استيقظ الفنزويليون، ومعهم العالم، أمس، على خبر وفاة الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بأحد المستشفيات العسكرية بالعاصمة كراكاس بعد صراع مرير مع مرض السرطان دام عامين. وأعلن نيكولاس مادورو، نائب الرئيس الفنزويلي والمرشح القوي لخلافة الرئيس الراحل في بيان أذيع في التلفزيون مباشرة من المستشفى العسكري الذي كان يرقد فيه شافيز، أن هذا الأخير البالغ 58 عاما توفي في الساعة الرابعة وخمس وعشرين دقيقة عصرا بالتوقيت المحلي أي بحدود الحادية عشرة ليلا من مساء أول أمس بالتوقيت العالمي. وقال إن "الشعب الفنزويلي قد تقلى بذلك أقسى خبر". وفور إذاعة خبر الوفاة انتشرت قوات من الجيش والشرطة في شوارع العاصمة الفنزويلية ومدن أخرى تحسبا لأي اضطرابات. وبينما أعلن الحداد لسبعة أيام قالت السلطات الفنزويلية إن جثمان شافيز سيسجى في بهو الأكاديمية العسكرية في كراكاس من أجل إلقاء النظرة الأخيرة عليه قبل أن تقام له مراسم تشييع وطنية غدا الجمعة بحضور العديد من قادة العالم. وكان شافيز قد أدخل إلى المستشفى العسكري بكراكاس في 18 فيفري الماضي بعد رحلة علاج إلى كوبا استمرت لأكثر من شهرين، حيث أجرى عدة عمليات جراحية وهو الوضع الصحي الذي لم يعد يسمح له بممارسة مهامه كرئيس للدولة حتى أنه لم يتمكن من أداء اليمين الدستورية التي كانت مقررة في العاشر من شهر جانفي الماضي بعد انتخابه لعهدة رئاسية جديدة وهو الذي كان قاد البلاد ل14 سنة ماضية.ولكن إعلان السلطات الفنزويلية الشهر الماضي عن عودة شافيز إلى البلاد لاستكمال العلاج بأحد مستشفيات كراكاس مع نشر صورة له وبث رسائل كتبها عبر موقعه على توتير أعاد آمال الفنزويليين في إمكانية شفاء رئيس تميز بشخصية كاريزمية أهلته لأن يوصف بالرجل القوي ويحظى بشعبية كبيرة في أوساط شعبه الذي لم يخذله عندما تعرض لعملية انقلاب عام 2002 وخرج إلى الشوارع بقوة للمطالبة بإعادته إلى السلطة.وهو ما جعل خبر وفاة شافيز وهو لم يتجاوز عقده السادس ينزل كالصاعقة على عامة الشعب الفنزويلي وكل محبيه عبر العالم رغم أن الحكومة الفنزويلية كانت استبقت خبر الوفاة بإعلانها أول أمس تدهور حالته بشكل جد خطير وانه في حالة صحية صعبة. وشافيز القائد اليساري الذي حكم فنزويلا طيلة 14 عاما كان يستغل كل الفرص للتوجه بخطابات إلى شعبه الذي كان يخاطبه كل أسبوع خلال برنامج اسمه "ألو يا رئيس" وأحيانا كان يقوم خلال هذا البرنامج بالرقص والغناء. وبوفاته يدخل شافيز التاريخ كأحد أكثر زعماء أمريكا اللاتينية إثارة للجدل فبينما كان مؤيدوه يلقبونه ببطل الفقراء اعتبره خصومه مستبدا في حين كان هو يفضل تسمية الجندي الثائر بطل حركات الاستقلال في أمريكا الجنوبية. وكان تولى منصب الرئاسة بفنزويلا منذ عام 1999 بعد حياة ثورية طويلة وهو يعرف بحكومته ذات السلطة الديمقراطية الاشتراكية واشتهر بمناداته بتكامل أمريكا اللاتينية السياسي والاقتصادي. كما عرف عنه مناهضته الشديدة للولايات المتحدة وسياساتها الخارجية وكان لا يفوت فرصة للتعبير عن معاداته لحلفاء الولاياتالمتحدة. حتى أنه قال غداة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2009 بأن إسرائيل قامت ب«محرقة" في غزة وطالب "بمحاكمة الرئيس الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية وكذلك الرئيس الأمريكي". وكان يعلن صراحة تقاربه مع "أعداء الأعداء" كالرئيس الكوبي فيدال كاسترو والإيراني محمود أحمدي نجاد اللذين كان يعتبرهما بمثابة "الأخوين". وأدان التدخل العسكري لحلف الناتو في ليبيا بعدما أبدى دعمه للزعيم الليبي السابق معمر القذافي الذي قتل اثر ذلك التدخل. وبقدر ما شكلت وفاة شافيز صدمة في فنزويلا فإنها عمقت الشكوك حول المرحلة الانتقالية وتنظيم الانتخابات المبكرة المقررة في غضون شهر وفقا للدستور الفنزويلي خاصة وسط الجدل القائم بين الحكومة والمعارضة حول الشخصية المفروض أن تتولى قيادة البلاد خلال هذه المرحلة. فبينما أوكلت الحكومة نائب الرئيس مودور لقيادة البلاد خلال الفترة الانتقالية التي تسبق الانتخابات الرئاسية وهو الذي يبقى المرشح القوي لخلافة شافيز خاصة بعد إعلان الجيش الولاء له، تصر المعارضة على تولي رئيس المجلس الوطني ديوسدادو كابلو الرئاسة بالوكالة إلى حين تنظيم الانتخابات.