انتقل إلى رحمة الله الواسعة، أمس، أسطورة الكرة الوهرانيةوالجزائرية، واللاعب الدولي السابق لفريق مولودية وهران عبد القادر فريحة الملقب ب«بيقا" بمستشفى أول نوفمبر بإيسطو، بعدما إدخاله على جناح السرعة، ليلة أول أمس، غرفة الانعاش بعد آلام شديدة أحس بها في المعدة، التي كان يشكو من مرض فيها في السنوات الماضية. ويعد فريحة المولود بتاريخ 28 أكتوبر1942 بوهران، وبشهادة الكثير من هواة الكرة المستديرة في الجزائر وليس وهران فقط، سواء أكانوا لاعبين أو مسيرين أو أنصار من طينة اللاعبين الكبار، الذين أنجبتهم الكرة الجزائرية، والذين ستبقى بصماتهم الكروية خالدة في ذاكرتها. ورغم يقيننا، بأن عطاء هذا اللاعب الكبير يستحق كتبا لا صفحات، إلا أننا نستحضر هذا المختصر عن مشوار هذا اللاعب الكبير، حيث كانت بدايته بحي الحمري العتيق، وتحديدا فوق الأرضية الترابية لمزرعة "لامور"، ومداعبته الكرة جيدا من خلال كثرة مشاهدته للاعبين كبار من أمثال شنقو، بوخة، وبروان وأحمد كوكو وغيرهم، ما مكنه من الإلتحاق بالفئات الصغرى لفريق (سي-دي-جي) رفقة رفيق دربه مقنين محمد، وأول اقتحام رسمي له لعالم الكرة كان بتاريخ 5 مارس 1957، حيث شارك في مباراة رفع الستار ضد فريق (جي.سي.أو)، وتلك المشاركة، أتاحت له فرصة مشاهدة، وعن قرب، فنيات لاعبين كبار كدي ستيفانو، سانتا ماريا، خينتو، بوسكاس وكوبا جونكي وغيرهم من الأسماء الكروية العالمية، ووقتها كان لاعبا في فريق "باستي" (كوكب وهران حاليا). بعدها انتقل لفريق مولودية وهران الذي تألق فيه بشكل لافت، وارتبطت إنجازات الطرفين ببعضها البعض، وكانت لفريحة فرصة للمشاركة مع المولودية في أول بطولة وطنية بصيغة المجموعات رفقة لاعبين محنكين من أمثال بوي، بوجلال، حسان والإخوة ناير (قدوروالحاج)، أوزايد وآخرين، وعمره لا يتجاوز 20 سنة، إلا أن صغر على غرار وآخرين من أترابه كان ضمن استراتيجية أفضل مدرب للمولودية في تاريخها الشيخ واضح، الذي بطريقة لعبه الجديدة التي لقنها لتشكيلته والمعتمدة على التمرير المتكرر للكرة، والتوغل عبر الجناحين، أراحت فريحة ومكنته من هز شباك الخصوم مرات ومرات، وخصوصا، اكتشاف الجماهير الجزائرية لموهبته في تسجيل الأهداف بالرأس حتى لقب "بالرأس الذهبية"، واستمر عطاء "بيقا" مع المولودية الوهرانية إلى غاية 1976، وخلال ال15 سنة التي قضاها فيها نال خمسة ألقاب وطنية، البطولة الوطنية موسمي (1970/1971) تحت قيادة المدرب البرتغالي كارلوس قوميز، الذي كان أطلق سنة من قبل كلمته المشهورة "أعطوني فريحة والمولودية وسأكون بطلا للجزائر" وحصل ذلك، وكأس الجزائر سنة 1975 على حساب فريق مولودية قسنطينة العريق بلاعبيه الأفذاذ، امثال فندي سليم، قموح وكروكرو وخاين وغيرهم بهدفين دون مقابل من توقيع فريحة وبلكدروسي، وثلاث مرات أحسن لاعب في البطولة الوطنية سنوات 68و 69و1971. أما مسيرة فريحة مع الفريق الوطني فكانت قليلة لكنها حافلة، حيث لم تتعد مشاركاته العشر مباريات، ويشهد يوم 9مارس1969 على أول مشاركة رسمية لفريحة عبد القادر مع المنتخب الوطني تحت قيادة الثنائي زوبا وبن تيفور بملعب العناصر( 20 أوت حاليا) ضد المنتخب المغربي، وقتها فاز فريقنا الوطني بهدفين دون رد، وفي مباراة برسم تصفيات كأس أمم إفريقيا لسنة 1970، على أن أحسن خرجة للمرحوم فريحة كانت سنة 1969 وبملعبه المفضل 19 جوان بوهران (أحمد زبانة حاليا)، وبمناسبة لقاء الفريق الوطني ضد فريق "سانتوس" البرازيلي تحت قيادة أفضل لاعب في المعمورة (بيلي)، والذي كان ولوجه ملعب 19 جوان الثاني له بعد زيارته له يوم 17 جوان 1965، ووقتها كان يسمى هذا الملعب ب(فوكاس دي بارك )، ووقتها جاء سانتوس بلاعبيه الكبار كجيلمار، ليما وإيدو، تألق "بيقا" بشكل كبير، ووقع هدفا أسطوريا (وهو هدف التعادل) ومن وسط الميدان جعلت الجماهير تحمله فوق الأكتاف بعد نهاية اللقاء. واعتزل فريحة اللعب سنة 1976 بعدما ترك المولودية الوهرانية، ولعب بعض المقابلات في فريق ناديت وهران، وهو في سن ال34، متحسرا على عدم مصاحبته لمشروع الإصلاح الرياضي لسنة 1979، الذي فتح آفاقا كبيرة لكرة القدم الجزائرية. وانتقل بعدها فريحة، ولكن لفترات متقطعة وقصيرة للتسيير في فريقه مولودية وهرانن قبل أن يترك كل شيء في السنوات الأخيرة، لكن بقي مناصرا وفيا للونين الأحمر والأبيض يساعد من حين لأخر في حل بعض مشاكله، إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى يوم أمس عن عمر يناهز ال70 سنة، متألما على تردي سمعة فريقه مولودية وهران الذي أحبه حتى النخاع.