عرض بمتحف سينماتاك وهران الفيلم الوثائقي «التحقوا بالجبهة من أجل تحرير الجزائر»، الذي أخرجه الفرنسي جون أسيلماير وبرمج ضمن الاحتفالات المخلّدة لخمسينية الاستقلال، وكذا اليوم الوطني للهجرة الذي احتفلت به بلادنا في 17 من الشهر الجاري، تخليدا لأحداث 1961 التي راح ضحيتها آلاف الجزائريين الثائرين على فرنسا المستعمرة في عقر دارها مطالبين بالحرية والاستقلال. يسلّط الفيلم الضوء على قضية «الأقدام السوداء» بالجزائر والشخصيات الفرنسية التي تبنّت القضية الجزائرية إبان الثورة التحريرية، وأبرزت مواقف بطولية في مساندتها لعدالة مطالب الشعب الجزائري رغم محاولات الردع والتخويف التي انتهجتها فرنسا ضدّهم رافضة بشدّة تعاطفها ووقوفها المعنوي والمادي إلى جانب الثورة الجزائرية. وقد تمكّن المخرج على مدار ساعة كاملة من العرض، من إماطة اللثام عن جملة من الحقائق التاريخية والشهادات الحية التي أدلى بها عدد من «الأقدام السوداء» الذين ساندوا الثورة الجزائرية على غرار المجاهدة الفرنسية السيدة آني ستاينر وهي إحدى المناضلات التي انخرطت في صفوف جبهة التحرير الوطني بولاية سطيف قبل سن العشرين وتمّ توقيفها عام 1956، حيث أكّدت أمام كاميرا جون أسيلماير أنّها تفتخر بجزائريتها وبكلّ ما قدّمته للجزائر خلال الفترة الاستعمارية، وبالرغم من المشاكل والصعوبات التي واجهتها أثناء مسيرتها النضالية وتعرّضها لكلّ أنواع التعذيب والاعتداء، إلاّ أنّ إيمانها بالقضية الجزائرية آنذاك وحقّ الشعب في تقرير مصيره جعلها تصمد وتقاوم بشراسة، حيث كشفت أنّه زج بها في 6 سجون كاملة بداية بسجن «بربروس» الذي ضمّ العديد من الجزائريين زيادة على سجون فرنسية أخرى. ولم يكتف مخرج الفيلم الوثائقي بتسليط الضوء على السيدة ستاينر، بل عرض كذلك شهادة أخرى للأرجنتيني روبرتو مونيز الذي حارب الظلم بمختلف أشكاله في بلاده قبل أن يرحل إلى الجزائر التي ناضل بها ضدّ المحتل الفرنسي، حيث التحق بصفوف جبهة التحرير الوطني ونظّم العديد من اللقاءات السرية للحركات النقابية بالأرجنتين بهدف مناقشة مسائل ثورية تتعلّق بالجزائرالمحتلة. مشيرا في تصريحاته إلى أنّه صنع عدّة أنواع من الأسلحة كان يساعد بها جبهة التحرير الوطني. وقد اختار مخرج الفيلم شخصيات تاريخية حقيقية استمد منها الحقائق التاريخية لفرنسا أثناء تواجدها بالجزائر وقمعها للثورة التحريرية والتي لازالت لحد الآن تخفيها الحكومة الفرنسية، لأنّ كشف الحقيقة يحتاج، حسب المخرج، إلى شهادات حية تؤرّخ لتلك الحقبة المهمة من تاريخ الجزائر المستقلة وتكون مرجعا لأجيال ما بعد الحرية، واستعان كذلك بشخصيات بطولية أخرى مثل المجاهد الراحل بيار شولي الذي يرفض أن يلقب بالفرنسي ذي الأصول الجزائرية، بل بمواطن جزائري محض، على حدّ تعبيره في الفيلم، وهو يعدّ أحد مؤسّسي جريدة «المجاهد» حيث قال بكلّ ثقة أنّه اهتم بالجزائريين ولازال كذلك... إلى جانب عرض شهادات حية لبعض المجاهدين الجزائريين على غرار عبد القادر قروج عضو الحزب الشيوعي الجزائري مدير جريدة «الجزائر الجمهورية» الزهير بستة.