من يتذكر مولودية وهران لعقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ويثني على خط هجومها الناري، فلن ينسى بالتأكيد ذكر أحد مشكليه الأقوياء الذي لطالما عبث بدفاعات الخصوم وهزم حراسا كبارا وبث فرحا لا يوصف فوق المدرجات، وخاصة بملعبي بوعقل وزبانة (19 جوان سابقا)، إنه المهاجم القوي، الهامل نور الدين، المعروف ب''مهدي '' الذي تذكرته جريدة ''المساء '' وأعادت معه شيئا من شريطه الكروي الفذ... - مرحبا بك سي مهدي في جريدتك ''المساء''... شكرا لكم ومرحبا بكم أنتم أيضا وبجريدتكم المحترمة؟ - نبدأ معك من معرفة رأيك في تعيين عبد الحق بن شيخة مدربا للفريق الوطني؟ هو تعيين في محله، لأنه أولا جزائري ويعرف جيدا داء الكرة الجزائرية ويعرف كذلك لاعبيها، حيث سبق له وأن درب المنتخب الوطني للمحليين، وهي تجربة مهمة له كالتجارب التي حصل عليها من تدريبه لفرق جيدة كشباب بلوزداد والنادي الإفريقي التونسي، فقط يجب أن يمنح الوقت الكافي، وأن يترك يعمل من دون تشويش كما حصل مع الناخب الوطني السابق رابح سعدان. - لكن البعض يرى عكس ذلك، ويقول أن سعدان توفر له كامل الوقت وكان تغييره ضروريا؟ أولا سعدان كان زميلي في الفريق الوطني في سنوات 68 و69 وفي صنف الآمال، رفقة لاعبين مرموقين آنذاك كالطاهر وصالحي عبد الحميد وغيرهما، وتحت قيادة المدربين القديرين رشيد مخلوفي وخباطو، ثم علينا أن نسأل أنفسنا عن من أوصلنا إلى نهائيات كأسي العالم وإفريقيا للأمم بأنغولا، وأنا أظن أنه تعرض للتشويش كثيرا، وهذا ما دفع به إلى الرحيل عن الفريق الوطني. - والآن، كيف ترى مستقبل الفريق الوطني في عهد عبد الحق بن شيخة؟ بن شيخة يجب أن يمنح كامل الوقت والمساعدة، لأن ما ينتظره ليس سهلا، وكل الاعتماد والاتكال سيكون على اللاعبين، الذين عليهم مكاتفة بن شيخة بالعمل والتضحية أكثر، حتى يرسموا ابتسامة متجددة على شفاهنا جميعا كما فعل الشيخ سعدان، وكذلك العمل على سد النقائص التي يعاني منها الفريق الوطني، ومنها عقم خط الهجوم وعدم تأدية خط الوسط لدوره على أكمل وجه. - وهل هذا فقط ما يعيب فريقنا الوطني؟ نعم، وهذا مهم جدا، فانظر إلى منتخب الأورغواي فهو يتوفر على مهاجم واحد لكنه قوي جدا، ألا وهو فورلان الذي باستطاعته هز الشباك مرات لأنه يمون بكثرة من زملائه. - لكن هناك من يرى عكس ذلك، ويؤكد على أن الكرة الحديثة تتطلب من الكل التسجيل دون أن يقتصر ذلك على المهاجم فقط؟ نعم، هذا صحيح لكن عندما يكون اللاعب متموقعا بصفة جيدة، ولكن لا ينبغي كذلك أن تستند كل مرة على غير المهاجمين ليسجلوا، فقط يجب مؤازرة هؤلاء من قبل خط الوسط، وخذ لك مثالا في فريقنا مولودية وهران سابقا، فأنا كنت أشغل منصب قلب هجوم وأتلقى باستمرار الكرات المواتية من زملائي لاعبي خط الوسط الذين يلعبون قريبا مني، والنتيجة أنني حزت رفقة زميلي فريحة على لقب أحسن هداف في موسم 1970-1971 ب17 هدفا لكل واحد منا، وفي هذا الموسم تحصلت المولودية على أول لقب وطني لها في تاريخها الكروي. - وكيف ترى حظوظ فريقنا الوطني في بقية المنافسة التأهيلية الإفريقية؟ أنا متفائل، ولا أبالغ إن قلت يجب على الطاقم الفني الوطني أن يضع كأس إفريقيا القادمة كهدف لنيل تاجها، وبمقدورنا فعل ذلك لأننا نتوفر على ذخيرة بشرية جيدة ستتقوى خلال السنتين القادمتين. - ننتقل إلى فريقك مولودية وهران، كيف تعلق على انتخاب محياوي رئيسا جديدا له؟ شيء جميل أن يتقلد السيد محياوي رئاسة مولودية وهران، لأنه يتوفر على القدرات اللازمة لإخراجها من وضعيتها الصعبة، وخاصة المالية منها، وأنا أقول أنه لو كان اللاعبون القدامى متحدين لأمكن تفادي الكثير من العراقيل التي صادفت المولودية في وقت سابق. - وبرأيك، ما هو السبب في انقسامهم؟ إذا تكلمت عن نفسي، فأنا أحب المولودية لأنها منحتني الشهرة وحب الناس، وأتمنى أن تستعيد عافيتها، وبالمناسبة أدعو الجميع إلى الرأفة بهذا الفريق العريق بتاريخه ولاعبيه الكبار الذين تخرجوا منه. - وهل باستطاعة المولودية كسب رهان الدخول في مشروع الاحتراف بعد كل التطورات التي عاشتها في هذه الصائفة؟ نعم، لأنه من غير المنطقي أن تتخلف مولودية وهران عن قطار الاحتراف، فهي ركيزة من ركائز الكرة الجزائرية رغم الأوضاع العصيبة التي كانت تمر بها من وقت لآخر، ولا أظن أن مدينة وهران عقمت عن إنجاب رجال حقيقيين وأصحاب جيوب مليئة للمساهمة في ترقيتها وتطورها. مرض المولودية في تشتت أسرتها - لكن الغالبية تطالب أن يتم هذا الانتقال بذهنية محترفة؟ لا شك في ذلك، لأن ما لاحظناه من انقسامات وتشتت لا يشرف المولودية ويبعث الشك في من يقولون أنهم يحبون الخير لها، وعلى قدرتهم في الانتقال بها لكي تتبوأ مكانة تليق بها ضمن الفرق العتيدة والقوية في بلادنا، وأنا أقبل عذر كل من أحجم عن حضور جمعياتها العامة السابقة. - من يدعون أنهم حياديون يقولون أن مرض المولودية كان في أعضاء الجمعية العامة وهم من صلبها على ما أظن؟ قد يكون كلامهم صحيحا، لكن الأهم هو أن يتحد الجميع لفائدة المولودية فقط، وعليهم أن يدركوا بأنها عانت كثيرا من بعض التصرفات المشينة، وأنا أتساءل: هل يستحق هذا الفريق العريق كل هذه القسوة؟ فعليهم أن يدركوا بأنه ينتظر منهم الكثير لمساعدته حتى يجد موطأ قدم له في عالم الاحتراف الجديد الذي ولجه. - نعود إليك مهدي لتفصل لنا قصتك مع الفريق الوطني؟ تقمصت القميص الوطني لأول مرة في صنف الأواسط موسم 65/1966 ثم الفريق الوطني العسكري من سنة 1972إلى غاية 1974 رفقة المرحوم دراوي ومصطفى دحلب، بعد ذلك منتخب الآمال دون نسيان المنتخب الجهوي الغربي. - وما هي أحسن مباراة دولية لعبتها في مسيرتك الرياضية؟ مع الفريق الوطني في دولة الاتحاد السوفياتي (سابقا) ضد فريق دينامو كييف، حيث سجلت هدفين. - وأحسن مباراة مع المولودية الوهرانية؟ هي بالتأكيد المباراة النهائية لكأس الجزائر لسنة 1975 التي فزنا فيها على فريق مولودية قسنطينة بملعب 5 جويلية بنتيجة هدفين لصفر، وأتذكر جيدا أننا وفقنا في القيام ب32 تمريرة دون أن نضيع الكرة. - وما هو أحسن هدف سجلته في مشوارك الكروي؟ وأحسن ذكرى لا تزال تحتفظ بها؟ طبعا هي نيل مولودية وهران كأس الجزائر لأول مرة في حياتها الرياضية. - وأسوأ ذكرى؟ الإصابة التي تلقيتها في الذراع اليمنى سنة 1976 أدخلت إثرها المستشفى وتعرضت بعدها لإهمال قاتل. - وماذا تقول للحمراوة الذين تناقص عددهم كثيرا فوق المدرجات وابتعدوا كثيرا عن مؤازرة المولودية في السنوات الأخيرة؟ لهم الحق في الابتعاد أمام كثرة المشاكل التي نخرت بيت مولودية وهران، وأنا شخصيا سئمت من كل ما كان يحدث فيها، فهو شيء غير مشرف لها ولكل أسرتها ويمس بسمعة وشخصيات لاعبيها، خصوصا القدامى منهم الذين صنعوا مجدها في أيام عز الكرة الجزائرية. - مهدي، ما هو الفرق بين جيلكم والجيل الحالي من اللاعبين؟ الفرق في حب جيلنا للقميص والذود عن ألوان الفريق الذي نمارس فيه، ولا ينكر أحد أنه رغم الإمكانات القليلة التي كنا نتوفر عليها مع أنديتنا، إلا أننا كنا نصنع ونمنح المتعة لمن يلج الملاعب ويملأ المدرجات، عكس الوقت الحالي حيث أصبح هم اللاعب ما يحصل عليه من مال، رغم أن ذلك حقه لكن ليس بهذه المبالغة، ثم أين هو المقابل الكروي المنتظر منه؟ أرجو أن يكون مشروع الاحتراف طلة خير على الكرة الجزائرية وأن يضع الأمور في نصابها. - وبعد سنوات من العطاء فوق الميادين، أين يقضي مهدي أوقات فراغه؟ لا أزال في ميادين كرة القدم، فما نتله من تحصيل كروي وخبرة أضعها لفائدة اللاعبين اليافعين الممارسين في مدارس كررة وهذا منذ سنة .1977 - وكيف نختم هذا الحوار؟ بشكر جريدتكم المحترمة التي تذكرتني ومنحتني هذه الفرصة، وبسؤالي الله عز وجل أن يصلح حال الكرة الجزائرية ومعها فريقي المحبوب مولودية وهران