انطلقت، أمس، بالعاصمة المالية باماكو، أشغال اجتماع تنسيقي شارك فيه قادة هيئات أركان جيوش دول غرب إفريقيا في محاولة للتوصل إلى تفاهمات حول المقترحات التي سبق أن وضعها خبراء دوليون في مجال التخطيط العسكري من أجل استعادة السيادة على ولايات شمال دولة مالي. وينتظر أن يتم خلال الاجتماع توضيح حيثيات مخططات التدخل العسكري لاستعادة الدولة المالية سيادتها على ولايات غاو وتومبوكتو وكيدال والتي سبق أن وضع خبراء عسكريون عن دول المنطقة ودول غربية بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات دولية وإقليمية خطوطها العريضة بالعاصمة باماكو الأسبوع الماضي. ويعمل قادة جيوش دول "ايكواس" ضمن هذه الترتيبات على تحديد تعداد القوة التي ستوكل لها مهمة القيام بالتدخل العسكري وآليات تمويلها والوسائل العسكرية التي تتوفر عليها قبل عرضها على رؤوساء الدول للمصادقة عليها. ودخل قادة دول غرب إفريقيا المنضوون ضمن مجموعة "ايكواس" في سباق ضد الساعة من اجل وضع اللمسات الأخيرة على هذه الإستراتيجية قبل انقضاء آجال المهلة التي منحها مجلس الأمن الدولي لهذه الدول من أجل صياغة مخطط عملي لتمكين الحكومة الانتقالية في باماكو من استعادة سيادتها على أجزاء واسعة من شمالها التي سقطت بين أيدي تنظيمات إسلامية متطرفة وأخرى إرهابية. وينتظر أن تسلم الخطة قبل انتهاء مهلة مجلس الأمن المحددة بيوم 26 نوفمبر الجاري. ويبدو أن دول غرب إفريقيا وجدت صعوبة في وضع الخطوط العريضة لهذه الخطة بالنظر إلى إمكانياتها العسكرية المحدودة وعدم جاهزية قواتها في الاضطلاع بمهمة بمثل هذه الحساسية في دولة تعيش على فوهة بركان بسبب احتوائها على كل مقومات تفككها في ظل غياب سلطة مركزية قادرة على فرض منطقها على جميع سكانها. فالمهمة التي أبدت استعدادها للقيام بها ليست بالسهولة التي كانت تعتقد وخاصة وان مفهوم الحرب التي ينتظر أن تخوضها قواتها التي عبرت عن استعدادها لإرسالها إلى هناك ليست حربا تقليدية بين جيشين نظاميين، بقدر ما هي حرب تعتمد على الكفاءة العملياتية والمعرفة بأرض المعركة وتضاريسها الصعبة وعدو لا يظهر إلا من خلال تنفيذ كمائن مدروسة مستغلا في ذلك معرفته الجيدة بخبايا أسرار القتال ضمن مفهوم حرب العصابات التي تعتمد عادة على عنصر المفاجأة وعمليات الكر والفر. ويكون أعضاء مجلس الأمن الدولي قد تفطنوا لهذه الحقائق وهو ما جعلهم يمنحون مهلة شهر ونصف كامل لتمكين هذه الدول من وضع تصور واضح لأية عملية تدخل عسكري في شمال مالي وطالبوا بتضمين الخطة كل الاحتياجات المالية واللوجيستية الضرورية لحسم المعركة في اقرب وقت على اعتبار أن كل إطالة في أمد المواجهة سيؤدي إلى انزلاق امني وعسكري ستمس عدواه كل دول المنطقة الأخرى. ورغم أن دولا غربية مثل فرنسا وألمانيا والولاياتالمتحدة أبدت استعدادها لتمكين القوات الإفريقية من العتاد العسكري الذي تحتاجه إلا أنها ليست متأكدة أن ذلك سيكون كافيا لتحقيق نصر "فوري" على مقاتلي تنظيمات تمرست على حرب الصحراء وفيافي منطقة الساحل رغم الفكرة الداعية إلى إقحام طيران دول مثل فرنسا أو الولاياتالمتحدة في مهام محددة لقصف معاقل ومناطق تواجد عناصر التنظيمات الإرهابية المستهدفة من هذه العملية. وهو ما جعل قائد هيئة أركان الجيش المالي الجنرال صومايلا باكايوكو يؤكد أن اجتماع أمس يهدف إلى تحقيق تفاهم فوري وسريع حول مفهوم العملية لمساعدة مالي في اقرب وقت لاستعادة شمالها" وقال في رسالة طمأنة باتجاه الدول الغربية "يمكنني أن أؤكد لكم أننا مستعدون للعب دورنا على أكمل وجه". والإشارة هنا واضحة إلى الموقف الذي ينتظر أن يصدره قادة هيئات أركان جيوش غرب إفريقيا حول "المفهوم الاستراتيجي "لاستعادة شمال مالي الذي سبق لخبراء من دول المنطقة والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدةوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي أن وضعوه.