اختتمت ،سهرة أول أمس، الأيام الثقافية للإمارات العربية المتحدة بحفل أحياه الفنانان جاسم محمد وأحمد العلي، لم يخرج عن إطار المتعة الذي تعود عليه الجمهور التلمساني وهو يحضر كل الحفلات التي تم إحياؤها بهذه المناسبة.وكانت مفاجاة حفل الاختتام أداء الفنان جاسم محمد لأغنية ''نجمة قطبية'' لرابح درياسة ولمقطع من أغنية ''سيدي بومدين'' لنوري الكوفي، التي صفق لها الحضور طويلا، فضلا عن تقديمه لأغان جزائرية أخرى رفقة الفنان أحمد العلي الذي أعاد أداء مقطوعات من إلياذة الجزائر وأمتع الحضور بأغنية ''عندي واحدة'' السطايفية. توالت إذا اللوحات الموسيقية المقدمة من طرف الفنانين الإماراتيين رفقة الفرقة المرافقة لهما من عازفين وراقصين في آخر يوم من عمر الأسبوع الثقافي الإماراتي، الذي نظم في إطار تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية''، وفي آخر يوم من احتكاكه بالجمهور التلمساني، عمل الوفد الإماراتي على تقديم الأحسن من أجل إمتاع الجمهور الحاضر لقصر الثقافة من أجل تذوق الفن الاماراتي. ومثلما شهده حفل الافتتاح، عمد الفنانان جاسم محمد وأحمد العلي إلى تقديم كوكتيل متنوع من الأغاني التي تعكس تراث البلدين، وبهذا استمع الجمهور بأغان إماراتية وأخرى جزائرية، بعضها تمت تأديتها في الحفلات السابقة وأخرى اعتبرت بمثابة مفاجأة السهرة، منها أغنية ''وهران'' للشاب خالد و''سيدي بومدين'' و''نجمة قطبية'' الأغنية الجزائرية الأكثر تأدية من الفنانين العرب. وطيلة السهرة، التي حضرها مسؤولو الوفد الاماراتي ومسؤولو التظاهرة الجزائريون وعلى رأسهم المنسق العام، السيد عبد الحميد بلبلدية، خلق الفنانان جوا تفاعليا مع الجمهور، لاسيما عند تأدية الأغاني الجزائرية، لكن التفاعل لم يكن حكرا على الأغاني الجزائرية، بل مع الأغاني الاماراتية أيضا، وأعطت رقصات الفرقة نكهة خاصة للحفل، الذي انتهى برفع علم البلدين جنبا إلى جنب تحت اهازيج ''وان تو ثري فيفا لالجيري'' التي كان يرددها الشباب بالخصوص، فالتلمسانيون يعرفون كيف يرحبون بضيوفهم دون أن ينسوا الافتخار بانتمائهم. وحضر الوفد الإماراتي قبل مغادرته الجزائر حفل افتتاح المهرجان الثقافي الدولي للديوان الذي يحتضنه مسرح الهواء الطلق بالكدية إلى غاية 26 من هذا الشهر، والذي أحيته فرقة ''الجوق الوطني لباربيس". وفي تقييمه للحفلات التي أحياها الفنانان الإماراتيان تحت قيادته، قال مخرجها إن الأسبوع الثقافي الإماراتيبتلمسان أثبت أن الاخيرة تستطيع استقبال أكبر الأحداث، وأشاد بالتجاوب الكبير للجمهور مع الحفلات قائلا: ''إذا كان هناك من تقييم فهو يتجه إلى الجمهور الحلو والجميل الذي كان جد متفاعل مع الفنانين، فإذا كان هناك نجاح فهو يرجع له أولا وإلى الادارة وهذا الشعب الجميل الذي لم يحسسنا بالغربة أبدا وأنا سعيد للتجاوب مع الأغاني الجزائرية التي تمت تأديتها لأنه كان فوق المتوقع''. المسكوكات الإسلامية بخلفيات سياسية واجتماعية وعرف أسبوع الإمارات إلقاء الأستاذ عبد الله جاسم المطيري محاضرة استعرض فيها ''الشعارات والعبارات على المسكوكات الاسلامية: الأسباب والغايات''، حيث عاد بالحاضرين إلى الفترة الممتدة بين عهد الخلافة الراشدة وفترة الدولة العثمانية، محللا الآيات القرانية المرفوعة أو العبارات المرقومة. ويمكن الخروج بفكرة هامة من هذه المحاضرة وهي أن المسكوكات أو النقود كانت وسيلة جد مستخدمة من طرف الحكام لإبراز سلطتهم وسطوتهم وقوتهم، وهوما أشار اليه الأستاذ المطيري حين قال ''نرى أنها مسايرة للحال التي كانت عليه الدولة''. وقسم المحاضر، وهو مختص في