كان اللقاء العربي ال 16 للعمل التطوعي والحركة الجمعوية المنظم مؤخرا بفندق مزافران بزرالدة من طرف وزارة الشباب والرياضة تحت إشراف جامعة الدول العربية، فرصة لعرض نماذج من النشاط التطوعي في بعض الدول العربية وتبادل الخبرات حول خدمة إنسانية بحاجة للتوغل أكثر في صميم الوطن العربي، بما يتوافق وتعاليمه الدينية التي يحظى من خلالها هذا العمل الإنساني بمكانة راقية. من باقة الخبرات العربية، اختارت ''المساء'' ثلاثة نماذج لإطلاع القراء عليها والإستفادة منها سعيا نحو ترقية مستوى الخدمة التطوعية، بما يكفل إخراجها من الإطار المناسباتي ومنع انحسارها في بعض الجهات لتمتد إلى كافة شرائح المجتمع الواسعة. تشكل التويزة أهم مظاهر العمل التطوعي السائد في الجزائر، وفي هذا الصدد، أوضح ''حامه نذير'' ، ممثل الجمعية الوطنية ''التويزة''، أنّ الموروث الجزائري شأنه شأن بلدان المغرب العربي يتميز بالعديد من المميزات التراثية الشعبية، سواء كانت على مستوى المعرفة والعلوم أو العادات والتقاليد، حيث تأتي التويزة ضمن الصنف الأخير.
التويزة.. تآزر يمتد من الماضي إلى الحاضر
والتويزة -حسب المتحدث- نشاط فريد من نوعه يتجمع من خلاله عدد كبير من العائلات التي تقطن بالريف الواحد يوم الحصاد، للتعاون فيما بينها لجني منتوج دون مقابل. ويتميز هذا اللقاء بإعداد وليمة ضخمة عادة ما تتكون من طبق الكسكسي.. ومن هنا، تتجلى أهمية التويزة بوصفها مظهرا من مظاهر التعاون والتآزر الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد. إنّ مفهوم كلمة التويزة تدل أصلا على تكريس أواصر التضامن والتآزر بين مجموعة من الأفراد. وتطبيقيا، تستند الجمعية الوطنية ''التويزة'' على الخبرة والممارسة الجماعية لمؤسسيها الأولين المتطوعين الجزائريين. تأسست في فيفري 1989 كحركة تعتمد في نشاطها على برامج العمل التطوعي في شتى الميادين، بدءا بحماية المحيط وتنظيف الغابات وإعادة تأهيل المساحات الخضراء، مرورا بترميم المعالم التاريخية والتراث المادي في كافة ربوع الوطن. وعلى صعيد آخر، تساهم التويزة في الإنعاش الاقتصادي من خلال جلب مؤهلات شبابية ومساعدتها في مشاريع الاستثمار الوطني، علما أن التكوين يأخذ حيزا كبيرا في نشاط الجمعية، بالإضافة إلى التربصات السنوية المبرمجة لفائدة المنخرطين.. وهي كلها نشاطات تنصب في مجرى تفعيل روح التضامن، يشرح ممثل الجمعية.
