أن يجد الأطفال فضاء يجمعهم ويُّمكنهم من التعبير عن مواهبهم وتنميتها، فهو أمر في غاية الإيجابية، بل ضرورة مستعجلة، وهو ما ظفر به الأطفال حينما وجدوا في مكتبة قصر الثقافة”كان يا مكان”، ما يحتاجونه وهم في هذا العمر الغض والرهيف. اقتربت “المساء” من أطفال منخرطين بمكتبة الأطفال بقصر الثقافة، التي تعد أول مكتبة منهجية خاصة بالأطفال في الجزائر، وشاركتهم بعض هواياتهم وافراحهم وحتى جلبتهم التي يحدثونها حينما يدخلون الفضاء وقبل أن يتوجهوا فرادى إلى نشاط المنخرطين فيه وكانت الفرحة أكبر باحتفال الأطفال بالمولد النبوي الشريف حيث قام بعضهم بصنع شموع من الورق كما سعدوا كثيرا الحناء التي زيّنت اياديهم الصغيرة ولم يتوقفوا عن اللعب بالبالونات الملونة إلا بصعوبة. وهكذا تفتح مكتبة الأطفال “كان يا ماكان” لقصر الثقافة أبوابها يوميا لكل طفل يهتم بإجراء بحث مدرسي أو يرغب في الالتحاق بقاعة المطالعة، وكل امسية ثلاثاء يلتقي الاطفال المنخرطون في المكتبة للمشاركة في الورشات المنظمة في هذا الفضاء حول المسرح والغناء والرقص والتلوين والرسم وتعلم اللغة الفرنسية واللغة الانكليزية، وفي هذا السياق قالت صبرينة (8سنوات) أنها سعيدة بانخراطها في المكتبة، خاصة بعد مشاركتها في ورشة المسرح، لأن السنة الفارطة كانت تأتي إلى هذا الفضاء لكي تطالع الكتب فقط. أما بشرى (10سنوات) فقد شاركت العام الماضي في ورشة المسرح وسرد الحكايا، وذكرت أنها تحب طريقة تلقين الأستاذ للتمثيل المسرحي. في حين تدرس مريم (11سنة) اللغة الفرنسية والرقص أيضا، وذكرت أنها رفضت أن تلعب في مسرحية دور اخت سندرلا الشريرة، بل ارتأت أن تمثل دور باربي، بينما تلعب أناييس دور سندرلا في المسرحية. اما ماريا (8 سنوات)، فعبرّت عن شغفها بالمطالعة باللغتين العربية والفرنسية إضافة إلى حبها للرقص. بالمقابل، أشار السيد إبراهيم خليل زعتر، مسؤول ورشة المسرح ومستشار ثقافي بقصر الثقافة ل”المساء”، أن كل أمسية ثلاثاء تنظم على مستوى مكتبة الاطفال، ورشات عديدة ومن بينها ورشة المسرح التي يشرف عليها، والمكتبة تفتح ابوابها في الاسبوع الأول من العطل المدرسية لجميع الاطفال، وهكذا يتعرف الاولياء واطفالهم على المكتبة ووظائفها، وكذا الورشات المنظمة في اطارها، كما يتم في نفس الفترة تنظيم معرض الكتاب بمشاركة دور النشر الجزائرية، علاوة على تقديم مسرحيات وعروض للمهرجين وسرد الحكايات. وقال المتحدث أنه بصدد التحضير لمسرحية يقدمها في عيد الطفولة الموافق لاول جوان، مستطردا أن كل الأطفال وعددهم يزيد عن عشرين طفلا، سيشاركون في المسرحية التي لم يتحدد نصها بينما سيكون موضوعها حول العيد الخمسين لاستقلال الجزائر. ونوّه المتحدث بهذه النشاطات التي تقدمها المكتبة وقال أنها مفيدة للأطفال وهذا في تنمية مواهبهم وملء فراغاتهم بما يحتاجونه. كما اضاف أنه يقوم رفقة المنشطين الآخرين وبالتعاون مع الاولياء بتوجيه الاطفال نحو النشاطات التي يحبونها ويستفيدون منها، طالبا في السياق، بتشجيع هذا الفعل الذي يخدم هذه الفئة من المجتمع والذي اعتبره نادر الحدوث، وهذا حتى ينشأ في المستقبل رجال ونساء يحبون المطالعة ويعشقون الفن والثقافة. من جهتها، قالت السيدة درواز ريم، مدرّسة اللغة الفرنسية للأطفال بالمكتبة ل”المساء”، أنها تستعمل الاغاني والعزف على آلة القيتار لتعليم الاطفال ابجديات اللغة الفرنسية. مضيفة أنها تحاول أن تنسي الاطفال ضوابط المدرسة وان توفر لهم فضاء مرحا يدرسون ويتمتعون فيه في آن واحد، خاصة أن المستوى الدراسي للاطفال ضعيف. وأضافت المتحدثة، أنه نظرا للمستوى الضعيف للأطفال في اللغة الفرنسية، تجبر على الحديث باللغتين الفرنسية والعربية في آن واحد. مضيفة أنها تحاول إخراج الاطفال من قوقعتهم وان تزيل عنهم عقدتهم تجاه اللغة الفرنسية، حيث أنها لا تلح على الطفل حينما لا يستطيع أن يجيب بالفرنسية على أسئلتها. للإشارة، يتعلم الطفل في مكتبة “كان يا مكان” كيف يبحث على الكتب في الفهرس وكيف يحصل على الكتاب، علاوة على تحصله على بطاقة المكتبة وتمتعه بحق الاستعارة الخارجية، وهكذا يتسلح الطفل بالثقافة المكتبية التي تصاحبه طيلة حياته، والدليل على ذلك التحاق البعض بمكتبة الكبار بقصر الثقافة بعد أن كانوا في وقت مضى منخرطين في مكتبة الصغار، هذه الأخيرة التي تضم حسب آخر احصاء 4912 كتابا باللغة الفرنسية و3393 كتابا باللغة العربية مختلف المجالات، ليكون هذا الفضاء مشجعا للمطالعة عن طريق المرح وممارسة النشاطات المختلفة.