تتطلع الجزائروفرنسا إلى شراكة اقتصادية متكاملة في الفروع الصناعية، لاسيما من خلال تثمين المشاريع المشتركة التي تم التوقيع عليها في الفترة الأخيرة ودعمها بعمليات جديدة تشترك فيها مؤسسات البلدين في إطار شراكة متكافئة وربحية في عدد محدد من المجالات التي تنوي الجزائر التركيز عليها ضمن استراتيجية النهوض بالقطاع الصناعي وجعله المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية. فضمن هذا المنظور، تم تحديد أهداف منتدى التعاون الاقتصادي الجزائري-الفرنسي الذي اختتمت أشغاله أمس بالجزائر، وعرف مشاركة نحو 180 مؤسسة صغيرة ومتوسطة من البلدين، أجرت خلال هذا الفضاء الاقتصادي الهام لقاءات مهنية سمحت بتبادل الخبرات واستكشاف الفرص المتاحة لنسج علاقات تعاون وشراكة ذات قيمة مضافة للطرفين. كما تندرج ضمن هذا المنظور دعوة وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، السيد شريف رحماني، إلى تعزيز الإرادة المشتركة القوية المعبر عنها من قبل قيادتي البلدين لتعزيز المحور الفرنسي- الجزائري ضمن الفضاء الاورومتوسطي وجعله نموذجا للتنمية المتوازنة، مبرزا ضرورة جعل التعاون في الفروع الصناعية بعدا جديدا للعلاقات الاقتصادية الجزائرية- الفرنسية، حتى تكون أكثر نوعية ومشجعة للشراكات. وفي نفس السياق، أشار السيد رحماني الذي أشرف رفقة وزيرة التجارة الخارجية الفرنسية، السيدة نيكول بريك، على انطلاق أشغال المنتدى، إلى أهمية دعم المشاريع المشتركة التي باشرها البلدان في مجال الصناعة الميكانيكية بعمليات تكاملية في بعض الفروع الصناعية على غرار اللجوء إلى المناولة لإنتاج قطع الغيار، داعيا المؤسسات الفرنسية إلى الاستقرار في النسيج الصناعي الجزائري ومرافقة المؤسسات الجزائرية في مجالات نقل المهارة والتكوين في مختلف المجالات على غرار التسيير وإنشاء مناصب الشغل. وفي حين اعترفت الوزيرة الفرنسية بأن فرنسا ضيعت العديد من الفرص الثمينة في الجزائر، ملمحة في هذا الصدد إلى تأخر المؤسسات الفرنسية المتخصصة في مجال البناء وتهيئة المدن المستدامة في البرامج الضخمة التي أعلنتها الجزائر في قطاع السكن، أكدت في المقابل استعداد بلادها لإقامة شراكات صناعية مع المؤسسات الجزائرية، كاشفة بأن البلدين تمكنا من تسوية غالبية النزاعات التي كانت مطروحة أمام المؤسسات، ويرغبان الآن في المضي قدما نحو تجسيد مشاريع التعاون والشراكة التي تم ضبطها، وتحديد الفرص الجديدة المتاحة أمامهما. كما أبرزت المسؤولة الفرنسية الارادة القوية للبلدين في تكريس روح إعلان الشراكة والصداقة الذي وقعه رئيسا البلدين في 19 ديسمبر الماضي، والذي يأتي في إطاره تنصيب اللجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية-الفرنسية "كوميفا" التي ستعنى بمتابعة وتقييم مشاريع التعاون الاقتصادي وتسهيل تنفيذها في الميدان وضبط استراتيجيات الشراكة بين البلدين، معلنة بالمناسبة عن لقاء رفيع المستوى مرتقب بين الوزيرين الأولين للبلدين قبل نهاية السنة الجارية، وسيتم خلاله الإعلان عن مشاريع صناعية ملموسة تقوم بدراستها اللجنة المختلطة الجزائرية- الفرنسية. البلدان اللذان سجلا تطورا في علاقاتهما الاقتصادية خلال السنوات الاخيرة ولاسيما بعد زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، نهاية العام الماضي، وما رافقها من مراسم التوقيع على اتفاقيات وعقود تجسيد مشاريع حيوية في مجالات صناعية عدة، أبرزها الصناعة الميكانيكية والصناعة الصيدلانية، فضلا التركيز خلال المنتدى على عدد من الفروع الصناعية على غرار الصناعة الميكانيكية والصناعة الغذائية والصناعة الصيدلانية والبناء والاشغال العمومية ومجال البناء وتهيئة المدن، كما شكل اللقاء فرصة لوزيرة التجارة الخارجية الفرنسية التي حضرت الافتتاح الرسمي لمعرض الجزائر الدولي، وقامت بزيارة إلى الصالون الدولي لتجهيزات وتكنولوجيات وخدمات المياه بوهران، لبحث فرص بعث مشاريع شراكة جزائرية-فرنسية في قطاعي السكن والتجارة، حيث وقع البلدان بالمناسبة على مذكرة تعاون في مجال التجارة، ترمي إلى تطوير التجارة الخارجية من أجل تعزيز القدرات الوطنية وتنويع الصادرات خارج المحروقات، فيما تم الإعلان عن قرب التوقيع على اتفاقية للتعاون الثنائي في مجال السكن تشارك فيه المؤسسات الفرنسية-الجزائرية، مع اختيار أربع مؤسسات فرنسية للتكفل بالدراسات لإنجاز مجمعات مدمجة مكونة من 2000 إلى 5000 سكن وكذا التجهيزات العمومية عبر كامل التراب الوطني وذلك من بين 60 مؤسسة جزائرية وأجنبية متواجدة في القائمة المصغرة. وثمن الطرفان، بالمناسبة، المبادرة القائمة على الابتكار للمؤسسات الفرنسية في الجزائر وخاصة مشروع إنشاء مخبر لتطوير منتجات وأنظمة البناء بالجزائر من طرف المجمع الفرنسي "لافارج" الذي سينشأ في خريف 2013، وكذا تطوير هذا المجمع مع مكتب للهندسة المعمارية لمفهوم الحي-الايكولوجي الموجه للطبقة المتوسطة. أما بخصوص مشروع مصنع "رونو"، فقد أكد الرئيس المدير العام للفرع الجزائري لهذا المجمع بأن عملية إنجاز هذا المصنع تسجل تقدما وفق الرزنامة المحددة لها، مشيرا إلى أن بعثة من المجمع الفرنسي قامت لحد الآن بزيارة أكثر من 40 شركة جزائرية متخصصة في المناولة لتقييم نوعية العروض.