أكد حسين عبد الخالق، السفير الفلسطينيبالجزائر، في حديث ل''المساء'' بمناسبة الذكرى ال 64 ليوم النكبة تمسك الشعب الفلسطيني سواء في الشتات أو اللجوء أو الداخل بحقه المشروع في العودة إلى أرضه بشتى الطرق التي يختارها سلمية كانت أم مسلحة. -المساء: تحل الذكرى ال 64 ليوم النكبة وحال الفلسطينيين في الشتات ودول اللجوء على حاله لم يتغير، أي معنى للنكبة بكل ما تحمله من مآسٍ ونحن نرى فلسطينيي الداخل أنفسهم لم يستطيعوا تحقيق وحدتهم؟ *السفير الفلسطيني حسين عبد الخالق: النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني منذ أزيد من ستة عقود ومازالت مستمرة بشكل يومي تكلف الشعب الفلسطيني الثمن الباهظ في كل مناحي الحياة من البنية التحية والأرواح والنفسيات، لكنها تجعلنا نصر أكثر على ضرورة إنهاء هذه المعاناة في أسرع وقت، خاصة وأنها قد انتزعت منا حقنا في تحقيق المصير وشردتنا إلى الشتات في مخيمات اللجوء في ظروف إنسانية قاسية جدا، كما حكمت على باقي شعبنا الذي بقي في فلسطين أن يعيش في ظل احتلال متعجرف قاهر يمارس كافة الأساليب القمعية لإرغام ما تبقى من شعبنا على الهجرة، وبالتالي فإن هذه المعاناة وهذه التجربة الصعبة لكل فلسطيني ولكل عائلة فلسطينية تجعلنا نتمسك بضرورة الاستمرار بكل قوة في الدفاع والنضال من أجل استعادة حقوقنا المسلوبة. اغتصبت فلسطين وشرد شعبها وحكم على ما تبقى منه أن يعيش في ظل الاحتلال، والشعب الفلسطيني يريد استرداد حقوقه الطبيعية للعيش في وطنه بكرامة وأن يحكم نفسه بنفسه وبالتالي فالهدف الأساسي هو ضرورة التخلص بأسرع وقت ممكن من هذا الاحتلال البغيض وعلينا بدل كل الجهود الممكنة كي نحقق هذا الهدف إن شاء الله. - فلسطينيو الشتات ما زالوا يحتفظون بمفاتيح منازلهم لتأكيد حقهم في العودة، هل هناك إمكانية لتحقيق آمال حوالي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في العودة إلى موطنهم الأصلي وفق مواثيق الأممالمتحدة في ظل الرفض الإسرائيلي الساعي إلى تهويد دولة إسرائيل ومخاوفه من الاختلال الديمغرافي لصالح العنصر العربي والمسلم؟ * عودة الفلسطينيين إلى ديارهم أكثر من أمل، هو حق طبيعي تكفله القوانين الدولية، رغم أن العدو يريد عكس ذلك، لكن هناك قناعات بأن الشعب الفلسطيني سيسترجع حقوقه، طبعا هذا لن يتم برضى إسرائيل فلا يمكن الحصول على شيء منية أو هدية من إسرائيل وإنما علينا إجبارها على الرضوخ لذلك. - وبأي وسيلة يمكن إجبار إسرائيل على الرضوخ؟ * نحن موجودون وشعبنا موجود على الأرض وفي الدول المجاورة ومتمسك بهويته وبقضيته وبضرورة إنهاء الاحتلال بالكفاح المسلح ولن نسقط هذا الحق ونقاوم الاحتلال بشكل يومي ونلجأ إلى المجتمع الدولي من خلال الهيئات الدولية وخاصة الأممالمتحدة ومنظماتها المختصة، وأعتقد أن الشعب الفلسطيني حقق إنجازات على الأرض، حيث استطاع أن يحافظ على المؤسسة الوطنية الفلسطينية حتى في ظل الاحتلال من جامعات وبلديات إلى مستشفيات ومؤسسات خدماتية في الشأن الصحي والتعليمي واقتصاد فلسطيني مستقر. وأيضا استطاع أن يحقق إنجازا في تغيير مواقف المجتمع الدولي وقناعته في ضرورة استرجاع الشعب الفلسطيني لحقه الطبيعي في أرضه. نعرف أن الطريق طويل وشاق ودفعنا الثمن غاليا وسندفع الثمن حتى نستطيع أن نحقق أهدافنا، حيث لا يوجد شعب حقق انتصارا دون تضحيات، ونحن كشعب محتل على استعداد أن نستمر في تقديم هذه التضحيات حتى نحقق هدفنا السامي في تحرير أرضنا. - في هذا السياق ألا تعتقدون أنه قبل الحديث عن حق العودة يجب أولا استرجاع الأرض المغتصبة خاصة وأن آلة الاستيطان ماضية في ابتلاع ما تبقى من أرض فلسطين مما يهدد عائلات فلسطينية أخرى بالتشرد؟ * دون أدنى شك استرجاع الأرض أمر ضروري، لكن في نفس الوقت لدينا قضايا عديدة نسميها الثوابت الفلسطينية والتي لا يمكن تخطيها وهي تحرير الأرض وعودة اللاجئين والسيادة على الأرض الفلسطينية وتحرير الأسرى وتحرير القدس، وبالتالي مسألة اللاجئين وحقهم في العودة في صلب الثوابت الفلسطينية التي يسعى شعبنا الفلسطيني إلى تحقيقها. - وماذا بخصوص فكرة الأرض مقابل السلام؟ * لا، هذه المسألة بسيطة لأن الأمر يتعلق بأراض محدودة يصعب استرجاعها وهي لا تؤثر على الثوابت الفلسطينية. - يعاد طرح قضية اللاجئين في كل مرة تحل فيها ذكرى النكبة، لكنها لم تكن ضمن أولويات ملفات مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لماذا؟ * في العملية النضالية والكفاحية يمكن أن تأخذ في بعض المراحل قضية أو ملف الأولوية، قضية الأسرى مثلا تأخذ حاليا اهتمام وتركيز القادة والشعب الفلسطيني، لكن هذا لا يعني أننا نسينا قضية اللاجئين أو قضية المستوطنات؛ فإذا كان هناك تركيز على ملف معين فإن ذلك لا يعني بالضرورة التخلي عن قضايا أخرى. وكما ذكرت سابقا، لدينا ثوابت كالقدس الشريف وتحرير الأرض والأسرى واللاجئين التي لا تنازل عنها وأعتقد أن قضية اللاجئين أخذت حقها الطبيعي وموقف القيادة الفلسطينية بشأنها يستند إلى مبادرة السلام العربية ورلى قرار الأممالمتحدة 194 الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم وقراهم في فلسطينالمحتلة. - ماهي الخطوات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية حاليا للتعريف أكثر بهذه القضية على المستوى الدولي؟ * أعتقد أن الدبلوماسية الفلسطينية هي من أنشط الدبلوماسيات، فهي في حراك دائم إن كان في جنيف أو في الأممالمتحدة أو كما حدث -مؤخرا- في منظمة ''اليونسكو''. وأعتقد أن السياسة الفلسطينية وبفضل توجهاتها الحكيمة تعمل بشكل جاد من زجل خلق تراكمات على كافة الأصعدة لصالح عدالة قضية شعبنا الفلسطيني. كما أعتقد أن هناك تغيرا ملموسا يراه الجميع في مواقف المجتمع الدولي والمواقف الرسمية للدول تجاه هذه القضية، حيث أن هناك تضامنا دوليا واسعا بغض النظر عن الانتماءات السياسية والمنظمات الحكومية والجامعات والبرلمانات ونحن نلمس بشكل حقيقي هذا التضامن الدولي مع قضية فلسطين ولدينا علاقات دبلوماسية مع حوالي 130 دولة في العالم، كما أن هناك عملا دائما في الساحة الدولية بالتنسيق والتشاور مع أشقائنا العرب، وأعتقد أننا نسير في الاتجاه الإيجابي ونواكب إنجازات ونقاط إيجابية لابد أن تنتهي بتمكين شعبنا الفلسطيني من انتزاع حقوقه. - هل تفكر السلطة الفلسطينية في تنظيم مؤتمر دولي حول اللاجئين على غرار مبادرات تنظيم مؤتمرات دولية حول قضية الأسرى؟ * نعم، هناك خطوات متقدمة فقد طرحت قضية الأسرى في الجامعة العربية وتم اتخاذ قرار من كافة الأشقاء العرب لنقل هذه القضية إلى أروقة الأممالمتحدة، إذن من الوارد جدا انتهاج نفس المبادرة بالنسبة لقضية اللاجئين. - ذكرى النكبة تحل مجددا والبيت الفلسطيني لا يزال منقسما، إلى أين وصل مسار المصالحة الفلسطينية ومتى يتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المتفق عليها بين الفصائل؟ * كما يعلم الجميع، لقد تم التوقيع على أكثر من ورقة مصالحة، آخرها اتفاق الدوحة لتشكيل حكومة وحدة وطنية من كفاءات وطنية مستقلة مهمتها الأساسية تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية من أجل تجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية، لكن للأسف هذه الورقة التي تم التوقيع عليها لم يتم تنفيذ بنودها لحد الآن. - ما هو سبب ذلك؟ * الاتفاق موقع والتفاهم موجود والمطلوب هو التنفيذ، هناك خلافات داخلية على مستوى حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' حالت دون تحقيق ذلك، والمطلوب أن تسرع حركة حماس في احتواء هذا الجدل وهذا السجال الداخلي لتطبيق اتفاقية المصالحة في أسرع وقت. - ... وبالنسبة لمفاوضات السلام؟ * نحن نعتبر أن مفاوضات السلام توقفت بسبب التعنت الإسرائيلي الذي لم يبق أي مؤشر إيجابي لنجاحها من خلال ممارسته الهمجية على الأرض واعتداءاته على الشعب الفلسطيني، لكن موقفنا واضح سلام أو استيطان احتلال أو استقلال، لدينا مواقف ثابتة ومستعدون للتفاوض على أساس مرجعية واضحة تشير إلى أن العملية السلمية ستقضي بانسحاب إسرائيل إلى ما بعد حدود الرابع جوان 1967 ونرى بأن نجاح المفاوضات مرتبط بتحقيق سقف زمني لأنه لا يمكن الاستمرار في المفاوضات إلى ما لا نهاية، ومن الضروري أن توقف بناء المستوطنات وإذا لم تحسم إسرائيل موقفها من هذه القضايا فلن تكون هناك مفاوضات والمقاومة الشعبية مستمرة. وفي الأخير نحن سعداء بالانتخابات الجزائرية ونعتقد أن هذا العرس الديمقراطي في الجزائر يعتبر إنجازا كبيرا لتحقيق طموحات الجزائر وتجلب المزيد من الازدهار والتقدم إن شاء الله.
