أظنك، عزيزي القارئ، عشت شعورا متناقضا حين شاهدت مراهقا أو شابا في العشرينات من العمر يجوب الشوارع مختالا بتسريحته الجديدة، التي حاول من خلالها أن يقلّد آخر طلة لنجم الراب أو أحد نجوم كرة القدم أو حتى أحد مغني البوب ممن يحب ويتابع... الشعور الأول هو عدم الرضا على حاله، والثاني هو الشفقة؛ لأنك ترى أنه صغير ولم يدرك بعد حقيقة الأمور، فتجد له عذرا، وهو أنه لم يجد الرعاية التامة من الأسرة التي من المفترض أن توكَل لها مهمة تلقين الطفل أسس اكتساب الرجولة والشخصية السوية والشخصية المستقلة أيضا، خاصة أننا حين نغوص في عمق الظاهرة نلاحظ أن بعض التسريحات أصبحت لغة إشارة ودلالة بين المثليّين، ليزيد الطين بلة، كما يقال، فهي وسيلة جديدة للهروب من عين المجتمع الرافضة لمثل هذه العلاقات البعيدة كل البعد عن الطبيعة البشرية، والتي تُعتبر أيضا سببا مباشرا في الكثير من الأمراض الجنسية، وعلى رأسها السيدا عافانا الله وإياكم. اخترنا في هذا المقام توضيح الصورة لمن يجهل هذه الخلفيات الجديدة، والذي يختار التسريحات فقط بغرض الموضة والتشبه بأحد النجوم الغربيين. إن أكثر ما نأسف له أن نمارس التقليد بكل أبعاده دون البحث في خلفيات الظاهرة وتأثيراتها، وهي تسرق منا خصوصياتنا وتجعلنا نسير في متاهات كثيرة من عصارة العولمة، للأسف لا ندرك حقيقتها وخلفياتها، وهنا يكمن دور أعمدة التنشئة الاجتماعية في غرس الأسس السليمة لشخصية الفرد، الذي يعتمد عليه المجتمع اليوم وغدا، فما أحوجنا لشخصيات قوية بنّاءة ذات مواقف قوية، لا تحركها الموضة كدمية في مسرح الڤراڤوز! ولنا في تاريخنا الجزائري الكثير من الشخصيات التي شرّفت الوطن عبر التاريخ ومن الجنسين أيضا.