بعد عرضها بدار الثقافة ''عبد القادر علولة'' والمركز الدولي للصحافة ''رشيد بابا أحمد''، تحطّ أفلام تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية'' ضيفة على قاعة ''الموقار'' خلال هذا الشهر الفضيل، حيث برمج الديوان الوطني للثقافة والإعلام عشرة أفلام وثائقية أنتجت ضمن الفعاليات السينمائية لهذه التظاهرة التي ما فتئت تثمر أعمالا متميّزة. العروض السينمائية لهذه الأعمال ستنطلق هذا الخميس بفيلم المخرج نزيم قايدي عن سيناريو عيسى شريط وعبد الوهاب بن منصور والمعنون ب ''قدور بن عاشور الزرهوني''، ويسعى القائمون على هذا الوثائقي إلى الإشارة عبر شخصية الشيخ قدور بن عاشور بأنّ الإنسان الجزائري له من العبقرية ما يمكّنه من جمع الكثير من المواهب تماما مثل هذه الشخصية التي جمعت بين الموسيقى والغناء والشعر والتصوّف الديني، ويمكن عبر هذه الوسائل الفنية أداء الرسالة التربوية فضلا على تحقيق الإضافة النافعة للمحيط والمجتمع، ويوضّح الشريط تسلسل وتوارث العلم أبا عن جد من بداية التاريخ المكتوب إلى اليوم في مدينة العلوم والمعرفة المرتبطة الحلقات عبر الزمان، وصولا إلى دار الحديث، المدرسة الأولى التي بنتها جمعية العلماء المسلمين من أوّلها إلى آخرها، فهي ثمرة أهل تلمسان وحبّهم للعلم والعلماء وتفانيهم في خدمة الدين والعلوم بمختلف أصنافها. ويلي هذا العمل، يومي السادس والسابع أوت الجاري، عرض الفيلم الوثائقي المخصّص ل ''بستان تلمسان'' للمخرج حفيظ بن صالح الذي تنقّل عبر دروب المدينة العتيقة وبقايا آثارها الشهيرة، من باب القرمادين إلى المدرسة الخلدونية، إلى مساجدها المختلفة ومن مدرسة دار الحديث إلى قلعة المشور، إلى حدائقها الغناء بالحوض الكبير وبعض أحوازها، محاولا تسليط الضوء على مساهمة أعلام تلمسان وعلمائها في الحضارة الإسلامية والإنسانية، وإبراز المكانة التي بلغتها المدينة، من عهد أبي مدين شعيب الأشبيلي الأندلسي، معلم وشيخ المتصوفة الشهير ابن عربي، إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في بعث الوعي والإصلاح، انطلاقا من دار الحديث، مركّزا على شخصية الشيخ البشير الإبراهيمي، أين استنطق الفيلم عدّة شهادات، كان أهمّها للشيخ بن يونس آيت سالم، أحد أعلام دار الحديث، مقدّما صورا نادرة بالأبيض والأسود للشيخ البشير الإبراهيمي. ''الحاجة لالة مغنية'' ستطلّ على العاصميين من الثامن إلى العاشر أوت الجاري من خلال الفيلم الوثائقي الخيالي المخصّص لحياتها، حيث يسلّط المخرج مصطفى حسيني الضوء على جوانب من حياة ابنة الغرب الجزائري التي خلّدت منطقتها بأعمالها الخيّرة وكفاحها المستميت دفاعا عنها وأعطتها اسمها الذي تعرف به إلى الآن. وتنتقل أحداث هذا الفيلم الوثائقي للمخرج التلفزيوني مصطفى حسني، من الحاضر إلى الماضي من خلال شخصية الباحث التي يجسّدها الممثل سمير بوعناني الذي من خلال رحلة بحثه حول حياة ''لالة مغنية'' يعود بالمتفرّج إلى الماضي ليروي حياتها، حيث يعتبر الفيلم الوثائقي الخيالي ''الحاجة لالة مغنية''، أوّل عمل سينمائي يكشف نقاط ظلّ عديدة في حياة وكفاح هذه المرأة الصالحة، حيث اعتمد المخرج مصطفى حسيني على المزج ما بين التوثيق والخيال. وسيعرض في الحادي عشر والثاني عشر من الشهر الجاري، الفيلم الوثائقي عن حياة ''الشيخ عبد الكريم المغيلي'' للمخرج العربي لكحل الذي يعرّف في 70 دقيقة بشخصية مشرقة لإنسان ساهم كثيرا في نشر الدين الإسلامي عبر كامل دول الساحل، ليليه من الثالث عشر إلى الخامس عشر أوت عرض فيلم ''سيدي بومدين شعيب الغوث'' للمخرج يحي مزاحم الذي يستحضر شجاعة وقوّة إيمان وطيبة نفس هذا الإنسان الذي لا يزال محبوبا ومقدّرا لدى كلّ الناس، رغم أنه توفي منذ حوالي 900 سنة، ويتوقّف عند لقاء سيدي بومدين بصلاح الدين الأيوبي حينما غادر بلاده للجهاد ضد الصليبيين في الأراضي المقدسة وفقدانه ذراعه الأيمن خلال إحدى المعارك. ''سيدي محمد بلقايد'' هو سادس فيلم وثائقي سيعرض خلال هذا الشهر، حيث يتطرّق المخرج حاج أحمد منصوري لمسيرة إحدى أهم الشخصيات العلمية والصوفية في جزائر الثورة والاستقلال، وركّز على إبراز دور الزاوية البلقائدية الهبرية، التي أسّسها المرحوم محمد بلقايد، في احتضان مجاهدي ثورة التحرير، وما لقيته من مضايقات، أفضت إلى قرار الاستعمار بغلقها ليحوّل الشيخ نشاطه إلى مسجد ابن مرزوق. ويبيّن المخرج محمد حازورلي في عمله الوثائقي ''حلم النسور'' مسار مؤسّس الدولة الجزائرية الحديثة ومقاومته للمستعمر، وعلاقته الوثيقة مع مدينة تلمسان، حيث كتب قصائد تمجد تاريخها العريق، إذ يناقش في 50 دقيقة ملاحم عظيمة من الأمير عبد القادر بعد ''البيعة'' والمعارك العسكرية التي قادها ضدّ القوات الاستعمارية، ويلي عرض هذا الفيلم، فيلم ''تلمسان.. النوبة الأندلسية'' للمخرج شريف عقون الذي يؤرّخ فيه لمدينة تلمسان والنوبة الأندلسية بداية من حكم المرابطين ثمّ الموحدين إلى الزيانيين، وأعاد المخرج بعث أشهر ملوك بني زيان السلطان يغمراسن، الذي عمّر في الحكم خمسين سنة، كما صوّر العمل دور ميناء هنين في حياة عاصمة الدولة الزيانية. ويروي المخرج زكريا قدور إبراهيم في 52 دقيقة، مسار ''سيد أحمد بن زكري التلمساني'' الذي كرّس حياته في دراسة العلوم الشرعية والبلاغة والمنطق كما عاصر سقوط مملكة غرناطة، آخر حصون المسلمين بالأندلس على يد الأسبان سنة ,1492 ليختصر المخرج بكار بونوار حياة ومسيرة الفنان الراحل عبد الكريم دالي من الثامن والعشرين إلى الثلاثين أوت الجاري.