قدّم شباب من ولايات الوطن شاركوا في فعاليات الصالون الوطني للبيئة والنوادي الخضراء المنعقد مؤخرا بولاية بومرداس، جملة من المشاريع التي تصب ضمن التنمية المستدامة. وقد برهن الشباب مرة أخرى على قدرتهم في المشاركة في تنمية مجتمعهم بما يحملونه من أفكار تبحث عن الدعم وتنسيق الجهود. مشاريع لتصفية مياه الصرف الصحي، وأخرى خاصة بعصرنة نظام السقي ''بالفوقارة'' وكذا العمل على حماية أصناف نباتية من الانقراض وحتى التحسيس على مدار السنة بأهمية المحيط ونظافته.. كانت في مجملها جملة المشاريع التي عرضها شباب أقل من 30 سنة شاركوا في الطبعة الوطنية الثانية لصالون البيئة والنوادي الخضراء، وقد لمست ''المساء'' أثناء تحاورها مع بعض من الشباب المشارك مدى وعّي هذه الفئة بالتحديات التي من الواجب تخطيها حماية للمجتمع وأفراده. من بين أولئك الشباب تحدث إلينا سمراني ماسينسا 26 سنة من مدينة دلس بولاية بومرداس عضو جمعية ''نوتيلوس'' الذي قدم بالصالون مشروع الجمعية والخاص ب ''تصفية مياه الصرف الصحي''. والمشروع هو عبارة عن دراسة تطبيقية لطالب آخر عضو بالجمعية درس معالجة المياه بالجامعة واقترح تبني فكرته وتطبيقها على وادي دلس الذي تصب فيه مياه الصرف الصحي ويصب بدوره في البحر ما يعقد الأثر السلبي للظاهرة. وفي معرض حديثه قال الشاب إن هذا المشروع هو إسقاط للخبرة الأجنبية على الحياة اليومية بمجتمعنا، فالشباب وعن طريق الانترنت درسوا تجربة كندية أثبتت نجاحها فيما يخص تنقية مياه الصرف الصحي، ثم قاموا بتجربتها ميدانيا وملخص التجربة حفر حفرة من واحد متر ثم يوضع فوقها قماش خشن من نوع خاص أو''باش'' لمنع تسرب مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية بعدها تطمر تلك الحفرة بطبقة من الحجر تم من الرمل بحسابات دقيقة، وتكون آخر طبقة من التراب الذي يغرس فيه نبات يسمى ''فراغميت'' وهو نبات من نوع خاص يتمتع بجذور بكتيريا تقوم تلقائيا بتصفية تلك المياه القذرة كما أنها تزيل الروائح الكريهة. ويقول ماسينيسا أن هدفهم كشباب على المدى المتوسط المساهمة في تحقيق تنمية المجتمع الجزائري الذي يحمل كفاءات شبابية مشهودا لها، كما يطمح من الجهات المعنية تبني أفكار جمعيتهم لتنقية كل الوديان المشبعة بمياه الصرف الصحي الضارة للبحر وللبيئة خاصة وأن هذه التقنية لا تحتاج أموالا كثيرة ولا يد عاملة مؤهلة، إنما هي فكرة بسيطة بحاجة إلى الرعاية والدعم والتطبيق. من جهته عرض الشاب عزي ديدي حمزة 24 سنة تقني سامي في الري من نادي البيئة لدار الشباب ببلدية عين صالح بولاية تمنراست؛ مشروعين أحدهما يخص مكافحة التصحر والثاني خاص بإعادة إحياء نظام الفوقارة كأحد أهم أنظمة السقي في الصحراء. وقال حمزة أنه وزملاءه الشباب في النادي الأخضر يعتمدون على إحياء وسائل تقليدية، ومنها جريد النخيل لمكافحة زحف رمال الصحراء على الأراضي الفلاحية، قال الشاب أنها وسيلة ناجحة في منطقة عين صالح وفكرنا كشباب لإنشاء وحدة أو مصنع مصغر خاص بجريد النخيل، أي دراسة النخلة وكيف تقطع أوراقها وحتى قطعها بمقاسات معينة ثم استعمالها كدرع للوقاية من التصحر. والمشروع قال عنه الشاب أنه لم يعرض بعد على السلطات المحلية بغية