أجمعت مجموعة من الصحفيين والناشرين أن قطاع الإعلام في الجزائر قطع أشواطا معتبرة في السنوات الأخيرة وأصبحت تجربته رائدة مقارنة بعدة دول، مشيرين في لقاء مع ''المساء'' إلى أن أهم المكاسب التي حققتها المهنة هذه السنة هي قانون الإعلام الجديد الذي جاء لتنظيم القطاع وألغى عقوبة السجن على الصحفي، فاتحا المجال أكثر لحرية التعبير بعد النضالات الطويلة والتضحيات التي قدمتها الأسرة الإعلامية. الإعلام الجزائري حقق انتصارا في 2012 يرى السيد العربي تميزار، مدير نشر جريدة ''أوريزون'' الناطقة بالفرنسية، أن سنتي 2011 و2012 كانتا غنيتين بالأحداث بالنسبة لقطاع الإعلام وموظفيه، خاصة ما تعلق بقانون الإعلام الجديد الذي يعد انتصارا للقطاع وتنظيما لمسيرة الصحفي، كما أن الزيادات التي تم التوقيع عليها -مؤخرا- والخاصة بالصحفيين تمثل تقدما كبيرا. وفي حديثه عن حرية التعبير في الجزائر؛ أكد السيد تميزار أن الصحافة الجزائرية تعد الأكثر حرية في المنطقة مقارنة بالدول المجاورة، متوقعا تسجيل المزيد من النتائج الإيجابية مستقبلا بفضل تنظيم الإطار المهني وتدشين ثلاث مطابع أخرى تمكن من توسيع مجال توزيع الصحف لضمان الحق في الإعلام، إضافة إلى المبادرة الجيدة، يقول محدثنا، لفتح قطاع السمعي البصري لإعطاء حيوية أكثر للقطاع وإثرائه بتجربة الخواص من المحترفين لتحقيق نفس النجاح الذي حققته الصحافة المكتوبة أو أكثر. ودعا محدثنا الجيل القديم من الصحفيين لفتح الأبواب أمام الجيل الجديد لجعله يستفيد من خبرته المهنية ومساعدته على النجاح وتكوين نفسه خدمة للصحافة، كما وجه نداء للصحفيين الجدد للتحلي بالضمير المهني وأخلاقيات المهنة للحفاظ على المكاسب التي تحققت والوصول إلى احترافية أكثر. توحيد أجور الصحفيين.. رد الاعتبار لمهنة المتاعب وقالت السيدة أمال زموري رئيسة القسم الوطني بجريدة ''المجاهد'' إنه بعد 20 سنة من ممارستها للصحافة ترى أن هناك إرادة وتكريسا لحقوق الصحفي واعترافا بعمله بعد كل التضحيات التي قدمها في الظروف الصعبة وغير العادية، وحسب محدثتنا فإن تسوية وضعية صحفيي القطاع العمومي تعد بمثابة ''إعادة الاعتبار'' للمهنة التي كانت دوما في الطليعة وتصدت للإرهاب وساهمت في استقرار الوضع الاجتماعي في الظروف الصعبة وتهدئة الشعب من خلال الكتابات والمقالات المطمئنة، كما ساهمت الصحافة العمومية ولا تزال تساهم في إعطاء أحسن صورة عن الجزائر للرأي العام الدولي والمحلي دفاعا عن المصلحة العليا للوطن وخدمة، بل وحماية له. وترى الصحفية أن تسوية وضعية الصحفيين والرفع من أجرهم مفاجأة لم يكن يتوقعها الصحفي الذي يعد من نخبة الأمة بعدما طال الحال، لكنها التفاتة طيبة عرفانا لجهود مهنة المتاعب والتضحيات التي يقدمها يوميا على حساب حياته وعائلته لأداء مهنته حتى في الأعياد والمناسبات والظروف الصعبة. وتوقفت محدثتنا عند قانون الإعلام الجديد، حيث قالت إنه ''مقبول'' رغم بعض النقائص إلا أنه قادر على تحسين المهنة، وهو بداية إيجابية لعهد أفضل كون القانون السابق تجاوزه الزمن وأصبح لا يتماشى مع التحولات ومتطلبات العصر ومع ما حققته الجزائر من إنجازات ديمقراطية وتعددية، وأشارت الصحفية زموري إلى أن هذا القانون قادر على تنظيم المهنة وضمان حقوق الصحفي، مؤكدة أن ''أي قانون ليس نصا ثابتا، بل يمكن تعديله باستمرار وفق ما يتماشى ومتطلبات الأسرة الإعلامية. ونحن ننتظر المزيد الذي سيخدم المهنة ويرد الاعتبار للصحفي''. أما عن فتح مجال السمعي البصري؛ فأفادت محدثتنا أن المبادرة جيدة معبرة عن أملها في أن يحسن أصحاب القنوات الإذاعية والتلفزيونية التي ستفتح استغلالها بما يتماشى مع الاحترافية وأخلاقيات المهنة، مشيرة إلى القنوات التلفزيونية التي انطلقت في البث -مؤخرا- والتي قالت إنها تتحدث ب''حرية مسؤولة'' لأنها حتى وإن بثت بعض المواضيع التي تنتقد الوضع لكنها لم تضر بمصلحة الوطن وهي تخدم صورة البلد. تطهير القطاع ممن حولوه لتجارة لتحقيق الاحترافية أرجعت السيدة نادية كراز صحفية بيومية ''المجاهد'' بعض التجاوزات التي يرتكبها الصحفيون إلى تجربة الجزائر الحديثة في المجال الإعلامي، موضحة أن حرية التعبير التي تبقى ضرورة لابد منها لا تعني