استضافت “الجاحظية” في إطار نشاطها الأسبوعي وبمناسبة الاحتفال بخمسينية الاستقلال الوطني الأستاذة رقية يحياوي لمحاضرة ألقتها تحت عنوان ”جميلة بوحيرد في الرؤية الشعرية عند نزار قباني وبدر شاكر السياب” وقد حضر المحاضرة شريحة من المثقفين وجمهور “الجاحظية”. استهل الكلمة الأستاذ محمد تين رئيس جمعية الجاحظية الذي طلب من الحضور قراءة الفاتحة على أرواح شهداء غزة لتتساءل الأستاذة رقية يحياوي من جامعة تيزي وزو لماذا اخترت جميلة بوحيرد في شعر نزار والسياب؟ وتجيب الأول معروف بشاعر المرأة ومن هنا كيف نظر قباني إلى جميلة بوحيرد كشاعر؟ ومن جهة أخرى، كيف نظر السياب الذي كان منتميا إلى الحزب الشيوعي إلى المجاهدة الجزائرية جميلة، وتضيف الأستاذة رقية في تقديمها لرؤية الشاعرين أننا نجد مستويين مستوى مشاهدة عيان ومستوى ضمني، كما نجد اختلافا في الرؤية، فعند نزار نجد الحس الجمالي هو الركيزة التي يبني عليها قصيدته، بدءا بالعنوان باعتباره هو السلطة الأولى في النص، فقصيدته عنوانها “جميلة بوحيرد”، وهو رمز تاريخي واسم علم وعينة عن بطولات المرأة الجزائرية، وتضيف المحاضرة في تحليلها لعنوان القصيدة أنه جملة اسمية لخبر محذوف يترك القارئ يضيف الخبر كما يريد كما نلاحظ أن علاقة العنوان بالنص في المتن أصبحت خبرا، وتكرر اسم جميلة أربع مرات ليتحول عند نزار إلى ابتهالات، حيث استطاع الشاعر أن يدمج ما هو تاريخي فيما هو جمالي، حيث تضافر الواقع بالمتخيل . يقول نزار قباني: «الاسم جميلة بوحيرد رقم الزنزانة تسعونا في السجن الحربي بوهران والعمر اثنان وعشرونا عينان كقنديل معبد والشعر العربي الأسود كالصيف ... كشلال الأحزان” وتضيف المحاضرة: نجد البطلة الايجابية، فجسد المرأة داخل النص ليس جسدا أنثويا، فجميلة في النص تتحرك داخله، حيث يصور الشاعر الجسد النهدين، الشعر، العينين، حيث لا يكون ترفيها بل يتحول إلى دلالات ورؤية رهيبة، الجسد العربي حامل لهوية جمعية، أطول نخلة، الجسد الخمري الأسمر، حيث نجد القرائن النصية “الجسد الثائر الذي أتعب الشمس”: “الاسم جميلة بوحيرد .... أجمل أغنية في المغرب ..أطول نخلة ..لمحتها واحات المغرب ..أجمل طفلة أتعبت الشمس ولم تتعب” وتخلص المحاضرة إلى أن الشاعر نزار نظر بمنظار شاعر الجسد، بينما الشاعر العراقي بدر شاكر السياب نظر لجميلة نظرة مختلفة، فعنوان قصيدته: “إلى جميلة بوحيرد” حيث يقول: «لا تسمعيها إن أصواتنا تخزى بها الريح التي تنقل باب علينا من دم مقفل، ونحن في ظلمائنا نسأل من مات ؟ من يبكيه ؟ من يقتل من يصلب الخبز الذي نأكل ....” وترى المحاضرة أن شعر السياب يرسم موقع الجمع “نحن” الظلامي، وفي المقطع الثاني من القصيدة آلام جميلة ثم مساعي العدو، كما نجد البطولة الخارقة في جميلة بينما نحن نمثل السبات الذي توقظه البطلة جميلة بوحيرد، فيعتمد على السرد، حيث تصبح عنده جميلة إلهة الخصب عشتار، فنجد في قصيدته البعد الأيديولوجي والديني، حيث تصير جميلة قضية، حيث حركت البطلة الضمير الجماعي فأصبحت تمثل اليقظة القومية العربية فيقول: «عشتار أم الخصب والحب وللاحسان تلك الربة الوالهة لم تعط ما أعطيت لم ترو بالأمطار ما رويت قلب الفقير” وتخلص الأستاذة رقية يحياوي في نهاية محاضرتها التي اتسمت ببعض التعليقات بالقول: “نزار نظر إلى جميلة بمنظار شاعر الجسد، بينما السياب نظر لها بمنظار اليقظة القومية العربية، واسمها رمز يمثل جميلات هذا الوطن.