هو عازف فريد من نوعه، أحب العزف منذ نعومة أظافره واكتشف سحر الرنين من خلال الأواني المنزلية التي رافقته خلال الطفولة إلى أن اكتشف آلة ''الباتري'' بعد مرافقته لوالده الملاكم بحي العقيبة، عن رحلته الفنية وتدرجه في العزف من الأواني مرورا بآلة الباتري إلى العزف مع كبار الفنانين أمثال ''ليوفيري''، ''جامس براون'' و''هنري سلفادور'' تحدث إلينا عبد الرحمان كروي. متى كانت البداية مع آلة الباتري، ولماذا الباتري بالذات؟ اكتشفت روعة وسحر هذه الآلة بالصدفة، أي من خلال حفل فني أقامته فدرالية الملاكمة، أتذكر أن يومها أحيا الحفل المغني ''ليونال هامبتن'' (Lionel hampton) وهناك تعرفت ولأول مرة على آلة الباتري التي لم تكن معروفة لدينا من قبل، ومن هنا كانت البداية. ولماذا الباتري بالذات؛ أقول -كما يقال- إن الناس فيما يعشقون مذاهب وأنا اتخذت من الجاز والباتري مذهبي وكان هو الدرب الذي سرت فيه حبا وطواعية. بما أن آلة الباتري كانت مجهولة وقتها كيف استطعتم تعلم العزف عليها؟ إذا أحببنا شيئا تعلمناه قطعا؛ وعندما نريد نستطيع، لكن ما ساعدني أكثر على اتقان عزفها هو انخراطي في نادي الرياضة التابع للكشافة الإسلامية والذي تواجد به جوق موسيقي فيه كل من هارون الرشيد، مصطفى سحنون وعبد الكريم لحبيب، وكنت أتدرب على العزف يوميا، كانت تجربة مفيدة جدا بالنسبة لي، درست من خلالها فنون وتقنيات الجاز معتمدا على ذاتي وخبرات بعض الفنانين في الميدان. كيف تم انضمامكم لجوق المنوعات ؟ تم ذلك بفضل دعم وتشجيع مسؤولي النادي فهم من وجهوني لجوق المنوعات بعدما شهدوا على موهبتي وتفنني في العزف؛ فانضممت إلى جوق حداد الجيلالي كعازف باتري، وبفضل الموسيقى زرت ربوع الوطن بأكملها تقريبا وكان لي شرف مرافقة كوكبة من عمالقة الفن الجزائري منهم: رحاب الطاهر، محمد العماري، عبد الحميد عبابسة، خليفي أحمد، آكلي يحياتن، سلوى، نورة.. وغيرهم، كما رافقت فرقة البالي الوطني داخل وخارج الوطن وتلقيت تشجيعا دائما من السيد بوديا مدير المعهد وقتها. كانت لك رحلة طويلة مع الجاز لم تنتهي بعد حدثنا عنها؟ هي ضربة حظ أصابت فأثمرت بقدوم المغني ريشار إلى الجزائر لإحياء حفل في زرالدة، حيث صادف وأن سمع عزفي فاعجب به وطلب مني شخصيا الالتحاق بغرفته فلم أفوت الفرصة، ومن هنا بدأت المغامرة الفنية التي انتهت بالاحتراف في الخارج، ولقد حالفني الحظ لمرافقة فنانين أوروبيين كبار أمثال: بوب ديستني، فرانك ألمو، أنتوان، ساشا ديستل، فرانس ال، جامس براون، هنري سالفادور، راي شارلز، جوني هوليداي وغيرهم، وطبعا تمكنت بفضل ذلك من زيارة العالم واكتشافه.. من العزف صغيرا على الأواني إلى العزف كبيرا مع الكبار وعلى آلة الباتري، فما العبرة التي استخلصها من هذه الرحلة الفنية؟! تعلمت أن لامستحيل بالإرادة والإصرار، وأن النجاح ليس بالشهادات فقط والدليل أني لم أدخل يوما معهدا ولم أتعلم العزف في معهد لكن هي الموهبة ومدرسة الحياة التي غمرها التحدي، لقد عشنا زمنا صعبا قبل وبعد الاستقلال ولم نكن نحتكم على ما هو موجود، اليوم، ورغم ذلك حققنا ما لم يحققه هذا الجيل.. الجزائر غنية بطبوعها وبما أنك اتخذت من الجاز طابعك الخاص، فهل انشعالك بالجاز ألهاك عن التراث؟ لا، أبدا فالأغنية الجزائرية تسري في دمي وأنا أعشق التراث، والجزائر بالفعل كما تفظلت غنية بطبوعها، والعالم كله استمد منها حتى الجاز والسالسا، فالعالم يأخذ التراث ويطوره ونحن للأسف نبقى مكاننا لا نجتهد وأنا صراحة حريص أن لا ينهب هذا التراث وغيور عليه لدرجة قد لا تتصورينها، فأنا عادة لا أعيد عزف المقطوعة ذاتها أمام الملأ كي لا يعيدوا عزفها ويتقنوها، خاصة أمام الأجانب. لم يطمح العازف عبد الرحمان كروي؟ حلمي هو فتح مدرسة خاصة بتعلم ''الباتري'' هذه الآلة التي قل عازفوها، بل وشحوا والتي تعد بمثابة الميزان الفني، وآمل أن ألقى دعما من الجهة المعنية، وهذا حتى لا تختفي هذه الآلة عندنا، وختاما أشكر ''المساء'' على هذه الاستضافة الطيبة وكل اهتمامها بالفن والفنانين الجزائريين خصوصا.