الدكتور محمد تين خليفة الطاهر وطار في ''الجاحظية''، استطاع في وقت قصير من تسيير الجمعية، الخروج بها إلى النشاط الذي دأبت عليه في عهد رئيسها الراحل الروائي الطاهر وطار، كما أضاف لها لمسات أخرى تركت بصماته واضحة على النشاطات التي تقوم بها وهي تستعد مع بداية الشهر القادم لتنظيم أول ملتقى دولي حول الروائي الطاهر وطار، التقت ''المساء'' بالدكتور محمد تين وأجرت معه حوارا حول ''الجاحظية'' بعد الطاهر وطار والطموحات التي تصبو إليها... - الدكتور محمد تين، كيف تنظر إلى المثقف في ظل المتغيرات الجديدة التي تعرفها الساحة في ظل ما تعارف عليه بالربيع العربي؟ * محمد تين : المتغيرات الجديدة عرفها العالم من حيث لم يكن يتوقعها، الشعوب لم تعد تقبل تشويه صورتها عند شعوب أخرى، ولهذا نجدها تبحث عن مسارب إنسانية، الربيع العربي هَبة جماهيرية، واستراتيجية الشرق الأوسط الجديد طبيعة استعمارية لم تتغير، بالإضافة الى أن مجمل البلدان الرأسمالية صارت تحس أكثر بخطر الصين، ولهذا أصبحت تبحث عن إقامة حدود عسكرية تحميها من المارد الصيني، كما أن الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة لم يعد في مقدورها التدخل في أمور الدول تدخلا سافرا لأن هذا لم يعد مقبولا بالنسبة لقطاعات واسعة من شعوبها، بإمكانها أن تحتل بلدا لكنها لا تستطيع تحمل ويلات الحروب الشعبية، ولهذا هي تبحث عن مسارب إنسانية تبرر بها التدخل، أما فيما يخصنا فعلينا سد هذه المسارب الإنسانية عن طريق ممارسة الديمقراطية ورفع الوصاية عن الشعب، لأن هذا الوجه الشاحب لما يحدث يستدعي قراءة أخرى بأن هذه الشعوب تعاني من أنظمة صارت ركاما، وتجرأت جمهورية أن تتحول إلى سياسة التوريث مما أدى إلى ركود خانق حيث لم تتحرك الدول العربية رغم ما حدث للعراق، ولم يكن هناك تحرك لما يقوم به الصهاينة والتهديدات متواصلة والجزائر ليست في منأى عن هذه المؤامرات وعن هذا المخطط، لأن ما ترسمه فرنسا هو تقسيم الجزائر إلى سبع دويلات وهذا يدخل في إطار مرسوم الشرق الأوسط الجديد. - كيف نتجاوز هذه المحن والأزمات في عالمنا العربي؟ *لا بد من استعادة الثقة؛ وهذه الثقة تبنى على حق الاختلاف وممارسة الديمقراطية واحترام القانون، لأننا إذا ما تعرضنا لعدوان من هذه الدول الصناعية، أشك أن الجيوش النظامية باستطاعتها المواجهة وحماية سيادتها، فهناك العراق والتجربة الليبية ليست بالبعيدة، فالجيوش النظامية مهيأة لحروب إقليمية، والدول الصناعية لا تسمح لدولنا باكتساب التكنولوجية حتى لا تكون ندا لجيوشها، ولهذا لابد أن نحضر أنفسنا لحرب شعبية، وهذا لا يتأتى إلا من خلال استعادة ثقة الشعب وبالثقة في الوطن والانتماء إليه وليس الهروب منه و''الحرقة '' والتفكك الاجتماعي، الحرب الشعبية هي المؤكدة نتائجها ولنا في ثورة التحرير أسوة في دحر جيش من أعتى جيوش الحلف الأطلسي. - تحضرون للملتقى الدولي الطاهر وطار، أين وصلتم بهذا التحضير؟ * كما أعلنت ''الجاحظية'' ضمن نشاطها، ستنظم ملتقيين فكريين حول الطاهر وطار، الأول في بداية الموسم وهو الذي يحمل اسم المرحوم الطاهر وطار واسم ''الجاحظية، وهو ملتقى فكري دولي خاص بأعمال وطار وسيحضره أساتذة من ست دول عربية وكاتب من أوربا، وستنطلق أشغال هذا الملتقى في 07 ديسمبرالمقبل وتستمر إلى غاية 10منه، كما يتم يوم العاشر من ديسمبر توزيع جائزة مفدي زكريا العربية للشعر، ونخصص في نفس اليوم وقتا لزيارة المعالم الثقافية في الجزائر وزيارة قبر الطاهر وطار. - وماذا عن جائزة ''الهاشمي سعيداني'' الروائية وهل وجدتم لها حلا؟ * جائزة الرواية ''الهاشمي سعيداني'' لم نجد لها لحد الساعة حلا ماديا ونحن نبحث لها عن ممول، وإذا تطلب الأمر ولم نجد لها من يمولها فسنبقي عليها ولو بتقديم زهرة رمزية للفائز بمسابقتها. - كيف هي ''الجاحظية'' بعد رحيل الأديب الطاهر وطار؟ * ''الجاحظية'' بعد الطاهر وطار لا يمكنها أن تغفل التراث الذي تركه لها كالمقر الذي يضمن تواجدها وتنظيم نشاطها، كما ترك مجلة ''التبيين'' وهذا من المكاسب الكبيرة، أما فيما يخص المطبعة فهي تتطلب التحديث، هذا بالنسبة للمكاسب المادية، هناك مكاسب أخرى وهي أن وطار حافظ على استقلالية الجمعية عن أية وصاية حزبية أو إدارية وبقي العمل تحت شعار {لا إكراه في الرأي}، وهذا هو الأساس الذي تحافظ عليه الجمعية، وأسلوب تطبيق هذا الشعار أن لكل إنسان بصماته الخاصة وأسلوبه الخاص، ومن الدلائل الحيوية أن البشرية تمشي إلى التقدم، وأعتقد أني أديت واجبي، بالنسبة للنشاطات حافظنا على النشاط الأسبوعي وأحدثنا نشاطا متميزا يوم ''السبت '' مخصص للنوادي، المسرح، الشعر، الموسيقى، السينما والإعلام، كما شرعنا في إنشاء النوادي الإقليمية، ولحد الآن أعطينا تفويضات لإنشاء هذه النوادي الثقافية لكل من ولاية تلمسان، وهران، سعيدة وأدرار وسنواصل إلى نهاية الموسم في تأسيس هذه النوادي حتى نصل بها إلى نصف عدد ولايات الوطن. الجدير بالإشارة أن هذه النوادي الثقافية لا تخضع للشكل التقليدي وإنما تكون أينما توفر لها جمع من المثقفين سواء في حي شعبي أو جامعي أو ثانوية، في قرية أو مدينة، حيث نتتبع النشاط لا الهيكلة الإدارية. - وما الهدف من إنشاء هذه النوادي الإقليمية؟ * الهدف من إنشاء هذه النوادي الإقليمية أنه كلما تراكم لدى أحدها كما من الإنتاج الثقافي والفكري، سندعوها إلى المقر الوطني لتعرف بنشاطها أمام مختلف وسائل الإعلام حتى نتيح لمختلف المثقفين حظهم من الأضواء. - هل شاركت ''الجاحظية'' في فعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية؟ * لم نشارك في عاصمة الثقافة الإسلامية، وذلك نظرا للظروف التي مرت بها الجمعية ووفاة الطاهر وطار وغيابه عن الساحة، هذا الوضع انتهى بانعقاد المؤتمر في شهر جوان الماضي، وهذا لا يجعلنا نتنكر لهذه السنة، ومدينة تلمسان مدينة تنطوي على موروث حضاري كبير، خاصة الموروث الأندلسي، دون وقوع جدلية بين المدن، وبإمكان مدن أخرى احتضان هذا الحدث الثقافي مثل بجاية، قسنطينة وتهارت، المهم أن نعمل على أن تتكرر مثل هذه التظاهرات الثقافية وهذه العواصم دون أن نتدخل في جدلية العواصم. - ما هي علاقة ''الجاحظية'' بوزارة الثقافة بعد رحيل الطاهر وطار؟ * علاقة ''الجاحظية'' بوزارة الثقافة علاقة طبيعية، وذكرا لوضع ''الجاحظية'' خلال الموسم الماضي نتج عنه حرمانها من المساعدة التي كانت تتلقاها من الوزارة، تبنت الوزارة تمويل ملتقى الطاهر وطار وسيجري تحت رعاية معالي الوزيرة السيدة خليدة تومي. - ما هي آفاق ''الجاحظية'' المستقبلية ضمن نشاطاتها الثقافية؟ * ضمن النشاطات الجديدة أنشأنا جائزة فئة الشباب من 15 إلى 30 سنة، هذه السن يتكون فيها المعني باعتبارها سن تكوين الشخصية، والشخصية الثقافية تبدأ في تحديد ملامحها من سن 22 إلى ,30 أي بعد التخرج الجامعي، ونظرا لأن هذه الفئة من الشباب بدأت المراكز الثقافية الأجنبية تهتم بها، فلا ينبغي أن نترك أبناءنا نهشا للأجانب في هذه السن الحرجة، ولهذا رأينا أنه من الضروري فتح المجال لهم للكتابة بكل أنواعها، شعر، خواطر، قصص، سينما، المهم الكتابة وحتى الآداب الشعبية نشجعها ونفسح لها المجال كالشعر الشعبي وجمع التراث، كما أن مجال نشاط ''الجاحظية'' مفتوح حتى للجمعيات حتى تساهم في تهيئة مساحة مضيئة لهذا الشعب.