التدخل في الحياة الشخصية للناس، مؤكدة أن الصحافة الجزائرية قطعت أشواطا معتبرة فيما يتعلق بهذه الحرية مقارنة بعدة دول حتى الدول الأوروبية المتقدمة والتي تدعي الديمقراطية فإن سلطاتها تتدخل في تنظيم العمل الإعلامي وتحركات الصحفيين في تغطية الأحداث، لذا فإن قانون الإعلام الجديد بالجزائر -تقول محدثتنا- هو ضرورة لتنظيم العمل الصحفي حتى ولو كانت فيه بعض النقائص لأن أي قانون مهما كان يستحيل أن يرضي كل الناس، وهو السياق الذي ذكرت من خلاله الصحفية أن تحقيق المزيد من المكتسبات في القطاع لن يتم إلا عن طريق نضال دائم شيئا فشيئا، وتوحد الصحفيين وتنظيمهم، مذكرة بأن الصحافة الجزائرية رغم تجربتها القصيرة إلا أنها رائدة مقارنة بعدة دول ولها مستقبل واعد، وللمزيد من الاحترافية -تقول محدثتنا- لا بد على الصحفي أن يتحلى بالضمير المهني، وعلى بعض مدراء الجرائد الالتزام بشرط الكفاءة والمستوى الجامعي في توظيف الصحفيين الذين سيعكسون الجريدة. وترى الصحفية كراز أن فتح مجال السمعي البصري أمر حتمي مثلما كان بالنسبة للصحافة المكتوبة، رغم أنه جاء متأخرا، غير أن الجزائر اليوم مطالبة بمواكبة التحولات وما توصلت إليه مختلف الفضائيات العالمية لمسايرة تطورات التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال. وفي معرض حديثها؛ حذرت محدثتنا من الوقوع في نفس الأخطاء التي تعرضت لها الصحافة المكتوبة الخاصة واستخلاص الدروس من هذه التجربة لتحقيق الاحترافية، كما عبرت عن أملها في أن يكون وراء هذه القنوات أشخاص أكفاء ومحترفون من أبناء المهنة ليس من أصحاب المال الذين ليست لهم أية علاقة بالعمل الصحفي وهمهم الوحيد تحقيق المال لأنهم سيحولون هذه القنوات -على حد تعبيرها- إلى ''قنوات لاستهلاك تجاري وليس لتحقيق الخدمة العمومية''. الجزائر بحاجة إلى منظومة إعلامية عصرية لتجسيد الإصلاحات أكد السيد جمال معافة، صحفي بالتلفزيون الجزائري وأمين عام نقابة هذه المؤسسة، أن قطاع الإعلام في الجزائر يشهد تحولات مثل بقية القطاعات الأخرى، واليوم هو بصدد التحضير للشروع في مرحلة أخرى، بل والدخول في مرحلة جديدة لها علاقة بالإصلاحات التي تعرفها البلاد على مختلف الأصعدة، لذا فلا بد للإعلام أن يساير هذه الإصلاحات. كما صرح الصحفي أن قانون الإعلام الجديد ينص على فتح المجال السمعي البصري وهذا تحول إيجابي في انتظار تنصيب سلطتي الضبط للصحافة المكتوبة والسمعي البصري لتنظيم العمل الصحفي حتى يعرف القطاع تحولا إيجابيا بات ضروريا في ظل التنمية التي تعرفها الجزائر والتي تتطلب منظومة إعلامية عصرية. إلغاء عقوبة السجن مكسب لحرية التعبير يرى السيد مختار سعيدي، رئيس تحرير يومية ''الشعب''، أن أهم نقطة نسجلها في الحقل الإعلامي هذه السنة هو صدور قانون الإعلام الجديد الذي أسقط تجريم الفعل الصحفي مما يعطي حرية أكبر للصحفي في الكتابة، ويكبح جناح المفسدين وأعداء الشفافية الذين ظلوا مختبئين وراء القانون السابق ويضغطون على الصحفي عند تطرقه لأي موضوع برفع دعوى قضائية ضده، كما أشار الصحفي إلى أن رفع التجريم سهل مهمة القضاء أيضا الذي كان يجد حرجا في التعامل مع قضايا القذف، لكن هذا لا يعني -يقول محدثنا- أن يقول الصحفي ما يشاء، لهذا وضعت السلطة آلية جديدة لتهذيب العمل الصحفي وهي سلطة الضبط التي يخضع لها كل عمل صحفي. من جهة أخرى؛ توقف رئيس تحرير جريدة ''الشعب'' عند حرية التعبير في الجزائر التي وصفها بالإيجابية، رغم أنها نسبية في الوقت الذي أصبحت تتطرق لعدة مواضيع كانت بالأمس القريب طابوهات، وأضاف محدثنا أن ما يؤكد وجود هذه الحرية هو عدم تعليق أية صحيفة أو سجن أي صحفي في المدة الأخيرة رغم تجاوز عدة عناوين حدود اللباقة وتدخلها في أمور شخصية لمسؤولين، مضيفا أن هذه الحرية تدعمت بفتح مجال السمعي البصري الذي ينتظر صدور قانونه قريبا، وفي هذا السياق؛ أعرب محدثنا عن أمله في أن تتقيد هذه القنوات بأخلاقيات المهنة وتتجنب التجريح لأداء مهامها بموضوعية واحترافية لإضفاء المزيد من المهنية خدمة للوطن كون الجزائر تمر بمرحلة صعبة ولا يجب ترك المجال للجهات التي تترقبها وترغب في تشويه صورتها، وكذا خدمة للمواطن الذي يطالب بحقه في الإعلام.