من مكتب متواضع بتونس إلى إحدى أزقة القصبة العريقة وصولا إلى مبنى زجاجي ضخم وسط العاصمة، مرت وكالة الأنباء الجزائرية بمسار طويل وشائك، عرفت خلاله سلسلة طويلة من التطورات منذ تأسيسها عشية الاستقلال وتحديدا في ديسمبر من عام 1961 على يد مجموعة من الصحفيين لا يتعدى عددهم الثمانية .. قرروا تماما كما قرر قادة الفاتح من نوفمبر أن يسمعوا صوت الثورة وينقلوا صورتها إعلاميا نحو الخارج بعد طول انتظار وبعد أن تعذر عليهم ذلك بداية سنة .1957 وبعد مرور 50 عاما عن تأسيسها لا تزال وكالة الأنباء الجزائرية تواجه تحديات جديدة لها تأثير مباشر على مكانتها ودورها في المشهد الإعلامي الوطني والدولي. اليوم، وبعد مرور خمسين عاما عن تأسيسها، تتذكر وكالة الأنباء الجزائرية أولئك الذين كانوا وراء ميلاد هذه المدرسة الإعلامية التي كتب لها أن تعيش آخر أيام ثورة التحرير المباركة بحضور أبرز روادها يتقدمهم رضا مالك، باية الهاشمي وبيار شولي وعدد كبير من الشخصيات التي استذكرت أمس الخطوات الأولى للوكالة منذ إنشائها سنة 1961 وكيف كان المخاض عسيرا استغرق ما يقارب الأربع سنوات قبل ميلاد وكالة الأنباء الجزائرية. وقد احتفلت، أمس، وكالة الأنباء الجزائرية بالذكرى الخمسين لتأسيسها وذلك ضمن فعاليات ملتقى دولي حول موضوع ''وكالة الأنباء، الخدمة العمومية وفرص الإعلام عبر الانترنت''، بحضور عدد من الوجوه التاريخية والثورية ممن صنعوا استقلال هذا البلد وبنوا مؤسساته ومن بينهم شخصيات أجنبية آمنت بالقضية الجزائرية وقدمت شهادتها على غرار السيد بيار شولي أحد المساهمين الأوائل في تأسيس وبناء الوكالة. وخلال الملتقى دعا وزير الاتصال السيد ناصر مهل وكالة الإنباء الجزائرية ''وأج'' إلى ضرورة اكتسابها مكانة لائقة في الوسط الإعلامي الجديد بالتكيف مع المعطيات الجديدة مع ضمان مبدأ الخدمة العمومية، مضيفا أن ضمان الخدمة العمومية والتكيف مع التحولات التي تعيشها الجزائر يعتبر ''تحديا هاما'' ترفعه الوكالة، مشيدا في هذا الصدد ب''الأشواط التي قطعتها الوكالة في سبيل التكيف مع التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال. وذكر الوزير الذي قضى أزيد من 40 عاما في خدمة الوكالة ب''المراحل الصعبة'' التي عرفتها مسيرة وكالة الأنباء الجزائرية لاسيما وأن تطورها -كما قال- كان يتماشى مع العصر وهو ما سمح لها بالتطور وتحسين نوعية منتوجها في مختلف المجالات، معتبرا أن تطور عمل الوكالة هو اليوم ''في صميم الرهانات العالمية''، موضحا بالقول ''إننا اليوم في مرحلة عملياتية من تحول الوكالة'' إلا أن المصداقية تبقى الشعار الأول في عمل الوكالة. السيد بيار شولي وفي مداخلة له ذكر بأدق التفاصيل والخطوات التي سبقت وتزامنت مع تأسيس الوكالة التي عرفت مراحل صعبة بدءا بمصادر المعلومة ووسائل بثها وتوسيع شبكتها وصولا إلى مساهمتها في تصحيح الأفكار الاستعمارية والمفاهيم التي ظل التعامل بها مستمرا إلى ما بعد الاستقلال.. أما باية الهاشمي فقد كانت من بين أربع صحفيات ممن أنشأن الوكالة وقد عبرت عن افتخارها لكونها من بين مؤسسي الوكالة التي قالت أنها تختلف كثيرا عن وكالة الأنباء الحالية من حيث الإمكانيات وطرق تحصيل المعلومات ... المدير السابق لوكالة الأنباء الجزائرية السيد محمد مرزوق تحدث من جانبه عن أبرز المراحل التي ميزت الوكالة والتي حصرها في تاريخين فاصلين ومرحلتين متناقضتين تعايشت معهما الوكالة، وهما مرحلة الفكر الواحد سنوات الثمانينيات ومرحلة التعددية التي تميزت بانتقال الجزائر من مرحلة الاشتراكية إلى التعددية، حيث كان الخطأ غير مسموح وغير مقبول بالنسبة للوكالة-يضيف السيد مرزوق-. للإشارة، يشارك في هذا اللقاء الذي تنظمه وكالة الأنباء الجزائرية خبراء بارزون في مجال الإعلام سيتطرقون في مداخلاتهم، على مدار يومين، إلى مختلف المواضيع المتعلقة بتاريخ الوكالة انطلاقا من عهد التيلكس وجهاز الإرسال إلى الإعلام عبر الانترنيت وتكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة كما سيتم خلال هذا اللقاء تناول ثلاثة مواضيع هامة وهي ''نشأة وتطور وكالة الأنباء الجزائرية'' و''وسائل الإعلام ومهام المنفعة العامة'' و''بث الخبر في الحين''.