ككل عام، يحل علينا رمضان بحلة جديدة تصنعها العادات والتقاليد التي تميّز بين مختلف الشعوب الإسلامية، حيث تسعى العائلات لاستقباله بإضفاء نوع من التجديد الذي يفرضه عليها المحيط من أمور تجعل من هذا الشهر المعظم متميزا عن غيره من أشهر السنة. هي ظاهرة لاحظناها عندما قصدنا أحد الأسواق بالعاصمة نهاية الأسبوع الماضي سمحت لنا بملاحظة التغييرات الحاصلة على مستوى الباعة والمنتوجات التي أصبحوا يبيعونها والأشياء التي أصبح كل واحد يسعى لاقتنائها كلها أشارت لنا إلى أن الزبون يستعد لاستقبال شهر ليس مثل كل الشهور، حيث أن اقتراب شهر رمضان قضية شغلت بال العديد من العائلات الجزائرية، إذ شرعت وكالعادة بشراء الأواني الجديدة للمطبخ استعدادا لشهر رمضان. هذه واحدة من بين العديد من الاستعدادات التي يقوم بها المواطن الجزائري قصد تزيين مائدة رمضان بكل ما يدعو إلى فتح الشهية قبل دقائق قليلة من وقت الإفطار. غريب فعلا أن يقوم المسلمون بمثل هذا الاستقبال بحجة أنه ''فال'' في حين يتناسون قيمة هذا الشهر وفوائده من باب الاجتهاد والتقرب من اللّه عز وجل. إن الأسواق وما تعرضه من جديد في هذا المجال من أطقم أواني بكل الأشكال والألوان، هو ما جعل الزبائن يقبلون على مثل هذه التصرفات وهذا ما أكّدته لنا السيدة أم مريم عند التقائنا بها في إحدى المتاجر الكبرى والتي كانت تحمل في قفتها أواني جديدة أدركنا من الوهلة الأولى بأنها مقتنيات خاصة برمضان وهذا ما أكّده حديثنا معها حيث لم تتردد في البوح لنا بأنها لا يمكن أن تتصور رمضان دون أواني جديدة مبررة قولها بأن زوجها يهوى رؤية المائدة الرمضانية مزينة بكل ما يفتح الشهية ويرضي النفس. إلاّ أن الآراء تختلف من واحدة لأخرى، حيث حدثتنا أخرى عن أشياء بديلة لاستقبال شهر رمضان، إذ تفضل انتظاره في البيت من خلال تنظيف البيت وخاصة المطبخ وتلميع الأواني القديمة، فهي تخالف تماما من التقينا هم في السوق، حيث أنها بالإضافة إلى كل هذه الأعمال المنزلية تقوم بتحضير قائمة الأطباق التي تسعى لتحضيرها خلال شهر كامل بعيدا عن التكرار والملل خاصة أن رمضان هذه السنة يطل علينا في أعز أيام الصيف، ما يستدعي التخمين في أطباق موسمية خاصة بفصل الصيف قصد ضمان التوازن الغذائي لكل صائم. وبالرغم من الارتفاع الكبير للأسعار الذي تشهده الأسواق في هذه الأيام، إلاّ أن الزبون الجزائري لا يزال متمسكا بالعادات التي أصبحت تكلفه غاليا، مبرّرين ذلك في كلمة ''الفال'' التي يتم استخدامها كحجة لتبرير هذا الاستقبال غير منطقي وغير الشرعي لهذا الشهر على أساس أنها عادات نشأنا عليها ولا يمكن الاستغناء عنها. بالإضافة إلى التغيير الذي يشهده السوق من حيث تغيير نشاطات بعض الباعة حسب المناسبات، وهذا ما أكّده لنا أحد الباعة في قوله ''إن الحاجة تبرر الوسيلة'' إذ أن التغيير في مثل هذه المناسبات يعدّ ضروريا خاصة إذا أراد البائع أن يحقق ربحا تجاريا، فهدف الباعة حسبه أنهم يسعون لإرضاء زبائنهم وتوفير كل ما يخدم مصلحة هذا الشهر، وهذا ما يفعله كل من عمال المخابز والحلويات، إذ يغيّرون نشاطهم حسبما يوافق الشهر، فبدلا من صنع الحلويات يلجأون إلى صنع الخبز بكل أنواعه، بالإضافة إلى الزلابية وقلب اللوز التي تميّز هذا الشهر باعتبارها حلويات رمضانية خالصة. فارس وهو أحد الباعة الذين غيّروا من نشاطهم تماشيا مع اقتراب شهر رمضانِ مبررا قوله ''إن أغلبية النساء صبت اهتمامها في الآونة الأخيرة إلى الأواني المنزلية وكذا لوازم الطبخ من عقاقير وغيرها من الأشياء التي تستخدم في إضفاء ذوق مميز على أطباق رمضان''.