التبني ومن ثم التطبيق، وهي الخطوة المقررة قريبا. أما مشروع الفوقارة في عين صالح فهو مشروع قد اندثر تماما بالمنطقة بحسب المتحدث، الذي يرمي رفقة شباب النادي الأخضر لإعادة إحيائه ليس فقط كموروث حضاري وإنما كمشروع إنساني والفوقارة مجموعة من الآبار الارتوازية المرتبطة فيما بينها بنفق وتكون الآبار مرتبة تصاعديا حتى الوصول إلى منطقة سطح البحر أين تتجمع المياه ثم يتم توزيعها على الآبار بصفة آلية. والشباب يفكر في صيانة الآبار الموجودة بالمنطقة وإعادة إحيائها حتى تستغل في سقي المساحات الزراعية؛ خاصة مع وجود أكبر مخزون جوفي في عين صالح، وبما أن الفوقارة موجودة فكرنا نحن الشباب في إحيائها عوض انتظار خزان المياه الذي يفتح ويغلق بمواعيد محددة. يقول حمزة. والفوقارة كمشروع إنساني لأنها ملك للجماعة وكل فرد من حقه الشرب من هذا البئر أوذاك، كما أنها تساهم في الالتحام الجماعي ومنه التضامن الاجتماعي. كونها بالمجتمع الصحراوي رمز هام يجعل الناس يبادرون إلى إصلاحه كلما تعطلت وأصابها خلل ما حتى وإن اقتضى الأمر تدخل كل الجماعة. ونحن نريد إعادة إحياء هذا الموروث البيئي والثقافي وعملنا يرتكز أكثر على الشباب الذي يفكر عدد منهم في العمل في الشركات وبالمكاتب المكيفة متناسين أن الأصل هو الأرض ونحن نسعى في مشاريعنا هذه لإعادة الاعتبار إلى كل ذلك يختم المتحدث حديثه إلينّا. ومن جملة المشاريع الهادفة لتحقيق تنمية مستدامة بالمجتمع الجزائري مشروع الحفاظ على الغطاء النباتي بولاية بشار خاصة شجرة الأر?ان هذا النوع النباتي النادر الموجود فقط في منطقة بشار وعلى الحدود المغربية، بحسب الشاب وشان لخضر رئيس نادي هواة الثقافة الخضراء لمدينة بشار الذي قال إن لهذه الشجرة فوائد لا تحصى سواء من الناحية الصحية أوالجمالية أوحتى البيئية. كما أنها شجرة معروفة عالميا بجودة زيوتها وفوائدها المتعددة، إذ تستعمل في المخابر العالمية لصناعة المواد التجميلية والأدوية وبعض العلاجات الطبية، كما تستغل فضلاتها كعلف مقوّ للماشية. ونحن نريد تبليغ رسالة للسلطات المعنية لحماية هذه الشجرة النادرة من الانقراض. كما أن الشباب المنخرط في نادي هواة الثقافة الخضراء يهتم بهذه الشجرة بصفة خاصة عن طريق تعليم الناس بها ومحاولة حمايتها من عوامل الطبيعة وحتى من أي استغلال غير مسموح به. إلى جانب هذه المشاريع قدّمت مشاريع أخرى تهتم بنظافة المحيط وحماية البيئة؛ تدخل في إطار العمل التطوعي كالذي تقدمت به جمعية ''جيل نوفمبر'' لولاية الجلفة التي قال عضوها بن يحي أبوبكر الصديق أن عمل الجمعية التطوعي الهادف لتحسين وجه المدينة قد دام أربعة أشهر وحمل هدف ترسيخ ثقافة حماية المحيط وتعليم الصغار آداب التعامل مع البيئة، وهي المبادرة التي قال عنها المتحدث أنها وجدت صدى واسعا في انتظار حملة مماثلة في القريب. كما عرضت الآنسة بوعزة بسمة مؤطرة نادي البيئة لمدينة جيجل مشروعا لاسترجاع النفايات المنزلية وقالت في حديثها ل ''المساء'' أن النادي يعمل على مدار السنة في إطار التحسيس بأهمية تصنيف القمامة وتعلّم رمي النفايات المختلفة في مكانها الصحيح لتسهل عملية استرجاعها وإعادة تدويرها بما يخدم الفرد والمجتمع بشكل عام.