احتضن قصر الثقافة بالإمامة بتلمسان، فعاليات الأيام الثقافية المكسيكية التي انطلقت أول أمس بحضور سفير المكسيكبالجزائر ايدواردو رولاند، والمنظمة لتجسيد الحوار الحضاري بين الدول، حيث كان الجمهور على موعد مع الجمال الذي ترجمته الأعمال الفنية للرسامة المكسيكية فريدة كاحلو، التي تعتبر علامة فارقة في الرسم المعاصر، وكذا جمال اللوحات الكوريغرافية التي قدمها أعضاء فرقة ''نهكالي'' الشعبية والمطرب بجرانو همبرتو ارخولاندو التي استلت التصفيقات الكثيفة من الجمهور الوفي. اطلع الحضور على الكثير من اللوحات الفنية التي تركتها الفنانة المتكاملة السريالية الكبيرة فريدة كاحلو، التي افتتحت بها الأيام المكسيكيةبتلمسان، حيث عمل السفير المكسيكي على شرح لوحاتها وأفكارها، وكذا معاناتها مع المرض وعذابها وإحبطاتها في الحياة، إلا أن الأمر الذي شدد عليه في الشرح، هو شخصية المرأة الفنانة التي جعلت من الألوان والريشة خلاصا من الألم، خاصة وأنها كانت مصابة بمرض أتعبها ولدت به ولازمها طوال حياتها، يقول السيد رولاند '' المتصفح للوحات فريدة يلاحظ إقبالها الكبير على الحياة كونها كانت تحب الحيوانات، الطبيعة، الفاكهة الطازجة حلوة المذاق وجميلة الأشكال، والذي ترجمه اختيارها للألوان النابضة بالحياة، علاوة على عشقها ارتداء الملابس التقليدية المكسيكية التي تحمل نسبة كبيرة من حب الحياة والتفاؤل. المتمعن في رسومات فريدة (الفنانة التي قدمت سيرتها الذاتية الممثلة اللبنانية سلمى حايك سينمائيا)، يلاحظ اهتمامها الكبير بمتغيرات الحياة وتطوراتها، كما قدمت صورا جمعت فيها معاناة الحيوان، وخاصة الغزال الذي يصطاد، حيث شبهت نفسها به من خلال رسم صورة واضحة المعالم لوجهها مركبة على جسد غزال جريح، لتقدم من خلاله صورة عن الكم الهائل من العمليات الجراحية التي خضعت لها بسبب مرضها المزمن. وعبر سعادة السفير في الكلمة التي قرأها، عن مدى سعادته بوجوده ضمن الفعاليات الثقافية التي تعكس بدورها الصداقة الكبيرة التي تجمع الجزائروالمكسيك وهتف بالعربية للجزائر والمكسيك. بداية العرض كانت بتقديم شريط وثائقي جذاب عن المكسيك، حيث أبدع المخرج في تقديم صورة رائعة للأرخبيلات والجزر المنتشرة في المكسيك، علاوة على البساتين والحدائق والمهرجانات، لتقدم بعد ذلك فرقة ''نهكالي'' الشعبية لوحات كوريغرافية ساحرة عن يوم الزفاف بالمكسيك، حيث ترتدي المرأة أكثر من فستان ابيض بدونتال مكثف يساعدها على الرقص بطريفة لا تتقنها سوى المرأة المكسيكية، وتشارك زوجها العشرات من الرقصات المعبرة ذات الدلالات القوية في ليلة العمر، إلى جانب تقديم كم معتبر من الألبسة التي ارتداها الراقصون وقدموها في حلة بهية مفعمة بالحياة والحيوية، وسط ابتسامة لم تفارق الوجوه العارضة من بداية الحفل إلى نهايته، خاصة ان الملابس المعروضة والخاصة بالأفراح تحمل الكثير من أسرار الحياة والجاذبية وبين اللوحة والثانية يصدح المطرب بجرنو هومبرتو بأغاني مختلفة من التراث المكسيكي، حيث قدم أغنية ''شيواو'' المعروفة بالمكسيكية وأغنية ''احبك'' التي تعتبر هامة في الروابط الزوجية خاصة، كما أشار إلى ذلك في كلمة ل ''المساء''، حيث قال ''لقد غنيت للحب، والسلام والتقاليد المكسيكية العريقة، فقد كانت فرصة للتعريف باللباس التقليدي الرائع والقبعة الكبيرة التي يطلق عليها اسم صومبريرو، إنها فخر الرجل المكسيكي''. ومازاد من جاذبية الرقصات المكسكية، القرقعات الموسيقية التي تتم بعد ضرب الأرجل على خشبة المسرح، بفعل الحذاء'' البوت'' ذي الكعب العالي الذي يشترك فيه الجنسان. وأبدع الراقصون في تقديم لوحة ''عقدة الشراكة ''التي يصنعها زوجان بحركات متناغمة حول قطعة من الحاشية الذهبية اللون التي يتم عقدها بالأرجل فقط على شكل فراشة متماسكة للدلالة على الارتباط الوطيد بين القلوب وقداسة الحياة الزوجية. وكم كان جميلا منظر السيدات وهن يرتدين فساتين الأفراح الباهية الناصعة البياض برؤوس مزينة بإكليل الورد النابض بالحياة والذي زادهن جمالا وأنوثة، كما كان للدونتال الكثيف دور في إظهار مهارة الراقصات في الرقص بحرية كبيرة وتناسق شديدين بدون أي خطا يكلفهن السقوط، كما له دلالة أخرى تتمثل في الستر المتبادل بين الأزواج حتى تغطي العروس النصف من جسد زوجها. كما قدم العارضون الذكور أيضا أشكالا مختلفة من اللباس التقليدي المكسيكي الرجالي، والذي اختلف بين البذلة البيضاء التقليدية المصنوعة من جلد الجمل المطرزة بالذهبي، والبذلة السوداء المطرزة بالذهبي، والذي زادها جاذبية وسحرا حضور قبعة الصومبريرو، إلى جانب البذلات الحديثة التي استمدت بعض تفاصيلها من البذلة التقليدية الملتصقة بالجسد... والجدير بالذكر، أن الأيام الثقافية المكسيكية تتواصل لثلاثة أيام، فبعد العرض الذي احتضنه قصر الثقافة، احتضن مسرح وهران عبد القادر علولة الفعاليات، وكذا دار الثقافة لولاية مستغانم اليوم، واستمتع الحضور بجمال أعمال الفنانة فريدة على مدار ثلاثة أيام بقصر الثقافة، كما انطلقت به فعاليات الأيام الثقافية السودانية لتضاف إلى قائمة الدول الإسلامية التي صعدت على ركح مسرح قصر الثقافة. مبعوثة ''المساء'' إلى تلمسان: أحلام. م