ينتظر سكان الأحياء الجديدة بالعاصمة توفير الهياكل الضرورية التي أصبحت هاجسا حقيقيا، خاصة بعد الدخول الاجتماعي والتحاق أبنائهم بمقاعد الدراسة، حيث لا تتوفر أغلبية هذه الأحياء منها؛ المالحة ببلدية جسر قسنطينة وبئر توتة، على المؤسسات التربوية الكافية لاستيعاب العدد المتزايد للتلاميذ، فضلا عن مشكل النقل وغياب الأسواق ونقص المحلات وعدم استكمال تهيئة الطرقات بهذه الأحياء التي شيدت بطريقة جذابة وأنيقة. فالزائر لهذه الأحياء كحي ''عين المالحة الجديدة'' الكائن ببلدية جسر قسنطينة، يلاحظ أنها شيدت وفق هندسة عمرانية مميزة وجذابة أدخلت الكثير من الفرحة على أصحابها، كما يلاحظ الزائر قلة الحركة بهذه المناطق التي زارتها ''المساء'' نهاية الأسبوع الفارط، حيث كانت البداية بعين المالحة التي استقبلت عددا معتبرا من السكان، منهم التلاميذ الذين تجمع بعضهم أمام متوسطة محمد زواوي القريبة من حي''عدل''، والذين لم يتوانوا في إبداء رأيهم حول وضعية التمدرس التي قالوا أنها صعبة جدا بسبب الاكتظاظ الناتج عن وجود أكثر من45 تلميذا في القسم، والذي قد يتجاوز ال ,50 حسب بعض السكان، فضلا عن نقص التأطير وغياب الأساتذة وعدم اِلتحاق معظمهم بمناصبهم، كما لا يقل الوضع سوءا بالمدرسة الابتدائية ''عين المالحة'' بعد توافد عدد كبير من التلاميذ الجدد إليها مؤخرا، حيث يتقاسم أكثر من تلميذين طاولة واحدة ويدرسون في ظروف جد صعبة. الاكتظاظ هاجس الأولياء الأول وحسب بعض الأولياء، فإن هذه المدرسة تشهد اكتظاظا فاق حدود المعقول، بعد التحاق أطفال الأحياء الشعبية لباب الوادي بها، في انتظار فتح مدارس أخرى منها مشروع ابتدائية يجري إنجازها. أما بالنسبة لطلبة الثانوية، فحدث ولا حرج، حيث تضم بلدية جسر قسنطينة ثانوية واحدة يتوافد عليها تلاميذ مختلف الأحياء، بينما يبقى الحصول على مقعد بالنسبة للمرحّلين الجدد حلما يصعب تحقيقه في الوقت الراهن، إذ احتل قطاع التربية صدارة الترتيب فيما يخص المشاكل التي يواجهها بالأطوار الثلاثة وفي مختلف الأحياء الجديدة بسبب نقص التجهيزات والمقاعد وعدم إنجاز مؤسسات تربوية بالبلديات المعنية باستقبال المرحّلين، خاصة أن العديد منها لم تستطع توفير ظروف التمدرس المريحة لطلبتها الأصليين، وازدادت الأمور تعقيدا مع استقبالها لآلاف الطلبة الجدد، مثلما هوالأمر بالنسبة لجسر قسنطينة وبئر توتة. كما أن الملفت للانتباه بحي ''عين المالحة الجديدة''، هو تلك المساحة الشاسعة المقابلة لمقبرة حوش مقنوش التي قال أحد السكان أنه كان بالإمكان استغلالها في إنجاز متوسطة عوضا من المتوسطة الوحيدة التي ضاقت بطلابها، أو إنجاز بعض المرافق الأخرى على غرار سوق جواري يخفف على السكان عناء التنقل إلى عين النعجة لاقتناء مختلف اللوازم، خاصة في ظل نقص محلات بيع الخضر والفواكه، باستثناء بعض الباعة المتنقلين الذين يستغلون الفرصة لرفع الأسعار إلى الضعف. وما زاد من متاعب سكان عين المالحة، الذين اِلتحقوا بسكناتهم مؤخرا، هو غياب وسائل النقل واعتمادهم على سيارات ''الكلنديستان'' التي تبقى وسيلتهم الوحيدة في التنقل سواء للتمدرس أو التسوق أو تلقي العلاج، حيث استغل هؤلاء مكانا وسط حي عدل لركن سياراتهم التي وجدنا بعض الزبائن يستقلونها، بينما أثارت شابة اِلتقتها ''المساء''رفقة والدتها مشكل الاعتداءات التي تحدث ليلا ونهارا، بسبب غياب الأمن وعدم شروع مركز الأمن المتواجد بالقرب من الحي القصديري في العمل لحد الآن، حيث اشتكى جل من تحدثنا إليهم من هذا المشكل الذي يؤرقهم كثيرا. وفي مخرج الحي، لا تزال أشغال التهيئة متواصلة كما لاحظنا في عين المكان، وهذا في الوقت الذي اِلتحقت بعض العائلات بسكناتها الجديدة، كما يجري إنجاز مشروع ابتدائية لتخفيف الضغط على المؤسسات الحالية. فرحة الحصول على سكن تؤجل الشكوى.. وعلى خلاف ذلك، فإن الموقع الذي يضم 300 و100مسكن ببئر توتة التي استقبلت أكبر نسبة من المرحلين، انتهت به الأشغال بصفة كاملة خاصة الطرق والمساحات الخضراء المحيطة به، حيث استحسن السكان الطريقة التي شُيّدت بها العمارات