أكد وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، السيد لوران فابيوس، إرادة كل من الجزائروفرنسا في الانتقال إلى مرحلة جديدة وشراكة مميزة في علاقاتهما الثنائية، مقدرا بأن كل الشروط مجتمعة لتجسيد هذه المرحلة الجديدة التي تعتبر -حسبه- ضرورية بالنسبة للبلدين، فيما أكد وزير الخارجية السيد مراد مدلسي أن البلدين قررا استكمال الاتفاقات التي تحتل الأولوية في مجال التعاون الثنائي. وأوضح السيد فابيوس خلال الندوة الصحفية التي نشطها، مساء أول أمس، رفقة وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي، بإقامة الميثاق بالجزائر، أن "عبارات إعطاء دفع جديد والانتقال إلى مرحلة جديدة بين البلدين ليست جوفاء بل تنم عن إرادات ملموسة تحدو الطرفين الجزائري والفرنسي". مشيرا في هذا الصدد إلى أنه انطلاقا من التقييم الموضوعي للعلاقات ومن مبدأي الجوار والصداقة، تبدو كل الشروط مجتمعة لتجسيد هذه المرحلة الجديدة التي تعتبر ضرورية بالنسبة للبلدين على حد تأكيده. وأعرب المسؤول الفرنسي عن ارتياحه للمحادثات التي جمعته بالسيد مدلسي، مشيرا إلى أن زيارته للجزائر التي تعد أول زيارة له لبلد عربي منذ تعيينه على رأس الدبلوماسية الفرنسية تأتي في سياق خاص، يتزامن مع إحياء الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر وانتخاب رئيس جديد للجمهورية الفرنسية. كما أشار السيد فابيوس إلى أن المحادثات التي جمعته مع السيد مدلسي كانت مجدية وميسرة على الصعيدين الثنائي والدولي، حيث اتفق الطرفان بخصوص كل المواضيع التي تطرقا إليها، مذكرا بهذا الخصوص بقضايا الأرشيف والاقتصاد والأمن والدفاع وتنقل الأشخاص. ويبقى ملف تنقل الأشخاص من بين أهم القضايا التي خاض فيها الطرفان، وقد أوضح فابيوس في هذا الشأن أن هناك تقدما ولكنه يبقى دون المستوى المطلوب وهو بحاجة إلى مزيد من التطوير، ليكشف عن زيارة مرتقبة لوزير الداخلية الفرنسي ايمانويل فالس قريبا للبت في مثل هذه القضايا والتطرق إلى المجال الإداري. وأشار في هذا السياق إلى أن البلدين اتفقا على أن يحضرا سويا لبرنامج التعاون خلال الفترة 2012 – 2016، مؤكدا بأن هذا الملف "سيكون جاهزا قبل نهاية شهر أكتوبر حتى تتم الزيارة التي من المقرر أن يجريها الرئيس فرانسوا هولاند قبل نهاية سنة 2012 على أساس عمل تمهيدي ودقيق، يسمح بالمضي قدما، وقال المتحدث إنه سيتم البت في ملف الدراسة في فرنسا وكذا فتح مدارس فرنسية بكل من عنابة ووهران. من جهته، أوضح وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أن الجزائروفرنسا قررتا استكمال، في أسرع ما يمكن، بعض الاتفاقات الأولوية في مجال التعاون الثنائي، وأوضح في هذا الخصوص أن الطرفين اتفقا على تقديم إسهام يكون أكثر وضوحا لعلاقاتهما السياسية والاقتصادية وذات البعد البشري، وكذا للتعاون العسكري والأمني، ملاحظا أن كل هذه المسائل سجلت تقدما. وبخصوص الأرشيف، أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن الطرفين اتفقا على تنصيب لجنة مشتركة لمتابعة هذا الملف، فيما قررا في مجال دعم التعاون الاقتصادي مواصلة العمل الذي تمت مباشرته في الأشهر الأخيرة من أجل استكمال بعض الاتفاقات التي تحتل الأولوية، على غرار تلك التي تخص قطاعات صناعة السيارات والصناعة الصيدلانية ومواد البناء والبتروكيمياء. وبشأن البعد البشري سجل الطرفان، حسب السيد مدلسي، تحسنا على مستوى تنقل الأشخاص، من خلال تحسن شروط الحصول على التأشيرة، مبرزا ضرورة بذل المزيد من الجهود في هذا المجال. على صعيد آخر، أعرب وزير الشؤون الخارجية عن ارتياحه للعلاقات القائمة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي. مذكرا بأن الطرفين أنهيا رسميا مسألة التفكيك الجمركي، فيما أكد بخصوص العلاقات الجزائرية- المغربية أن هذه الأخيرة تزداد كثافة، قائلا في هذا الصدد "يمكننا اليوم أن نقول بأن العلاقة بين الجزائر والمغرب هي علاقة تتسم بالهدوء وتصاغ على أسس جديدة بما فيها مسألة الحدود التي لم تعد موضوعا محظورا". أما بخصوص قضية الصحراء الغربية فأوضح الوزير أن هذه الأخيرة تبقى من مسؤولية الأمين العام الأممي للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ومنهم فرنسا، في حين أكد وزير الخارجية الفرنسي في اللقاء الصحفي الذي عقده أمس بإقامة السفير الفرنسي بالأبيار أن موقف فرنسا بشأن مسألة الصحراء الغربية هو "نفس الموقف الذي تدافع عنه الأممالمتحدة، ونحن نلتزم بالشرعية الدولية التي تدافع عنها الهيئة الأممية". وكان رئيس الدبلوماسية الفرنسية قد حل، مساء أول أمس، بالجزائر، في زيارة عمل دامت يومين، وسمحت ببحث مستوى تقدم الملفات المدرجة في إطار بناء الشراكة المتميزة التي أكد على مبدئها الرئيسان عبد العزيز بوتفليقة وفرانسوا هولاند، كما سمحت للطرفين بتبادل وجهات النظر والتحاليل حول عدد من مواضيع الساعة المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية ولاسيما مسار دفع بناء صرح المغرب العربي والوضع في منطقة الساحل والتنمية في الفضاء المتوسطي بالإضافة إلى غيرها من المسائل ذات الاهتمام المشترك. وبالمناسبة، أكد الوزير الفرنسي لدى وصوله للجزائر أن زيارته تنم عن إرادة في إعطاء دفع جديد للتعاون الثنائي، وأشار إلى أن كل الظروف مجتمعة لتحقيق هذا الهدف، موضحا بأن من بين هذه الظروف موضوعية الطرح في معالجة الذاكرة والصداقة والجوار. واعتبر السيد فابيوس "العلاقات بين البلدين طيبة، غير أن هناك -حسبه- مستويات جيدة وأخرى غير مرضية، معربا عن تأييده للمستويات الجيدة في هذه العلاقات. وعقب وصوله إلى الجزائر عقد رئيسا دبلوماسيتي البلدين جلسة عمل بدأت على انفراد ثم توسعت إلى أعضاء وفدي البلدين، لينشط المسؤولان بعدها ندوة صحفية تطرقا فيها إلى مختلف جوانب العلاقات الثنائية بما فيها قضايا الماضي المشترك وسبل تقوية الشراكة المتميزة بين البلدين إضافة إلى المسائل الدولية المطروحة وفي مقدمتها الأزمة في مالي.