أكد خبراء اقتصاد من منطقة المغرب العربي أول أمس أن البلدان المغاربية بإمكانها النجاح في التفاوض على مصالحها الاقتصادية مع بلدان العالم الاخرى ولا سيما أوروبا إذا ما تكتلت في كيان واحد. ووصف السيد عبد الرحمن ملاك احد الخبراء الاقتصاديين الجزائريين خلال الملتقى السادس لكنفدرالية إطارات المالية والمحاسبة الذي نظم حول تسيير الموارد الطبيعية المغاربية العمل الانفرادي لدول المغرب العربي ب''الأمر الانتحاري'' لا سيما في الوقت الذي يتجمع فيه كل العالم في تكتلات''، مشيرا إلى أن المغرب العربي الذي يعتبر قبل كل شيء منطقة ذات خاصية فلاحية سيكسب رهان التنمية إذا ركز جهوده في تطوير هذا القطاع إلى جانب قطاع الموارد المائية''. وذكر في هذا الصدد بأن الجزائر التي خصصت سنة 2010 أكثر من 6 ملايير دولار لاستيراد الأغذية أو ما يمثل 15 بالمائة من وارداتها الاجمالية، تشهد اليوم عودة الشباب التدريجية إلى خدمة الأرض'' معربا عن أمله في تسريع عملية خوصصة الأراضي الفلاحية. من جانبه، اعتبر احمد بلحامد احد الخبراء الاقتصاديين المغربيين انه من غير الطبيعي أن تقوم أوروبا بالتفاوض مع كل بلد على حدى، مؤكدا بأن الدول المغاربية لو تفاوضت كصوت واحد لربحت الكثير من الأشياء''. وعلاوة على قوة التفاوض التي تعد إحدى الأهداف الرئيسية لإنشاء اتحاد المغرب العربي سنة 1989 فقد أكد هذا الخبير الاقتصادي على استغلال مدروس للموارد الطبيعية حسب مصالح المنطقة. أما بخصوص التكامل بين بلدان المغرب العربي، اعتبر السيد بلحامد أن نظرية المزايا المقارنة أظهرت محدوديتها، خاصة في اوروبا التي تشكلت حسبه انطلاقا من الموارد الأولية ومن خلال فرض رسوم جمركية كلما تطلبت مصالحها ذلك. بدوره أكد السيد زيدان ولد حميدة وزير سابق للمناجم والنفط الموريتاني انه ينبغي على الدول المغاربية التفاوض مع اوروبا كمغرب عربي كبير، وأشار إلى أنه ''بإمكان بلدان المغرب العربي الحصول على مداخيل معتبرة لو تمكنت من تسيير جيد لمادة الفوسفات'' معتبرا انه ''من غير المعقول، أن يتنافس مصنعان واحد في الجزائر وآخر في المغرب من اجل تصدير نفس المنتوج إلى اوروبا عوض محاولة أن يتكاملا''. كما أكد الوزير الأسبق انه إذا كان قد تبقى 50 سنة على نضوب احتياطات البترول فإنه لا زال هناك 5 قرون لنضوب احتياطات الفوسفات المتوفرة في المغرب العربي، واعتبر في نفس الصدد أن تعزيز الجهود في مجال الصناعة التحويلية يعد ضروريا، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يمثل فيه المغرب العربي جزءا ضئيلا في مجال الحديد والصلب العالمي، تتوفر موريتانيا لوحدها على 15 مليار طن من احتياطات مناجم الحديد. وفي سياق متصل، أشار السيد مصطفى جويلي خبير تونسي في الاقتصاد إلى أن 30 إلى 40 بالمائة من الفوسفات في تونس، يصدر خاما في حين أن الباقي يحول من قبل أربع شركات متعددة الجنسيات، مما يجعل حسبه تونس تتكبد خسارة على مستويي ''بيع الفوسفات بأسعار اقل بنسبة 20 بالمئة مقارنة بالأسعار العالمية ومساهمة تكنولوجية ضعيفة''. ودعا مجموع المتدخلين في اللقاء إلى تطوير القطاعات التي يمكنها أن تضمن تنمية مستدامة من خلال استغلال الموارد الطبيعية للمنطقة على غرار الفلاحة والصيد البحري والصناعة الغذائية والسياحة والمياه والطاقة الشمسية والخدمات. كما أوصوا بتطوير قطاع الخدمات وإنشاء قطاع ثانوي حيوي يتمثل في قطاع التحويل. للإشارة تمثل التبادلات المغاربية أقل من 5 ملايير دولار في السنة أي أقل من 2 بالمائة من مجموع التبادلات بين هذه البلدان وباقي دول العالم، فيما تقدر استثتمارات المغاربيين في الخارج ب8 ملايير دولار، وهو ما يمثل عجزا ب150 مليار دولار بالنسبة لهذه الدول التي تمثل سوقا بحوالي 90 مليون نسمة على مساحة قدرها 6 ملايين كلم مربع.