من أجل إحداث التغيير''. وفي هذا الشأن، يرى السيد عكوشي أن الأولوية في التغيير ينبغي أن تمنح للدستور بعيدا عن ''الروتوشات'' التي تفقده ''معناه ''والتخلي -كما أضاف- ''عن التمسك بالمصالح الذاتية على حساب المصلحة العامة للبلاد تجنبا لما لا تحمد عقباه''. كما اعتبر من جهته الأستاذ عز الدين جرافة في تدخله أن التغيير تعبير عن التطلعات الأساسية للإنسان نحو التطور من خلال ''تكييف نظامه وواقعه مع ما هو جديد بشتى الوسائل بما في ذلك الثورة لتحقيق الأفضل دون اللجوء إلى التقليد أو الاستيراد''، مفضلا في ذات الوقت ''التغيير السلس والمرن'' النابع من المجتمع لتحقيق طموحات الشعب. ويرى المتدخل أن المشكلة التي تبقى عالقة تكمن في السلطة التي لا ترى ''إلا من خلال نظرتها'' مستغلة شتى الوسائل لفرض هذه النظرة بما في ذلك ''التشويش عن طريق الإعلام''، نافيا ان تكون كل دعوة الى التغيير ''إيجابية'' بدليل أن هناك دعاة للحرية والديمقراطية ''لا تنطبق أفعالهم مع أقوالهم''. وبدوره أكد الأمين العام السابق للحركة السيد جمال بن عبد السلام بأن الخيار الأفضل للمجتمع الجزائري هو ''الحوار الحقيقي والجاد الذي يتطلب إرادة سياسية من قبل السلطة والأحزاب السياسية على أساس أن التغيير هو الحل''. وفي هذا الشأن أشاد المتدخل ب''الرشد الكبير'' الذي أظهرته بعض الأحزاب السياسية لاختيارها الحوار السياسي والتغيير السلس واصفا القوى السياسية التي قاطعت المشاورات الجارية حول الاصلاحات السياسية ب''التقليدية''، معبرا في نفس الوقت عن تأييده الكامل لمبدإ ''توسيع الحوار والتركيز فيه على التمثيل ونوعية الأفكار المطروحة''. إن نجاح الحوار بالنسبة للسيد بن عبد السلام يعني ''تفادي المشاكل التي تزيد في التأثير على المجتمع الجزائري وسد الذرائع لما يحاك ضد المنطقة العربية''. أما الأستاذ عيسى بن مكي فيرى بأن التغيير الذي أصبح حديث الساعة بالنسبة للجميع يتطلب بالدرجة الأولى ''تأطيرا سياسيا'' لكون أحزاب المعارضة -على حد تعبيره- ''تم تأسيسها على قواعد ملغمة في حين تعد أحزاب أخرى صورة مصغرة للسلطة''. ومن جانبه أكد الأستاذ محمد أرزقي فراد في تدخله أن التغيير ''وافد ولا يمكن تجنبه'' لأن الظروف مهيأة بفضل جملة من العوامل منها ثورة الاتصالات التي أنهت عهد التعتيم وكشفت الأنظمة إلى جانب العولمة التي قلصت من سيادة الدول القطرية إلى جانب الأحداث التي تجري في العالم العربي التي ''كسرت جدار الخوف''. وبعد أن اعتبر المشاورات حول الإصلاحات السياسية ''مبادرة لتمييع التغيير الحقيقي والالتفاف حوله'' أوضح أن التغيير يكون عن'' طريق إنشاء المجلس التأسيسي وأنه ليس هناك حلا دون اللجوء إلى هذا المجلس''.