تشهد محطات ميترو الجزائر تدفقا كبيرا للمسافرين الذين تجاوز عددهم 80 ألف مسافر يوميا، منهم 40 ألف مسافر في اليوم الواحد عبر محطتي البريد المركزي والبدر، كما لا تخلو المحطات الثمانية المتبقية من حركة زبائن الميترو، خاصة منهم الطلبة والعمال الذين تخلصوا من هاجس اختناق حركة المرور التي تشهدها العاصمة طيلة أيام الأسبوع، وذلك منذ دخول هذا الأخير الخدمة في بداية الشهر الجاري. أدى التحسن الكبير في ظروف النقل عبر الميترو إلى استقطاب هذا الأخير لآلاف الزبائن في ظرف وجيز، مثلما لاحظت ''المساء'' التي تنقلت عبر محطاته المختلفة، وخاصة محطة البريد المركزي التي وجدناها عند الثانية زوالا تعج بالمسافرين، خاصة منهم الطلبة والعمال الذين اِصطفوا في طوابير لاِقتناء التذاكر التي تمكنهم من التنقل عبر هذه الوسيلة الراقية في ظرف وجيز، مثلما أكدت طالبة بالجامعة المركزية، مشيرة أنها اِتفقت وزميلتها على دفع اِشتراك شهري للإستفادة من الخدمة النوعية للميترو والتخلص من مشكل التأخر عن مواعيد الدراسة الذي كانت تتسبب فيه حركة المرور من جهة، والناقلين الذين فرضوا قانونهم الخاص من جهة أخرى.
20 حافلة ومحطة للطاكسي بحي البدر من جهتها، أشارت عاملة بمؤسسة عمومية بوسط العاصمة إلى أن دخول الميترو الخدمة أنقذها من الضغط اليومي الذي كانت تعيشه بسبب بطء حركة السير عبر شارع جيش التحرير، خاصة على مستوى محطتي خروبة ولاقلاسيار، حيث كان المواطنون يقضون أغلبية وقتهم في حافلات النقل العمومي، الأمر الذي أدى بالأغلبية إلى هجران ''مسالك القلق والتوتر'' واللجوء إلى الميترو الذي أصبح مطلوبا بكثرة في الصباح وفي نهاية ساعات العمل، خاصة من الساعة الرابعة إلى السادسة مساء، مثلما أكده ل ''المساء'' مسؤول محطة بميترو الجزائر السيد روابح عمر الذي أكد أن الحركة لا تتوقف إلا مع توقف الرحلات في الحادية عشر ليلا، مشيراً أن استعمال الميترو لا يقتصر على الطلبة والعمال أو البالغين، بل تعداه إلى التلاميذ والأطفال الذين يصطحبهم أولياؤهم في النصف الثاني من يوم الثلاثاء، وفي نهاية الأسبوع إلى حديقة التجارب بالحامة التي تقع بها إحدى محطات الميترو، وهو ما استحسنه العاصميون الذين يُنتظر أن يزيد إقبالهم على الميترو بعد الشروع في استعمال ''الإشتراك الأسبوعي والشهري'' الذي يسمح بالسفر غير المحدد خلال فترة الإشتراك، والذي يتم في شكل صيغتين؛ بقيمة 540 دج بالنسبة للإشتراك الأسبوعي، و1820 دج بالنسبة للإشتراك الشهري، وذلك في شكل بطاقة إلكترونية قابلة للتعبئة.
أصحاب السيارات يجدون ضالتهم من جهتهم، تخلى العديد من أصحاب السيارات، خاصة العاملين بوسط العاصمة عن مركباتهم واتجهوا إلى الميترو هروبا من اختناق حركة المرور ومشكل نقص الحظائر الذي ظل يؤرقهم لسنوات، مثلما أكدته إحدى العاملات ل ''المساء''، مشيرة إلى أنها تقل سيارتها من عين النعجة إلى محطة حي البدر، حيث تستبدلها بالميترو الذي وفر لها الراحة والوقت وتكاليف ركن سيارتها في الحظائر العشوائية. وما زاد من إقبال المواطنين على الميترو- حسب مسؤول محطة ميترو الجزائر- السيد روابح عمر الذي اِلتقيناه بمحطة حي البدر بالقبة، هو توفر الأمن الذين يضمنه 400 شرطي و400 عون أمن مصحوبين -مثلما لاحظنا- بالكلاب المدربة، ومراقبتهم المستمرة لأي تحرك مشبوه من أجل سلامة المسافرين، حيث تسير الأمور على ما يرام منذ انطلاق الميترو في العاصمة التي أصبحت المدينة الأولى التي استفادت من هذه الوسيلة مغاربيا، والثانية بعد العاصمة المصرية القاهرة. وقد ساهم توفير حافلات النقل العمومي على مستوى محطة البدر في تسهيل استعمال الميترو، حيث تضمن 20 حافلة تابعة لمؤسسة النقل الحضري وشبه الحضري ''إيتوزا'' المتواجدة على مستوى محطة حي البدر، النقل لسكان المنطقة الجنوبية للعاصمة، منها حافلة تغطي خط براقي عبر منطقة السمار، وذلك من خلال العمل بالتوازي مع رحلات الميترو، إضافة إلى حافلات تتجه إلى عين النعجة، بئر الخادم وحتى حي جنان سفاري القريب من السحاولة، وكذا القبة بن عمر، باش جراح والحراش التي تمر عبر المحطة، للسماح للمسافرين بالهبوط بمحطة حي البدر لاستعمال الميترو. وحسب رئيس مصلحة بمؤسسة''إيتوزا''، فإنه ينتظر تدعيم الخطوط بمسلك آخر في الأيام القليلة المقبلة نحو حي عين المالحة بعين النعجة، تلبية لمطالب سكان هذا الحي الذي يشهد نقصا كبيرا في وسائل النقل، وترك المجال لأصحاب سيارات ''الكلوندستان'' الذين استنزفوا جيوب المواطنين.