العلاج التطوعي بالقرآن يشفي 70 بالمائة من الحالات في السعودية
من جانبه، عرض المدير العام للنشاطات الشبانية بالمملكة السعودية ''محمد عبد الله الدباسي'' التجربة السعودية في مجال التطوع، مبرزا ل ''المساء'' أنّ جهاز الرئاسة لرعاية الشباب سطر برامج في مختلف محافظات المملكة السعودية على مستوى الأندية ومكاتب فروع الرئاسة. وقال المصدر: ''ثمة أسلوب في تفعيل الخدمة التطوعية نعتز به كثيرا في السعودية، وهو خدمة ضيوف ''الرحمان'' قبل انطلاق موسم الحج، حيث يتوزع الشباب المتطوع على 10 مراكز لخدمة الحجاج، قبل وصولهم سواء على الحدود البرية أو في السفن أو في المطارات. وبعد وصولهم، يتهيأ معسكر كبير يضم ما بين 600 و700 شاب، يتولون مهمة إرشاد التائهين بناء على بنك المعلومات المتوفر''. ويتنافس الشباب في السعودية على أداء العمل التطوعي-حسب المصدر- إلى درجة توحي بأنّ التطوع تحول إلى ثقافة مجتمعية راسخة، ما يظهر من خلال تنافس حوالي 1500 شاب على الخدمة التطوعية خلال كارثة جدة. وسلط السيد محمد عبد الله الدباسي، إثر عرضه للتجربة السعودية، الضوء على أسلوب العلاج بالقرآن الكريم الذي يعد تطبيقا لقوله تعالى: ''وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين''. لافتا إلى وجود جمعيات وأقسام خاصة لهذا الغرض ببلده، أظهرت نتائج مبهرة نظرا للتأثير السحري للذكر الحكيم. ودعا المدير العام للنشاطات الشبانية بالمملكة السعودية، الدول العربية لتحذو حذو المملكة في هذا المجال، باعتبار أنّنا أهل القرآن الذي وصل إلى أوروبا، ونحن أولى للعلاج بواسطته. مضيفا أن 70 بالمائة من الحالات المرضية المستعصية شفيت على يد مشايخ مختصين في العلاج بالقرآن، ممن يتوزعون في كافة مناطق السعودية.
قوة التطوع السوداني.. في الاتحاد
أما رئيس برلمان شباب السودان ''ياسر محمد حسين''، فكشف بخصوص التجربة السودانية عن وجود عدة اِتحادات للعمل الطوعي في السودان يفوق عمرها 20 سنة، على غرار الاتحاد الوطني للشباب السوداني الّذي يأخذ على عاتقه مهام القيام بأعمال تطوعية كبيرة، عنوانها فرق الإنقاذ التي تتولى التدخل في حالة الكوارث، تدريب الشباب والمساهمة في تنظيم حفلات الزفاف الجماعي، فضلا عن تشجيع مشروع التمويل الأصغر لدى الشباب. والجدير بالذكر أنّ برلمان الشباب السوداني عبارة عن مؤسسة إعدادية للشباب، لتفريخ غادة المستقبل، حسب المتحدث. على صعيد آخر، تمحورت مداخلة الدكتور 'يحياوي' من وزارة الشباب والرياضة على عوامل نجاح العمل التطوعي الّذي يُعرف على أنّه جهود إنسانية تبذل من طرف أفراد المجتمع جماعيا أو فرديا لتحمل مسؤوليات تلبي اِحتياجاتهم، كونها من دوافع التنمية الشاملة. ومن ضمن عوامل نجاح العمل التطوعي، تبعا لما قاله الدكتور يحياوي؛ اِحترام العمل، المشاركة في إعداد برامجه واحترام المواعيد دون اختلاق الأعذار، مع الإخلاص على تحمل المسؤولية. وفي المقابل، يحتاج تأهيل المتطوعين إلى تدريبهم ودعمهم ماديا ومعنويا للإستفادة من طاقاتهم، مع مراعاة أن الطفل يمكن أن يشارك في العطاء حتى يكون الفكر التطوعي متأصلا فيه. وفي الأخير، أشار أن إلى التطوع الإلكتروني المستحدث في زمن الثورة الإتصالية، يمنح فرصة الوصول إلى أكبر قدر ممكن من أفراد المجتمع على غرار الفايسبوك والتويتر. للعلم، تميز اللقاء العربي ال 16 للعمل التطوعي والحركة الجمعوية الذي دام من 18 إلى 23 ديسمبر الجاري، بتقديم تجارب الجزائر والوفود العربية في مجال الشراكة مع الحركة الجمعوية الشبانية. كما تخللت التظاهرة برامج ترفيهية وسياحية لإعطاء صورة عن البلد المضيف، علاوة على القيام ببعض الأعمال التطوعية.