المسكوكات ويملك مجموعة هامة منها، الشعارات المكتوبة عليها من حيث المضمون إلى قسمين: القسم الأول هو الآيات والشعارات على نقود الخلافة الراشدة والأموية والعباسية والدول والدويلات، والقسم الثاني الآيات والشعارات على نقود الثوار، وهما قسمان استغلا في ثلاثة اتجاهات هي: الخط السياسي، الانتصار المذهبي والحالة الاجتماعية. ومن خلال الشعارات والآيات القرانية التي تميزت بها مسكوكات ذلك العهد، عاد بنا الأستاذ إلى الوضع السياسي الذي ساد وقتها عبر مختلف الدول الإسلامية التي عاصرت تلك الفترة، مؤكدا على أن المسكوكات كانت تعكس قوة الحاكم، لذا استخدمت من طرف معارضيه لإظهار قوتهم المعاكسة، كما أن نوع المعدن المستخدم في صك النقود كان له أهميته وكان دليلا على قوة أو ضعف الدولة اقتصاديا، عكس ما هو معروف حاليأ، فصك النقود من الذهب يعني القوة الاقتصادية للدولة مقارنة باستعمال الفضة. أفلام قصيرة ترصد المعاناة الإنسانية في المجال السينمائي، تميز أسبوع الإمارات العربية المتحدة المنظم في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية، بعرض سلسلة من الأفلام القصيرة، تناولت في مجملها مشاكل اجتماعية صحيح أنها مجسدة من طرف فنانين إماراتيين وتحكي حكايات إماراتية، لكنها تعكس ظواهر معاشة في كل البلدان العربية، وهي تدور خصوصا حول عالم ''الطفل'' من جهة وعالم ''المرأة'' من جهة أخرى. ففي فيلم ''دعاء'' لعمر ابراهيم، نعيش ونضحك في جولة مع أفكار طفل، يعلق ببراءة عن الأشخاص الذين يحيطون به حتى والده. الفيلم تجري أحداثه داخل مسجد، نشاهد خلاله الطفل وهو جالس ينتظر مع رجال البلدة الأذان لتأدية الصلاة، وطيلة الوقت سنتعرف من خلال أفكاره على شخصيات الفيلم، أولهم والده الذي يقول إنه مختلف الطباع بين البيت والمسجد، لنشاهد في تلك اللحظة لقطة يتذكر فيها كيف هرب خارج البيت حين كان والده يضرب والدته، وتتوالى الأحداث بهذه الطريقة، ونلاحظ أن الطفل غير مهتم كثيرا بتأدية الصلاة وهو مايكلفه صفعة من الوالد. الطفل وككل الاطفال كان يحلم باللعب ويتخيل نفسه على الدراجة متجولا في شاطئ البحر وينتهي الفيلم القصير ب''دعاء'' يبتهل الطفل فيه إلى الله سبحانه وتعالى طالبا منه أن يسكنه الجنة وأن يزوجه بحورية وليس بابنة عمه أو ابنة خالته. مثله، غاص فيلم ''أحزان صغيرة'' لهاني الشيباني، في عالم الطفولة ومشاكلها عبر حكاية طفل يستفيق يوما ليكتشف ثقبا في مؤخرة شعره لايعرف سببه وطيلة مدة الفيلم نشاهد القلق الكبير للأم على حالة طفلها ومحاولاتها المستميتة لإيجاد حل لذلك الثقب الغريب، الذي كان سببا لرفض الطفل الذهاب للمدرسة، وفي كل مرة يعبر فيها عن رفضه الذهاب، تصب الأم جام غضبها على الأب الذي لايجد في آخر المطاف مفرا لاتقاء صراخ زوجته سوى حلق شعر رأس ابنه كله وهذا ما أدى بزملائه إلى السخرية منه، وهي وضعية تبدو كأنها قدر محتوم عليه. وبعيدا عن الأطفال، خاض فيلم ''السهيلي'' لمحمد السعدي، في مشاكل المرأة بجرأة قد تبدو مفاجئة للبعض، حيث يصور قصة امرأة ترزق بولد معاق من علاقة غير شرعية، يكون في الأخير ضحية علاقة غير شرعية بين رجل وامرأة، الابن الذي يكتشف ب''براءة'' هذه العلاقة بين فتاة ورجل من بلدته، يستعمل ككبش فداء عند خطبة الفتاة من رجل آخر، إذ لا تجد -بمشورة من صديقها- الا هذا الفتى المريض من أجل إلصاق تهمة الاغتصاب به حتى تُنجي نفسها من تهمة تلطيخ الشرف، لكنها في آخر المطاف تكون السبب في تحميل أقربائها دم الفتى الذي يضرب ثم يقتل في غياب أمه التي تنهي حياتها متسولة في الشوارع ولاتعلم حتى مكان دفن ابنها.