مداخيل فاقت ملياري سنتيم في يوم واحد وحسب نفس المسؤول، فإن زبائن الميترو يطالبون أيضا بتدعيم خطوط النقل الحضري وشبه الحضري من محطة حي البدر نحو بن عكنون وباب الزوار، وهو الإقتراح الذي يدرس من قبل المؤسسة المعنية التي تسير ايضا حظيرة لركن السيارات التي قال بعض الذين اِلتقتهم ''المساء''بعين المكان، أنها تعتبر متنفس لهم لأنها مجانية وتسمح لهم بترك سياراتهم في مكان آن طيلة تواجدهم بمقرات عملهم التي يلتحقون بها عبر الميترو، بينما أكد بعضهم أن الحظيرة أصبحت لا تكفي للعدد المتزايد للسيارات التي يفضل أصحابها تركها بالقبة بدلا من التنقل بها عبر الطريق الذي يختنق خاصة خلال تهاطل الأمطار. وفي هذا الصدد، أشار ممثل شركة ''إيتوزا'' أن الحظيرة ستصبح بمقابل خلال هذا الأسبوع، حيث تم اقتراح دفع 25 دج عن كل سيارة، ويرتفع المبلغ بخمسة دنانير كل نصف ساعة، وذلك في انتظار الفصل في المبلغ وتحديده نهائيا، كما سيتم العمل بالإشتراك الشهري للراغبين في ركن سياراتهم بالحظيرة، وذلك من خلال بطاقة مغناطيسية. ولتوفير الراحة للمسافرين، سيتم أيضا فتح محطة ''طاكسي'' بمحطة البدر، تسمح لزبائن الميترو باستعمال سيارة الأجرة عوضا من انتظار حافلات النقل العمومي التي أشار جل مستعملوها إلى تأخر اِنطلاقها، مما يتسبب في ضياع الوقت الذي يختصره الميترو الذي يقطع مسافة 5ر9 كلم في أقل من ربع ساعة، رغم مروره عبر 5 بلديات، وسيتم في هذا السياق إبرام إتفاقية بين مؤسسة النقل الحضري وشبه الحضري مع أصحاب سيارات الأجرة الراغبين في استغلال المحطة، وذلك بشروط محددة أهمها أن تكون السيارة جديدة ولا يتجاوز عمرها خمس سنوات، مع فرض الإنضباط والتنظيم داخل المحطة حتى لا تسود الفوضى، مثلما هو حاصل على مستوى أغلبية محطات النقل العمومي التي أفقدها بعض الناقلين الخواص دورها الحقيقي، مما جعل المسافرين يتنفسون الصعداء ويهجرون المحطات التي شكلت لهم متاعب كثيرة، مثلما هو الأمر بالنسبة لمحطة حي الجبل المعروفة ب''التنس'' ببلدية باش جراح، والتي فقدت الكثير من مرتاديها الذين توجهوا إلى الميترو الذي سترتفع مداخليه، التي -أسرّت بعض مصادره- بلغت في ثالث يوم من عيد الأضحى أكثر من ملياري سنتيم. نقص ''الحس الحضري'' يؤرق مسؤولي الميترو وإذا كان الإهمال والفوضى ميزة أغلبية محطات النقل بالعاصمة، وكذا قدم الحافلات التي تتسبب في متاعب كثيرة لمستعمليها، فإن الأمر عكس ذلك بمحطات الميترو مثلما لاحظت''المساء''، خاصة بمحطة حي البدر وبالضبط على مستوى مواقف نقل المسافرين التابعة لمؤسسة ''إيتوزا'' والمساحات المحيطة بها، حيث يعتني أعوان النظافة التابعين لهذه المؤسسة عناية كبيرة بالمحيط والغطاء الأخضر الذي يزين المكان، ويلفت اِنتباه جميع الزوار، مثلما تلفت اِنتباههم تلك التذاكر وبقايا السجائر التي يرمي بها زبائن الميترو بمجرد خروجهم من الباب الرئيسي للمحطة، والتي تشكل ديكورا منفرا ومشوها لهذا المكان الذي لم يمض على تدشينه إلا نصف شهر. ويرجع مسؤول المحطة مثل هذه التصرفات إلى غياب التحضر والوعي لدى بعض المواطنين الذين يدخلون الميترو وهم يحملون فناجين القهوة أو السجائر، رغم وجود لوحات تمنع ذلك، كما يرمي العديد منهم التذاكر بمجرد خروجهم من العربة، رغم وجود سلات القمامة المخصصة لذلك، مما يتطلب فرض الصرامة على المتهاونين في الحفاظ على هذا المكسب الهام الذي اِنتظره العاصميون كثيراً، وفرض غرامات إن تطلب الأمر على من يتسبب في تشويه المحيط وعدم اِحترام النظافة، كما ذكر محدثنا أن مسؤولي الميترو يسهرون على سلامة وأمن المسافرين وليس مراقبة سلوكاتهم التي يجب أن لا تضر بالخدمات النوعية التي يقدمها.