أعرب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أول أمس، عن أسفه لعجز الإدارة المحلية في التكفل بالجهود المعتبرة التي بذلتها الدولة في مجال تلبية الطلب الاجتماعي وتحسين ظروف معيشة المواطنين. مؤكدا بأن تحديات المرحلة القادمة تكمن في بعث دينامية إقليمية ترتكز على مبادئ التنمية الذاتية القائمة على الموارد المحلية، وأشار رئيس الجمهورية في سياق متصل إلى أن نتائج وتوصيات الجلسات حول التنمية المحلية وتطلعات المواطنين والتي ستدرج ضمن الخطة الوطنية للإصلاحات، سيتم إدماجها في قائمة أعمال الحكومة التي تحاسب على تنفيذها. وقد لاحظ الرئيس بوتفليقة في رسالته إلى المشاركين في الجلسات الوطنية للتنمية المحلية وتطلعات المواطنين، قرأها نيابة عنه مستشاره السيد محمد علي بوغازي أن الجهود المعتبرة التي بذلتها الدولة خلال السنوات الأخيرة في مجال تلبية الطلب الاجتماعي وتحسين ظروف معيشة المواطنين، لم تلق الدعم من الإدارة المحلية التي وصفها ب''العاجزة''، مبرزا أهمية علاقة التعاون بين المجتمع المدني والمنتخبين المحليين وكذا الإدارة والمواطنين، كونها ''الضامن لمزيد من النجاعة التقنية والشفافية الاجتماعية والاحترام الأفضل للأخلاقيات''. وأشار في سياق متصل إلى أن قانون البلدية الجديد يمنح مسؤوليات وصلاحيات أكبر لكل من الجماعات المحلية والإدارات وكذا للمواطنين والمنتخبين، مؤكدا بأن سياسة اللامركزية التي يتوخاها هذا القانون ستنعكس في التكفل على المستوى المحلي بوظائف اقتصادية جديدة في إطار مالي ومحاسبي مجدد. كما ستمكن هذه السياسة من تعبئة أفضل للوسائل المالية للجماعات المحلية، لتصبح بذلك تثمينا للممتلكات المحلية ''التي يوجد أغلبها في حالة شغور''. وفي تقييمه لواقع التنمية المحلية أشار الرئيس إلى أن قيودا كثيرة تكبح هذه التنمية وأنه ''لا جدوى من المجهود التنموي الوطني ما لم تسهم فيه الهيئات الجهوية بفعالية''. فيما أكد لدى تطرقه إلى مسألة الجباية المحلية إلى أن إصلاح نظام المالية والجباية المحلية يستجيب لمقتضيات ملحة واستراتيجية، مشددا على أن مسألة معالجة الأزمة المالية للجماعات المحلية، لا يمكن فصلها عن مسعى إجمالي يندرج ضمن برنامج تحديثي وإصلاحي شامل لمناهج تنظيم الإدارة وتسييرها، وكذا لأدوات وآليات تسيير الشؤون المحلية. وذكر الرئيس بوتفليقة بالمناسبة بأن الإصلاحات الأساسية الأخيرة ستمكن البلديات من الوسائل التي تتيح لها أداء مهامها وتأهيلها للتدخل بمزيد من الثقة والنجاعة والديمومة في تسيير الشؤون المحلية والتكفل بالخدمات الجوارية، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة تحسين المؤهلات المهنية لأعوان البلدية وتأمين تأطير نوعي، ومشددا على أهمية وضع المعايير القانونية والتنظيمية، التي تضع المواطن في صدارة المجتمع وتجعل الإدارة المحلية في خدمته. كما شدد في نفس السياق على ضرورة تعزيز الحكامة الراشدة في كافة مستويات الإدارة العمومية، حتى تكتسي هذه الأخيرة مدلولها الحقيقي في المستوى المحلي المكرس للعلاقة الجوارية القائمة بين الإدارة والمواطن. وبعد أن ذكر بأن مسألة التكفل بقضايا الشباب كانت في صلب المناقشات