أجمع أمس المشاركون في الندوة العلمية الفكرية لفائدة أئمة العاصمة على ضرورة أن يلعب المسجد دورا فعالا في القضاء على ظاهرة السلوك السلبي عند الشباب باعتباره السلطة الدينية والمدرسة التي بإمكانها التأثير وتوجيه المجتمع، كما دعا المتدخلون إلى تكثيف الجهود بين كل المؤسسات الاجتماعية للقضاء على هذه الآفة التي أصبحت تعرف انتشارا كبيرا وسط الشباب الجزائري. وفي كلمة ألقاها خلال الندوة المنظمة من قبل مديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر والتي حضرها دكاترة وممثل الدرك الوطني ونخبة من المشايخ على رأسهم العلامة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت والشيخ محمد شريف قاهر عضو المجلس الإسلامي الأعلى، أكد المدير المركزي لوزارة الشؤون الدينية السيد سعيد معول أن رسالة المسجد هي التطهير من كل السلوكيات السلبية غير الفطرية التي ينشأ عليها المسلم، وهو الدور الذي تأسس من أجله المسجد، مضيفا أن الانحراف يعني الخروج عن الهداية الإلهية وهي ناجمة عن اختلال المجتمع. واعتبر ممثل الوزارة أنه يجب تكاثف كل الجهود من أجل حماية الشباب من هذه الظواهر السلبية. من جهته دعا عضو المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ محمد شريف قاهر الأئمة والمرشدين والمعلمين أن يكونوا قدوة للمجتمع الذي يعيشون فيه، لكي يحذو حذوهم بقية أفراد المجتمع، لأنهم يمثلون صورة الدين والرسول والسلف الصالح كما ذكر. وتأسف الشيخ عن دخول مظاهر سلبية في سلوكيات الشباب لا تمت بأية صلة للتعاليم الإسلامية التي ولد وتربى عليها الجزائريون. من جهته كشف ممثل الدرك الوطني لولاية الجزائر أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع وأن القضاء على هذه الآفة الاجتماعية يتطلب تظافر جهود كل المؤسسات الدينية والمدنية والأمنية في البلاد، مؤكدا بالأرقام والإحصائيات أن هذه الظاهرة تعرف ارتفاعا من سنة إلى أخرى، حيث كشف في هذا الصدد أن مصالح الدرك الوطني لولاية الجزائر عالجت 4596 قضية سنة 2011 أوقفت خلالها 3443 شخص، مقارنة بسنة 2010 التي عرفت معالجة 4374 قضية. وأشار ممثل الدرك الوطني إلى أن دور المصالح الأمنية يتمثل أساسا في الردع وتوفير الأمن للمواطنين وهو الدور الذي يبقى وقائيا. داعيا الى ضرورة توفير الظروف الاجتماعية الملائمة وتوعية المجتمع من خلال وسائل الإعلام للقضاء على هذه الظاهرة. وبخصوص أسباب الانحراف أكد المتدخلون خلال الندوة أن هذه الظاهرة تعود بالأساس إلى الفراغ الذي يعيشه الشباب وتأثير المحيط الاجتماعي وضعف الإيمان لدى الأشخاص وكذا الجهل. وقسم الإمام الأستاذ خالد نورين هذه الظاهرة في هذا الصدد إلى الانحراف الفكري الذي يعتبر انحرافا عن العقيدة وانتهاج الفكر الذي يدعو إلى التطرف الذي يجد أشخاصا بمثابة أرض خصبة -يضيف المتحدث- لزرع أي فكر عدائي نتيجة للفراغ الفكري. أما الانحراف الثاني فهو الانحراف السلوكي المبني عن ضعف الوازع الديني والجهل والفراغ. وأشار المتدخلون إلى ضرورة أن يلعب الآباء دورا أهم للحد من هذه الظاهرة منذ نشأة الطفل وتربيته على التعاليم الإسلامية منذ الصغر، كما دعا المشاركون في هذه الندوة التي حملت موضوع ''دور المسجد في معالجة ظاهرة الانحراف والآليات الشرعية والقانونية لمحاربتها''، إلى الدور الدعوي في المساجد والبيت والمدارس وكذا داخل السجون ومن خلال وسائل الإعلام لأن السلطة الدينية لها تأثيرها في هذا المجال.