دخلت السلطات السوية والمعارضة المسلحة في حرب بيانات ساخنة حول حقيقة ما يجري في مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية وشريان القوة الاقتصادية فيها والتي تعرف معارك طاحنة بين فرقاء الأزمة المتأججة في هذا البلد. واشتدت لهجة الجانبين على اعتبار أن من سيطر على هذه المدينة الإستراتيجية كانت له الغلبة في النهاية في معركة وصفت بأم المعارك وفي حرب مدمرة تتواصل أطوارها منذ 16 شهرا وبحصيلة دامية اجتازت عتبة 20 ألف قتيل. وأكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي خرج عن صمته لأول مرة منذ عدة أشهر ليقول من العاصمة الإيرانية طهران التي يزورها على رأس وفد كبير أن “الإرهابيين على وشك الاندحار وخسارة معركة مدينة كانت إلى حد الآن في منأى عن دوي قنابل مدافع الميدان وأزيز الطائرات المقاتلة ولكنها لم تصمد أمام حرب تتوسع رقعتها كالنار في الهشيم من القرى ثم المدن السورية الكبرى ووصلت أخيرا إلى العاصمة دمشق ثم إلى حلب. وقال المعلم الذي شكل إلى وقت قريب واجهة النظام السياسي السوري قبل أن ينسحب أن بلاده عرضة لمؤامرة دولية، متهما دولا مثل قطر والعربية السعودية وتركيا ودول أجنبية عن المنطقة بمنع كل مسعى لوقف المواجهات بدعم المتمردين وتزويدهم بالأسلحة. وهي الأسلحة التي يكون ميزان القوة المختل لصالح القوات النظامية هو الذي حسم معركة حلب وجعل العقيد المنشق ورئيس المجلس العسكري للمتمردين في هذه المدينة عبد الجبار العقيدي يناشد الدول الغربية تزويد عناصر المعارضة المسلحة في المدينة بالأسلحة الكافية وإقامة منطقة حظر جوي فيها في محاولة لمنع تحليق الطائرات العسكرية السورية بمبرر مخاوف من إقدام القوات السورية على اقتراف مجازر في حق عناصر المعارضة الذين اتخذوا من أحياء المدينة معقلا لهم في محاولة لربح معركة اعتبروها مصيرية في مسار الثورة على نظام الرئيس بشار الأسد. وقال العقيدي إننا مستعدون للإطاحة بالنظام السوري ولكننا في حاجة فقط إلى منطقة حظر جوي . وهو الطلب الذي رفعه عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني السوري المعارض مناشدا الدول الشقيقة والصديقة إلى تسليح أعضاء الجيش السوري الحر الذين يقاتلون بأسلحة قديمة وتقليدية. ونحن نريد وقف دبابات وطائرات الجيش السوري . وكان المجلس الوطني السوري المعارض طالب أيضا باجتماع طارئ لأعضاء مجلس الأمن الدولي لمنع اقتراف قوات الأمن السورية جرائم جديدة ضد المدنيين في مدينة حلب. وقال عبد الباسط سيدا في ندوة صحفية بعاصمة الإمارات العربية المتحدة بأبو ظبي أن الجيش السوري لجأ إلى استعمال طائرات مقاتلة من طراز “ميغ 21 “و”ميغ 23” لقنبلة أحياء آهلة بالسكان. وهو الواقع الذي جعل كوفي عنان المبعوث الدولي المشترك في الأزمة السورية إلى إبداء قلقه من تموقع القوات والأسلحة الثقيلة في محيط مدينة حلب وطالب الفرقاء بالبحث عن تسوية سياسية لنزاعهم المتواصل منذ أكثر من 16 شهرا. ويبدو أن الدول الغربية التي تصر على رحيل النظام السوري جعلت من هذا الهجوم ذريعة أخرى للمطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد وبمبرر أنها أصبحت تخشى من مجازر جديدة ضد سكان هذه المدينة وعدم تكرار مجازر المدن الأخرى.