استنكرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية ما وصفته بحملة التضليل المتواصلة خلال الأيام الأخيرة بخصوص قضية تعامل السلطات العمومية مع أعوان سلك الحرس البلدي، مجددة التأكيد على أن كل المطالب المعقولة التي رفعها هؤلاء تمت تلبيتها، فيما أشارت إلى بعض النقاط "غير المنطقية" التي يطالب بتحقيقها أفراد هذا السلك على غرار رفع درجة التصنيف من 6 إلى 12 والتي يشترط القانون لتطبيقه حصول المعنيين على شهادات جامعية.. وحرصت الوزارة في بيان نشرته في شكل إعلان في بعض الجرائد الوطنية على تفنيد "تفنيداً قاطعاً" المعلومات المنتشرة حول الضغوطات والإجراءات القمعية المزعومة التي إتخذت ضد المحتجين، مؤكدة بأن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة، فيما أوضحت بخصوص "الغموض المتداول حول ظروف وفاة العون لصفر سعيد بأن التحقيق الخاص الذي قامت به مصالح الأمن الوطني أكد وبصفة قطعية أن الوفاة كانت نتيجة لنزيف في المعدة، "والمرحوم لم يكن بمقدوره بأي حال التواجد في المسيرة المنظمة يوم 09 جويلية 2012 بسبب تدهور وضعيته الصحية بناء على المعلومات المستقاة من أفراد عائلته". وذكرت الوزارة في وثيقتها بكل الإجراءات المتخذة منذ فيفري 2011 للتكفل بالمطالب المرفوعة من قبل أعوان الحرس البلدي، فبعد أن نوهت بكل ما قدمته هذه الفئة من أجل الوطن، أكدت وزارة الداخلية أنها إستجابت لأغلبية مطالبها "بإستثناء تلك التي لا تجد لها سنداً قانونياً أو هي مبالغ فيها" . وتم بالمناسبة التطرق إلى سلسلة الإجراءات التي تم إتخاذها في إطار تلبية مطالب أعوان الحرس البلدي بداية من مطلب الزيادة في الأجور، حيث تمت الإشارة إلى إعادة تقييم النظام التعويضي بأثر رجعي إبتداء من 1 جانفي 2008، وتكريسه بموجب المرسوم التنفيذي المؤسس للنظام التعويضي لمستخدمي الحرس البلدي والذي سمح برفع منحة المردودية من 20 إلى 30 بالمائة محسوبة على أساس الأجر الجديد وكذلك رفع تعويض الخطر والإلزام ب10 بالمائة، ورفع منحة التغذية من 3000 دينار إلى 4200 دينار، خلال الشهر الجاري وذلك بأثر مالي إبتداء من 8 جويلية 2012 ، مع تخصيص غلاف مالي أولي مقدر ب615 مليون دينار لتغطية الأثر المالي لهذه الزيادة إلى غاية 31 ديسمبر 2012. وقد سمح دخول هذا النظام التعويضي حيز التنفيذ حسب بيان الوزارة برفع أجر أعوان الحرس البلدي، مع تفاوت في قيمة الأجر طبقاٍ لتفاوت معياري الرتبة والتقدمية، حيث بلغ على هذا الأساس أجر العون الذي يملك 8 سنوات أقدمية 25852,74 دينار، بينما يحصل رئيس مفرزة بنفس سنوات الأقدمية على 37856.06 دينار، وبالنسبة للذين يملكون لعشر سنوات أقدمية فإن الأجر الشهر يقدر بالنسبة للعون ب26409.20 دينار بينما يقدر بالنسبة لرئيس المفرزة إلى 38622.58 دينار، أما أصحاب 16 سنة خدمة فيصل راتبهم إلى 27880.19 دينار بالنسبة للعون و40919.11 دينار بالنسبة لرئيس المفرزة، مع الإشارة إلى أن 65 بالمائة من الأعوان لديهم أقدمية تساوي أو تزيد عن 16 سنة ، كما لا تشمل هذه الرواتب المنح العائلية ومنحة التغذية. فيما يخص الإحالة على التقاعد الإستثنائي، فقد