احتضنت سينماتيك وهران أمس عرض الفيلم الوثائقي " التحقوا بالجبهة من أجل تحرير الجزائر " لمخرجه جون أسيلماير في إطار الاحتفاء بذكرى 17 اكتوبر 1961 و خمسينية الاستقلال , الفيلم يتناول مسألة الأقدام السوداء بالجزائر والشخصيات الفرنسية التي تبنت القضية الجزائرية ووقفت الى جانب الشعب الجزائري ضد المعمر الفرنسي , فأظهرت مواقف بطولية رغم تعرضها للضغط من طرف الحكومة الفرنسية التي لم تتقبل تعاطفهم مع الجزائريين و لم تسامحهم البتة على نضالاتهم و تأييدهم لفكرة التحرر وتقرير المصير . استطاع المخرج برؤيته الاخراجية المميزة وعلى مدار 62 دقيقة أن يبرز بعض الحقائق المبهمة برفعه اللثام عن بعض المسائل التاريخية التي كشفت على لسان مناضلين غير جزائريين على غرار المجاهدة الفرنسية السيدة "آني ستاينر" وهي إحدى المناضلات التي انخرطت في صفوف جبهة التحرير الوطني بولاية سطيف قبل سن العشرين وتم توقيفها عام 1956 ,حيث صرحت أمام كاميرا "جون أسيلماير" أنها تفتخر بجزائريتها وبكل ما قدمته للجزائر في الفترة الاستعمارية , فرغم مواجهتها لمشاكل جمة وتعرضها لكل أنواع التعذيب والاعتداء إلا أنها صمدت في وجه المحتل الغاشم و قاومته بكل ما أوتيت من قوة لأنها ببساطة آمنت بمفهوم الحرية واختارت أن تقف الى جانب الشعب الجزائري في أصعب المراحل الاستعمارية ,حيث كشفت هذه الأخيرة أنها زجت في ستة سجون بداية بسجن ''بربروس'' الذي ضم العديد من الجزائريين إضافة إلى سجون فرنسية أخرى. ولم يكتف صانع هذا الفيلم الوثائقي بتسليط الضوء على السيدة "ستاينر" بل وجه عدسات كاميراته نحو الأرجنتيني "روبرتو مونيز" الذي حارب الظلم بمختلف أشكاله في الأرجنتين أي قبل أن تطأ قدماه الجزائر التي يبدو أنها كانت الحلبة الحقيقية لإكمال نضالاته ضد المحتلين ,حيث التحق بصفوف جبهة التحرير الوطني و نظم العديد من اللقاءات السرية للحركات النقابية بالأرجنتين بهدف مناقشة مسائل ثورية تتعلّق بالجزائرالمحتلة، مشيرا في تصريحاته أنّه صنع عدّة أنواع من الأسلحة كان يساعد بها جبهة التحرير الوطني. اختار مخرج الفيلم الوثائقي أن تكون هذه الشخصيات مصدره التاريخي في ابراز الحقائق و كشف الخبايا التي أخفتها و لازالت تخفيها الحكومة الفرنسية ,ولأن كشف الحقيقة دوما يحتاج للمزيد من الأدلة و البراهين فإن هذا الأخير لم يكتف بالسيدة "ستاينر" والأرجنتيني "مونيز" ,بل حبذ أن تكون هناك شخصيات بطولية أخرى مثل المجاهد الفذ "بيار شولي" الذي يرفض أن يلقب بالفرنسي ذو الأصول الجزائرية بل مواطن جزائري بحت على حد تعبيره في الفيلم ، علما أن هذا الأخير هو أحد مؤسّسي جريدة "المجاهد" وقد صرح بكل ثقة أنه لطالما اهتم بالجزائريين و لازال كذلك . هذا إضافة إلى شهادات حية لبعض المجاهدين أمثال "عبد القادر قروج"عضو الحزب الشيوعي الجزائري وكذا مدير جريدة ''الجزائر الجمهورية'' الزهير بسة وغيرهم .