تستقطب غابة بوشاوي طيلة أيام الأسبوع، العشرات من العائلات التي تقصد المكان رفقة أبنائها للترفيه عن الذات والاستمتاع بجمال الطبيعة الغناء، وسط صهيل الخيول وبساط الرمال وقهقهات الاطفال التي تعبق أجواء المكان، ويرتفع عددها في نهاية الاسبوع إلى الآلاف، حيث يشهد المكان اكتظاظا حادا نظرا لتنقل عائلات من الولايات المجاورة الى عين المكان، وذلك ما لاحظناه ونحن نشارك الأسر هواء الغابة النقي· أول ما يلفت انتباهك وأنت تضع قدميك على مدخل الغابة، ذلك الهدوء التام الذي يخيم على الغابة الشاسعة، رغم وجود الكثير من الاصوات المتداخلة، حيث يشعر الفرد بالسكون والطمأنينة في رحاب أشجار الصنوبر والنباتات البرية التي تكسو المكان، وتتوزع العائلات التي تحضر معها الافرشة والحصير في كل ساحات الغابة التي تضللها أشجار الصنوبر وتمتلئ بالطاولات والكراسي الخشبية الموزعة هنا هناك، وغالبا ما تحضر ربات المنازل غداء، خصوصا أن الكثيرين يقضون يوما كاملا بالغابة حتى الساعة الثامنة مساء موعد اغلاقها· وتلتف العائلات في شكل دائري وسط أجواء حميمية دافئة، يزيدها سحر الطبيعة شعورا خاصا، حيث تكون الفرصة مواتية للترفيه عن الذات والتطرق الى مختلف مناحي الحياة من خلال الحديث المتبادل بين أفرادها، في الوقت الذي تفضل فيه كبيرات السن والامهات الجلوس في مكان هادئ بعيد، يقصد عشاق الخيل ساحة الاحصنة التي تجتمع فيها مختلف سلالات الخيول على غرار الخيل العربي، والخيل الآسيوي أو ما يطلق عليه إسم "البوني" وهو حصان متوسط وصغير الحجم يمكن أن يركبه الاطفال الصغار دون خوف·· أما المراهقون والشباب ذكورا وإناثا، فيفصلون الاحصنة العربية القوية البنية المختلفة الألوان كالابيض، البني، الرمادي والحصان الاسود المهرب من حكايا "الأمراء والسلاطين"، حيث تشق هذه الاحصنة طريقها وسط أشجار الغابة على شكل حلقات دائرية مقابل 100 دج لكل "جولة"··· أما العائلات التي تصطحب أطفالها الصغار الذين تقل أعمارهم عن الثلاث سنوات، فتفضل ركوب العربة التي يجرها الخيل، حيث يتنافس أصحاب العربات في تزيينها بالورود والبالونات لجلب انتباه الزوار· من جهتها، المطاعم الموزعة على أرجاء الغابة التي تتزين جوانبها ووسطها بمختلف انواع الورود والنافورات، تتنافس أيضا على تقديم الخدمات للزبائن، لاسيما الأكل الخفيف، القهوة والشاي والحلويات، وكذا العصائر بأسعار جد معقولة، حيث أجمع العديد من الذين تحدثنا معهم على أنها عادية جدا، وعلق آخرون بأنها مناسبة لأصحاب الدخل المتوسط، فسعر فنجان القهوة يبلغ 20 دينارا، أما العصائر الطبيعة بقاعدة الفواكه ب 100دج، والساندويتشات تتراوح أسعارها بين 80 دج و120، كما شرع بعض أصحاب المطاعم في بيع المثلجات تماشيا مع طلبات الزبائن· وأكدت لنا السيدة نادية 76 سنة، أنها تزور الغابة في نهاية كل أسبوع رفقة أفراد عائلتها، للترفيه عن الذات واعطاء فرصة اللعب والانطلاق للاطفال· مضيفة أنها تشعر بالأمان، خصوصا أن عيون رجال الدرك الوطني ساهرة لا تنام·