أشارت الوزارة إلى أنه تم وضع حيز التنفيذ نظام إستثنائي غير مسبوق للتقاعد النسبي، سمح بإحالة الأعوان الذين أدوا 15 سنة عمل إلى غاية 31 ديسمبر 2012 على التقاعد بناء على طلبهم ودون إحتساب شرط السن، مع تكفل الخزينة العمومية بشراء تلك الحقوق التي بلغت قيمتها الإجمالية 49603 مليون دينار. وقد تمت الموافقة في هذا الإطار على 44057 طلب مودع من قبل أعوان الحرس البلدي المقدر عددهم على المستوى الوطني ب88 ألف عون وتم تحويل الملفات المودعة لمصالح الصندوق الوطني للتقاعد، والتي إتخذت من جهتها كافة الإجراءات لمعالجة الطلبات في أسرع وقت ممكن حسبما أكدته وزارة العمل والتشغيل والضمان الإجتماعي في بيان لها نهاية الأسبوع المنصرم، فيما أوضحت الداخلية من جهتها أن كل الحالات المودعة لدى المصالح المختصة سيتم تسويتها قبل نهاية العام الجاري . وبعد أن ذكرت بتأسيس معاش خاص بالعطب لفائدة أفراد الحرس البلدي الذين إنخفضت قدرتهم على العمل، يحسب على أساس آخر أجر للمعني، وكذا بالتكفل بذوي الحقوق ضحايا الإرهاب البالغ عددها 1015 حالة طبقا لعدد الملفات المودعة في هذا المجال، أشارت الهيئة الحكومية إلى أنه من المطالب التي لم يتم التكفل بها بعد، تلك التي تخص إشتراط أعوان الحرس البلدي المحتجين الحصول على منحة إنهاء علاقة العمل تصل قيمتها إلى 540 مليون سنتيم، وأكدت الوزارة أن هذه المنحة "لا ترتكز على أي سند قانوني"، كما إعتبرت طلبهم الإستفادة من بطاقة "عضو سابق في محاربة الإرهاب"، مطلب "ليس له أي وجود قانوني". ويطالب أعوان الحرس البلدي أيضا حسب بيان الوزارة بترسيم وتثبيت الأعوان بصورة آلية بعد إعادة نشرهم على مستوى الإدارات والمؤسسات، وهو مطلب غير منطقي بالنسبة لها على إعتبار أنه يتعارض مع النظام القانوني للتعاقد، ويدعو إلى تسوية وضعية أعوان يمارسون مهام في رتب لم يتم تعيينهم فيها، فيما وصفت الوزارة مطلب الإدماج المباشر لكافة الأعوان المشطوبين بمن فيهم الذين إرتكبوا أخطاء جسيمة بأنه "أمر غير مقبول قانونيا". من جانب آخر وبخصوص المطالب الجديدة التي قدمها المحتجون في مسيرة 9 جويلية الجاري، أوضح بيان الوزارة بأن المطلب الخاص بدفع مقابل عن 16 ساعة عمل إضافية يومية على إمتداد 17 سنة خدمة، تم التكفل به في إطار النظام التعويضي، وإستغربت الوزارة من طلب المحتجين وضع قانون أساسي جديد، في وقت يتوفر فيه سلك الحرس البلدي أصلا على قانون أساسي، فيما يبقى مطلب الترتيب في الصنف 12 بدل الصنف 6 مطلبا غير منطقي وذلك لكون الصنف 12 خاص بأصحاب الشهادات الجامعية. وبالرغم من البيان التوضيحي الذي حرصت وزارة الداخلية على نشره لتنوير الرأي العام حول المسألة، إلا أن أعوان الحرس البلدي المحتجين والذين إستقروا بمنطقة بوفاريك بعد منع مسيرتهم الخميس المنصرم، لا زالوا مصرين على الإستمرار في الإحتجاج، حيث أوضح لنا المندوب عليوة لحلو في إتصال هاتفي مع "المساء" بأن الأعوان المحتجين إتفقوا على عقد إجتماع سهرة أمس لإقرار كيفية مواصلة عملية الإحتجاج و "موعد إستئناف محاولات السير بإتجاه العاصمة، وذلك إلى حين تسوية المطالب المرفوعة".