أطلقت إسرائيل مجددا رصاصة الرحمة ولكن هذه المرة على الجهود الروسية والأمريكية الرامية لتفعيل عملية السلام المتعثرة منذ سنوات بين الفلسطينيين والإسرائيليين اثر إعلانها عن مشروع استيطاني ضخم بالأراضي الفلسطينية المحتلة. فقد أطلقت وزارة السكن في حكومة الاحتلال أمس مناقصات لبناء 1121 وحدة سكنية استيطانية غالبيتها العظمى بالقدسالشرقية والنسبة الأخرى بالضفة الغربية وهضبة الجولان السورية المحتلة. وسيتم بناء 872 وحدة استيطانية بمستوطنة ''حار حوما'' الواقعة جنوبالقدسالشرقية بينما يتم بناء 180 وحدة أخرى بمستوطنة ''غيفا تزيف'' بالقرب من رام الله بالضفة الغربية في حين تقرر بناء 69 وحدة استيطانية بكتزرين بهضبة الجولان المحتلة. وفي مسعى لعدم لفت الأنظار لهذا المشروع الاستيطاني زعمت إدارة الاحتلال بأن الأمر يتعلق بمناقصات قديمة ولكن نشطاء حقوقيون إسرائيليون أكدوا انه لأول مرة يتم إطلاق مثل هذه المناقصات لبناء هذا العدد من الوحدات الاستيطانية. وهو ما شكل ضربة مقصودة للمساعي التي شرع فيها المبعوثان الأمريكي والروسي من اجل السلام في الشرق الأوسط لتحريك عملية سلام أو ما تبقى من سلام تريده إسرائيل على مقاسها وبما يخدم مصالحها. وهي مساع فقدت كل معنى لها بل ان الموفدين الروسي والأمريكي يتواجدان في وضع حرج كونهما لا يستطيعان ممارسة أي ضغوط على حكومة الاحتلال لحملها على الامتثال للشرعية الدولية والإيفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بتسوية القضية الفلسطينية. وتتعمد حكومة الاحتلال في كل مرة بناء مزيد من المستوطنات في القدسالشرقية التي من المفروض ان تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة من جهة والضفة الغربية من جهة أخرى من اجل إعاقة إقامة هذه الدولة. ولأن موقف إسرائيل لا لبس فيه فإن أي لقاءات أو مساعي ستكون من دون أي جدوى ما دامت حكومات الاحتلال المتعاقبة التي تتظاهر بمد يدها للفلسطينيين من اجل إحلال السلام تعمل نقيض ذلك على ارض الميدان. وهو ما يطرح التساؤل عن الجديد الذي يمكن ان يحمله لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مع رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض المقرر الاسبوع المقبل ما دام الموقف الإسرائيلي معروف من عملية السلام. ثم ان السلطة الفلسطينية جددت تمسكها بضرورة وقف كل الأنشطة الاستيطانية قبل الذهاب إلى أي مفاوضات سلام مع الجانب الإسرائيلي. وفي آخر تصريح له في هذا الشأن قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس موافقته العودة إلى طاولة الحوار متى قررت إسرائيل وقف الاستيطان ويبدو أن رد الاحتلال جاء فوريا على رغبة الرئيس الفلسطيني بمزيد من البناءات الاستيطانية وقطعت بذلك الطريق أمام أية لغة للتفاهم.