أعربت الجزائروتونس، أول أمس، عن عزمهما الارتقاء بالتعاون الثنائي في المجالات الثقافية إلى مستوى الشراكة الفعلية، وذلك من خلال دعم المشاريع الثقافية والأدبية والفنية وحماية التراث المشترك والتصدي لكل أشكال الاتّجار اللامشروع بالممتلكات الثقافية. وشدد الجانبان، في البيان المشترك الذي توج زيارة العمل التي قامت بها وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي إلى تونس، على ضرورة الإسهام الفعلي في المهرجانات والمعارض والتظاهرات الدولية والإقليمة الخاصة بالكتاب، في كلا البلدين وتسهيل حركة تسويق الكتب بين البلدين، مع دعم الانتاج المشترك بين البلدين في ميداني المسرح والسينما، لاسيما في إطار الاحتفاء السنة القادمة بمرور خمسين سنة على استقلال الجزائر. وفيما يخص التراث، أبرز وزيرا الثقافة في البلدين أهمية إحداث لجان مشتركة تتألف من خبراء في مجال البحوث والحفريات وإدارة المتاحف، مؤكدين ضرورة تشكيل لجنة من خبراء البلدين تشرف على دراسة سبل التصدي لكل أشكال الاتّجار اللامشروع بالممتلكات الثقافية، كما ركز الطرفان على الأهمية القصوى التي تكتسيها عملية تقديم ملفات مشتركة على المستوى الثنائي والمغاربي لدى منظمة ''اليونسكو''، قصد تصنيف وتسجيل المواقع الأثرية والمعالم التاريخية في قوائم التراث العالمي المادي واللامادي طبقا لاتفاقية سنة .2003 وكانت وزيرة الثقافة، السيد خليدة تومي ونظيرها التونسي، السيد عز الدين باش شاوش، قد تناولا خلال محادثاتهما واقع التعاون الثقافي بين البلدين والسبل الكفيلة بدعمه وتنويع مجالاته، خاصة في ميادين الإبداع الأدبي والانتاج المسرحي والسينمائي المشترك وحماية التراث والآثار وتشجيع المبادلات والاتصالات بين دور النشر. وبالمناسبة، سلطت السيدة تومي الضوء على أهمية التراث ومكانته في صون ذاكرة المجتمع وضرورة الحفاظ عليه، وأكدت على تعميق علاقات التعاون بين البلدين في ميدان التكوين المتواصل للشباب المتخصص في التراث، مما يسمح بتوسيع دائرة معارفهم وتعميق بحوثهم ودراساتهم، كما أثارت السيد تومي مع نظيرها التونسي قضية تهريب الآثار، مشددة على ضرورة مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي تعد بمثابة جريمة ترتكب في حق الشعبين الجزائريوالتونسي وذلك في نطاق اتفاقية اليونسكو لسنة .1970 ولدى تطرقها لتقييم وضعية التعاون الثنائي، ذكرت الوزيرة بأن الانتاج المشترك في المجال السينمائي قائم بين البلدين، كما يتواصل الانتاج المسرحي المشترك وتستمر دور نشر الكتب في البلدين في المشاركة في صالون الجزائر للكتاب الذي بلغ عدد زواره في ظرف أسبوع مليون ونصف مليون زائر. وأبرزت المتحدثة -بالمناسبة- أهمية دور الثقافة في التقريب بين الشعوب، مؤكدة بأن الأسس الثقافية التي تزخر بها دول المغرب العربي، يمكن أن تشكل قاعدة متينة للسياسيين وتسمح لهم بإعادة الحركية لاتحاد المغرب العربي. وتطرقت السيدة تومي إلى المسائل المتصلة بحقوق الإنسان الثقافية، مسجلة بأن المعركة من أجل هذه الحقوق لا يجب أن تتوقف، إلى غاية ضمان الحق في التعبير والإنتاج الثقافي الحر دون رقابة ولا عوائق. وخلصت في هذا السياق، إلى التأكيد على أن ''المسؤولية ليست مسؤولية وزراء الثقافة، بل هي مسؤولية المجتمع ككل، ولاسيما المجتمع المدني الذي وجبت عليه حماية الانتاج والتعبير الثقافي الحر''. وتجدر الإشارة إلى أن وزيرة الثقافة قامت، خلال إقامتها بتونس، بزيارة معالم أثرية وتاريخية في مدينة ''نابل'' منها مدينة ''كراكون'' الأثرية التي تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد والتي أسست في العهد البوني، كما زارت متحف مدينة نابل الذي يضم آثارا تعود للعهد البوني (القرن الرابع قبل الميلاد) علما بأن الحضارة البونية ظهرت بعد قدوم الفنيقيين إلى تونس وبالتالي فهي تعتبر مزيجا بين الحضارة الأمازيغية والفينيقية.