التي تضم ثلاث وأربع غرف، بينما ينتظرون حل مشكل نقص المرافق والمؤسسات التربوية الذي أرقهم كثيرا، حيث ذكرت سيدة أن ابنتها لم تتمكن من الحصول على مقعد بالمتوسطة، مما يضطرها إلى التنقل يوميا للدراسة بحي ديار السعادة بالمدنية حيث كانت تقيم من قبل، مما سينعكس بالتأكيد على المستوى الدراسي للتلاميذ، كما أشارت سيدة أخرى اِلتقيناها بحي 1680 مسكنا أن ابنتها تغادر البيت في السادسة صباحا للالتحاق بثانويتها وسط العاصمة، وهذا بالرغم من مشكل نقص وسائل النقل بهذه الأحياء وبُعْدها عن محطة القطار ومحطة نقل المسافرين لبئر توتة. ولم يُخف بعض من تحدثنا إليهم أيضا مخاوفهم على مستقبل أبنائهم الذين يدرسون في أقسام مكتظة بسبب عدم التنسيق بين قطاعي السكن والتربية، حيث وجد تلاميذ الابتدائي والثانوي أنفسهم في أقسام تضم 50 تلميذا داخل القسم الواحد، في حين لم يحظ البعض الآخر بمقعد في بلديته الجديدة، على غرار ما يحدث ببئر توتة التي لم تسع ثانويتها الوحيدة لطلبتها الذين تم تحويلهم إلى ثانوية الخرايسية للدراسة، رغم بعد المسافة بين البلديتين. وحسب بعض سكان حي1680مسكنا، فإن الوضع لم يتحسن رغم أنهم رحلوا من''فونتان فراش''منذ سنتين كاملتين، حيث لم يتم بعد تهيئة الطرق والأرصفة بطريقة جيدة، كما أن تلاميذ الابتدائي يقطعون مسافة بعيدة للإلتحاق بالإبتدائية الجديدة البعيدة عن حيهم، رغم مخاطر الطريق التي تواجههم، فضلا عن بعد السوق الجواري وغياب مواقف الحافلات الذي فتح المجال لأصحاب السيارات غير الشرعية الذين استنزفوا جيوبهم، خاصة أنهم يتنقلون باستمرار لقضاء حاجاتهم من وسط مدينة بئر توتة بسبب غياب المحلات كالمخابز وغيرها من المرافق الضرورية، منها المراكز الصحية التي اعتبرها البعض أكثر من ضرورية، خاصة أن العيادة الطبية الوحيدة المتواجدة بمدخل بئر توتة بعيدة عن السكنات الجديدة. ولم يفوّت بعض سكان هذه الأحياء فرصة تواجدنا للتعبير عن فرحتهم بنوعية السكنات الاجتماعية التي استفادوا منها، والتي وفرت لهم الراحة التامة عوضا من السكنات الضيقة التي كانوا يقطنون بها لسنوات طويلة، وذكر هؤلاء أنه على سكان الأحياء الجديدة الحفاظ على المساحات الخضراء التي زادت الأحياء جمالا، ومراعاة النظافة وعدم إحداث ضرر بالعمارات وكل ما يحيط بها، كونها أصبحت ملكهم الخاص وسعوا كثيرا من أجل الحصول عليها، بينما قال البعض الآخر أن صبرهم على الحصول على منزل لائق يجعلهم قادرين على انتظار تجسيد مشاريع أخرى تحل ما يُطرح من مشاكل، في مقدمتها إنجاز مؤسسات تربوية تضمن التمدرس في ظروف جيدة لأبنائهم. حلول ظرفية في انتظار استلام المشاريع وفي هذا السياق، ذكر مصدر من مديرية التربية لغرب العاصمة أن مشكل الاكتظاظ الذي تعرفه الأحياء الجديدة ناتج عن تأخر استلام بعض المؤسسات التربوية التي يجري إنجازها، مثلما هو الأمر بحي عين المالحة الذي تتواصل به أشغال إنجاز مدرسة ابتدائية واستقبال جميع التلاميذ دون استثناء بعدما أصدر مدير التربية تعليمة تمنع منعا باتا رفض تسجيل أي تلميذ مهما كانت الظروف، واتخاذ إجراءات استعجالية لعدم حرمان المرحلين إلى الأحياء الجديدة من الدراسة، وذلك من خلال ''تفجير'' الأفواج التربوية وإنشاء ما يسمى بالأقسام الدوارة داخل المؤسسات، وفتح بعض الملحقات بالمدارس الابتدائية واستغلال كل الفرص من أجل ضمان تمدرس التلاميذ، في انتظار استلام وإنجاز مدارس جديدة، كما تم إصدار قرارات الاستخلاف والتعاقد لمواجهة مشكل التأطير وحتى لا يبقى التلميذ بدون دراسة، خاصة أن مشكل التأطير لا يزال يطرح هو الآخر في العديد من المؤسسات التي تعرف ضغطا كبيرا داخل الأقسام خاصة في بئر توتة التي شهدت في السنوات الأخيرة توسعا عمرانيا كبيرا مقابل غياب المرافق الضرورية خاصة المؤسسات التربوية التي تعتبر من الأولويات، إذ لم يجد مديرو المدارس بهذه المنطقة حلا لمشكلة التلاميذ المرحّلين سوى فتح أقسام جديدة ومضاعفة تعداد تلاميذ المدارس الثلاث إلى مستويات قياسية، مما حول نعمة الحصول على سكن جديد إلى نقمة بالنسبة لأولياء التلاميذ.