قال وزير العلاقات مع البرلمان السيد محمود خذري، أمس، بالجزائر العاصمة، أن الحصانة البرلمانية في الجزائر تقتضي العمل على سد النقائص المسجلة في النصوص القانونية وتحيينها، حيث لاحظ قلة الأحكام القانونية المتعلقة بها، مشيرا إلى أن التشريع المعمول به في نظام الحصانة بقي بنفس المنطق والمنظور بالرغم من انتقال نظام الدولة من الاشتراكي الموجه إلى نظام مفتوح قوامه التعددية السياسية، والأكثر من ذلك، أن وسائل الإعلام تروج لانطباع سلبي بخصوصه، مفاده أن بعض البرلمانيين يستغلون الحصانة في غير محلها، ويحاولون الاحتماء بها عند ارتكابهم بعض التجاوزات. وأوضح السيد خدري لدى تدخله في اليوم الدراسي حول ''الحصانة البرلمانية: مفاهيم وممارسات''، أن أول ما يلاحظ في التشريع الجزائري بخصوص موضوع الحصانة هو قلة الأحكام القانونية المتعلقة بها، إذ ما عدا أحكام المواد 101 ,109 و,111 من الدستور، والأحكام المقتضبة المتعلقة بإجراءات رفع الحصانة الواردة في النظاميين الداخليين للغرفتين، فليس هناك نصوص تفصيلية أو توضيحية أخرى. وتابع الوزير أن مواد الدستور الحالي تكاد تكون هي نفسها أحكام المواد 138 ,137 و139 من دستور ,1976 وأن المشكل الأكثر إثارة للانتباه، هو أن هذه النصوص لم تطبق أبدا في ظل دساتير ,1976 أو 1989 أو ,1996 كما لا توجد أحكام أو اجتهادات قضائية بهذا الخصوص، بل لا توجد أية دعاوى قضائية سواء جزائية أو مدنية أو إدارية أو غيرها، وهي وضعية قال عنها الوزير أنها ليست مطابقة للواقع. ودعا السيد خدري إلى مناقشة موضوع الحصانة البرلمانية لما له من أهمية بالغة وتعميق التفكير فيه، مؤكدا أن بناء دولة القانون والمساواة بين الجميع أمامه يقتضي العمل على سد النقائص في النصوص وتحيينها. وأعرب عن أمله في تحقيق هذه الغايات خدمة للبلاد، وأكد أن ذلك هو الغرض الذي يسعى إليه الملتقى الذي بادرت بتنظيمه وزارة العلاقات مع البرلمان. وأضاف المتحدث أن الحصانة البرلمانية كمبدإ دستوري أجمعت عليه مختلف دساتير العالم، على الرغم من اختلاف نظمها السياسية والقانونية وطبيعة العلاقات الوظيفية بين مختلف السلطات والأجهزة القائمة فيها وذلك مساهمة في تجسيد مبدأ الفصل بين السلطات، ومن أجل إرساء دولة القانون وإعلاء صرح المؤسسات وتعميق المسار الديمقراطي، الذي أكد عليه رئيس الجمهورية في خطاب الإصلاحات السياسية يوم 15 أفريل الماضي. وأعطى السيد خدري بالمناسبة لمحة عن واقع الحصانة البرلمانية في البلدان الغربية، ذلك أنها عملت على تكييف وتعديل النصوص القانونية المتعلقة بها بشكل دائم ومستمر، سواء كانت نصوصا دستورية أو غيرها، مواكبة بذلك مختلف التغيرات التي تحدث في المجتمع. وخلص المتحدث إلى التكييف والتحيين الدائم للنصوص انتهى به الأمر حاليا وبصفة عامة إلى الإبقاء على حصانة برلمانية في أبسط معانيها إن صح التعبير، فلم تعد الحصانة تحمي البرلمانيين من الجنايات والمخالفات والجنح المتلبس بها، لاسيما في حالة وجود أحكام قضائية نهائية، كما أن التحقيقات الابتدائية ممكنة مع البرلمانيين دون الحاجة إلى إذن مسبق من غرفتهم البرلمانية، وأن رفع الحصانة البرلمانية من طرف الغرف أصبح عملية عادية ولا تخلو المحاكم من قضايا تتعلق بالبرلمانيين في العديد من البلدان.