التي ميزت الجلسات المحلية والجهوية للتنمية المحلية، أكد رئيس الجمهورية ضرورة إحلال الشبيبة للمكانة التي تؤول لها حقا وقانونا في المجتمع، وتمكينها من ممارسة المسؤولية، بالاضطلاع بواجباتها المدنية واحترام حقوقها السياسية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المشاكل التي تواجهها الشبيبة الجزائرية ولا سيما منها تلك المتصلة بالتشغيل والبطالة تكتسي أهمية قصوى وتستوقف الحكومة والإدارات المحلية على حد سواء. وأوضح في نفس السياق بأن البرامج الجوارية في إطار التنمية الريفية المدمجة تشكل مخرجا ومتنفسا لسكان الأرياف، مما يبرز حسبه ضرورة ترقية وتطوير نشاطات الفلاحة وتربية المواشي وإدماجها في مخطط التهيئة العام. وخلص رئيس الدولة في الأخير إلى التأكيد على أن مراجعة مختلف النصوص القانونية، ومنها قانون البلدية، تهدف إلى توضيح المشهد المؤسساتي وتجديد أدوات التسيير السياسي والاقتصادي وأدوات عمل الإدارة، إلى جانب تكييف أنظمة الحكامة مع مقتضيات تغيير المجتمع الجزائري، مشيرا إلى أن نتائج وتوصيات الجلسات المخصصة للتنمية المحلية وتطلعات المواطنين ''ستدرج ضمن الخطة الوطنية للإصلاحات، ليتم إدماجها بعد ذلك في قائمة أعمال الحكومة التي تحاسب على تنفيذها''. وأوضح في هذا الصدد بأن تقرير المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي حول المهمة التي أسندت له سيكون فرصة لجميع القطاعات لإعداد خارطة طريق مدعومة برزنامة تتيح التكفل بالمطالب المشروعة للفاعلين المحليين، وبتلك التي عبر عنها المواطنون. من جهته، رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي السيد محمد الصغير باباس أكد في كلمة ألقاها أمام أكثر من 1300 مشارك في أشغال الجلسات الوطنية للتنمية الوطنية وتطلعات المواطنين والتي احتضنها قصر الأمم نادي الصنوبر بالجزائر على مدار يومين، على أهمية ما جاء في الجلسات التي نظمت في مجموع الولايات، وكذا تلك التي تم تنظيمها على المستوى الجهوي، مؤكدا بأن كل الأفكار والاقتراحات التي تم تجميعها خلال هذه الجلسات سيتم أخذها بعين الاعتبار في صياغة التقرير النهائي الذي سيتم رفعه لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وتمثل هذه الجلسات الوطنية للتنمية التي اختتمت أشغالها أمس بمشاركة فاعلين من المجتمع المدني وكذا المنتخبين المحليين ومسؤولي الهيئات التنفيذية لكل الولايات، المرحلة الثالثة والأخيرة من التشاور الوطني حول التنمية المحلية وتطلعات السكان التي تمت مباشرتها في سبتمبر الفارط بإشراف المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي. وقد خصص اليوم الأول من هذه الأشغال والذي عرف مشاركة عدد من الوزراء في الجلسة الافتتاحية، لعرض أرضية تحليل وتقييم حوكمة التنمية المحلية والملاحظات الأساسية التي استقتها الهيئة المشرفة على هذه المهمة في إطار التشاور الوطني حول تحديد أهداف التنمية المحلية وتكييفها مع تطلعات المواطنين، ثم فتح نقاش عام حولها، ليتم عقب ذلك تنصيب اللجنة المكلفة بتحرير التوصيات النهائية والتي قدمت، أمس، مشروع المحاور الرئيسية للتوصيات للمصادقة عليه من قبل المشاركين في الجلسات.