أكد الصحفي بالإذاعة الدولية الفرنسية، كريستوف بوابوفي، أنّ الصحافة الجزائرية قطعت أشواطا معتبرة من الاحترافية، وهي تتجه أكثر وأكثر نحو الاستقلالية والمصداقية. مشيرا إلى أن الكشف عن قضايا الفساد والرشوة كأزمة سوناطراك التي فجرتها الصحف الجزائرية، دليل على وجود صحفيين محققين يتمتعون بالخبرة ولهم مصادر خبر، وهو ما يعد مؤشرا رئيسيا من مؤشرات الديمقراطية التي تقاس بحرية التعبير في أي بلد. وفي محاضرة حول "الصحافة المحققة" نشطها أمس لفائدة طلبة المدرسة الوطنية العليا للصحافة ببن عكنون بالجزائر، توقف الصحفي بوابوفي عند دور الصحافة الجزائرية التي تتمتع بحرية ومصداقية منذ التعددية الحزبية والإعلامية في التسعينات. مشيرا إلى أن موضوعية ومصداقية الصحافة لا تتحقق إلا بتوفير جو ديمقراطي وضمان حرية التعبير وعدم التضييق على مصادر الخبر. وفي هذا السياق، ذكر المتحدث الذي سبق له أن قام بعدة مهمّات كصحفي محقق في إفريقيا، إلى معاناة الصحفيين بالدول التي عانت ولا تزال تعاني من أنظمة ديكتاتورية، مؤكدا أنّ الصحفي لا يستطيع إيصال رسالته الإعلامية في هذه الأنظمة التي تتحكم في وسائل الإعلام، والأمر نفسه بالنسبة للمناطق التي تعاني من تحكّم بعض الجماعات الضاغطة وأصحاب المال، وأحيانا الجماعات المافيوية وكارتلات المخدرات مثلما هو في المكسيك، وبعض دول أمريكا اللاتينية التي قتل فيها العديد من رجال الإعلام الذين حاولوا القيام بتحقيقات صحفية، وكشف البارونات التي تقف وراء ذلك من قبل هذه الجماعات المافيوية. وقد تحدث الصحفي خلال هذه المحاضرة عن مشوراه المهني في مجال الصحافة المكتوبة بمجلة "جون أفريك" وبالإذاعة، مقدما نصائح للطلبة لإنجاح مهامهم الصحفية مستقبلا خاصة في المناطق التي تشهد أزمات ومخاطر، وكيفية التحلي بالموضوعية والحياد. ومن جهة أخرى، أبدى الصحفي الفرنسي رفضه لدفع الفدية للتنظيمات الإرهابية لتحرير الرهائن المختطفين، مؤكدا ضرورة الحرص على التزام الشفافية في التفاوض مع هذه التنظيمات لتفادي التأويلات حول الملابسات والظروف التي يتم فيها إطلاق سراح الرهائن. وذكر الإعلامي بوابوفي الذي كانت له عدة مهمات صحفية في إفريقيا، بتصريحات وزير الدفاع الفرنسي السابق جيرار لونغي الرافض لدفع الفدية للجماعات الإرهابية، مؤكدا بأنّ فرنسا لها عقيدة تقضي بعدم تمويل وتشجيع الإرهاب، حيث اقترح البحث عن أساليب للتفاوض لحماية أرواح الرهائن من الموت على يد هذه الجماعات. وفي هذا السياق، أيد الصحفي موقف الجزائر التي ترافع من أجل تجريم دفع الفدية، وهو الموقف الذي يلقى مساندة من كبرى الدول المناهضة للإرهاب كالولايات المتحدةالأمريكية، بريطانيا ودول الجوار في القارة الإفريقية. وجاء تصريح الصحفي الفرنسي ردا على سؤال ل«المساء" على هامش محاضرة نشطها بالمدرسة العليا للصحافة بالجزائر أمس، حول موقفه من هذه القضية، بعد الضجة التي عقبت تحرير الرهائن الفرنسيين السبعة يوم الخميس الماضي في الكاميرون، بعد أن اختطفوا من طرف جماعة بوكو حرام النيجرية، حيث اشتد الجدل في فرنسا بشكل لافت مباشرة بعد إطلاق سراح هؤلاء الرهائن الذين ينتمون إلى عائلة واحدة، واحتمال أن تكون فرنسا قد دفعت فدية لتحريرهم كما ذكرته بعض الجهات الإعلامية. ورغم نفي السلطات الفرنسية بما فيها الرئيس فرنسوا هولاند هذا الاتهام، وكذا الرئيس الكاميروني بول بيا الذي نفى من جهته أن يكون قد تلقى أموالا وسلمها للجماعة المختطفة مقابل تحرير الرهائن، فهناك مصادر إعلامية أكدت وجود احتمالات الدفع. وبهذا، وجدت فرنسا نفسها في موقف المدافع عن نفسها من هذه المصادر، التي ذكرت أن دفع الفدية يتناقض مع موقف فرنسا في منطقة الساحل الرامي إلى محاربة الجماعات الإرهابية من خلال الحرب في مالي، ودفع الفدية لهذه الجماعات مقابل تحرير الرهائن، علما أن هذه التنظيمات الإرهابية تستعمل هذه الأموال لشراء الأسلحة لمواجهة الجيش الفرنسي في مالي الذي يقود حربا ضدها، وبالتالي فإن كان الأمر كذلك "ففرنسا تقود حربا ضد جيشها".