فنان شارك في تهذيب التراث الشعبي التونسي في النوبة، وخاض تجربة الحضرة مع فاضل الجزيري لجمع الغناء الصوفي التونسي القديم، وقدم المالوف التونسي والابتهالات الدينية، ومع ذلك لم يتغافل عن القضايا العالمية والعربية، فغنى عن ساراييفو، وعن العراق وأطفال الحجارة، انتهج رؤية جديدة في الأغنية التونسية رفقة الشاعر آدم فتحي، فمزج بين العاطفي والسياسي وبين الموسيقى الأصيلة والاجتهادات المجددة، ولم تقل مساهماته في الأغنية العربية عنها في بلاده، إذ لا تخلو حفلاته من المواويل العراقية والأغاني الخليجية أو المصرية والقدود الحلبية، فاكتسب شهرة عربية واسعة، كان ولا يزال سفيرا للنوايا الحسنة، إنه الفنان القدير لطفي بوشناق الذي التقته ”المساء” مؤخرا، وأجرت معه الحوار الآتي: هل لنا أن نتعرف أكثر على الفنان لطفي بوشناق؟ فنان وعازف عود تونسي من أصول بوسنية، ولد سنة 1952 في تونس العاصمة، من أبناء الرشيدية، قدمت العديد من الفنون الغنائية العربية.
شاركت مؤخرا في مهرجان السماع الصوفي بسطيف، ما رأيك فيه؟ كم نحن بحاجة لدعم الثقافة في العالم العربي، فهذه المهرجانات هي جسر تواصل بين الشعوب حتى نثقف شبابنا بالموسيقى، المسرح، السينما وجميع الفنون، لأنني شخصيا أعتقد بأنه من أهم الأسلحة المتبقية في أيدي العرب لتثبيت الهوية، تبليغ الرسالة، تلميع الصورة وخلق حركية حتى لا يحيد شبابنا إلى طرق أخرى، فالثقافة هي التي تجمعه بالأنشطة الثقافية، وهي التي تكبره وتوصله إلى العالم، وهي بمثابة متنفس، فحياتنا صعبة ومشاكلنا كبيرة، فالثقافة والفن من أهم الأمور التي نحب التركيز عليها في هذه الظروف بالذات.
مزجت بين الأغنية والإنشاء، كيف كان ذلك؟ الغناء الصوفي يختلف عن غيره في المواضيع، فعندما أغني على الوطن وأنا فوق المسرح، لابد أن أرتقي إلى الدرجة الثانية، نفس الشيء عندما أغني على الله والدين، وكذا حين أغني على الحب الراقي، فحياتنا خالية من الحب، لهذا ندعو إلى الحب والسلام، وعلى الفنان أن يكون متنوعا ويغني في مواضيع مختلفة، شرط ألا يكون متطفلا على نمط غنائي ليس بحجمه ولا باستطاعته، وأتمنى ألا أكون متطفلا في أي تجربة عشتها.
في ضل الثقافات الدخيلة والأغاني الهابطة، ما مصير الإنشاء الديني؟ هذا موضوع حساس جدا، ويعني أنني أتحمل مسؤولية في كل لقاءاتي عبر العالم، فنحن في الوطن العربي لدينا أكثر من ألف وخمس مئة قناة فضائية تكلف مليارات الدولارات، ولو بحثنا عن القناة التي تعبر عن ماضينا، حاضرنا ومستقبلنا، فهي غير موجودة، ونحن في أمس الحاجة إلى وسائل إعلام عربية تختص بالثقافة العربية وبالمبدعين الذين أعطوا الكثير للساحة العربية، فلم يتبقى لنا سوى ثقافتنا، وهذا لا يمنع علينا التفتح على الثقافات الأخرى، لكن لا بد أن نكون متشبعين بثقافاتنا أولا، وأتمنى مستقبلا الأفضل للإعلام الثقافي العربي حتى نثبت هويتنا.
السماع الصوفي التونسي متميز وله خصائصه، حدثنا عنه؟ قدمت خلال المهرجان مزيجا بين التونسي والشرقي والأغاني التونسية التي قدمتها، عملت فيها على الإنسجام بين المجموعة الصوفية، وخاصة ما تعلق منها بالأداء التونسي والارتكازات على النغمة التونسية المضبوطة، وقد قدمت ثلاث وصلات غنائية؛ ”ابدأ باسم الله”، ”أكبر في رسول الله” و«وبيض الملائكة”.
ما هي رسالتكم للشباب العربي ونحن نعيش في مثل هذه الظروف السياسية المتدهورة؟ رسالتي أوجهها إلى المسؤولين عن هذه الأمة، وأقول لهم؛ اتقوا الله في هؤلاء الشباب وفي تاريخ، حاضر ومستقبل هذه الأمة، وادعوا لهم أن يوفقهم الله للوصول بها إلى شاطئ السلام، لأن الشباب العربي ضحية، ولكن يبقى دائما الأمل قائما والقادم أفضل، فسياستي كفنان هي الواجب يساوي الحق والحق يساوي الواجب.
ما هي أمنياتكم لتونس والأمة العربية بمناسبة العام الجديد؟ أتمنى أن يعم السلام ويأخذ كل ذي حق حقه، فأنا لا أجد الكلام للتعبير عما نشاهده اليوم، وأثاره في البلدان العربية الشقيقة والوطن العربي يستهدف علينا الانتباه وأن نكف عن الكلام ونعمل لكي لا نكون كبش فداء لأعدائنا.